رسالة وداع على فيسبوك.. تفاصيل انهاء حياة محام شاب هزت الشرقية

في واقعة مأساوية هزت الوسط القانوني والشعبي بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، أقدم محامٍ شاب على إنهاء حياته شنقًا داخل مكتبه، في ظروف كشفت عن معاناته من أزمة نفسية شديدة.
وقد تلقت الأجهزة الأمنية بلاغًا بالعثور على جثمان الشاب داخل مكتبه، وسط حالة من الصدمة والحزن بين أسرته وأصدقائه وزملائه في المهنة.
بلاغ من المستشفى وتحرك فوري من الشرطة
البداية كانت عندما تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الشرقية إخطارًا رسميًا من مستشفى الأحرار التعليمي بمدينة الزقازيق بمحافظة الشرقية، يفيد بوصول جثة شاب يدعى «محمد عبدالعزيز»، يبلغ من العمر 35 عامًا، يعمل محاميًا ومقيم بمدينة الزقازيق، وقد تم نقله جثة هامدة.
على الفور، تحركت قوة من قسم شرطة ثان الزقازيق إلى مقر المستشفى، وتمت معاينة الجثمان والتأكد من وجود آثار تدل على الشنق، كما تم إخطار النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
شنق نفسه داخل مكتبه.. والتحريات تكشف عن حالة نفسية متدهورة
وبانتقال فريق البحث الجنائي إلى موقع الحادث بالشرقية، تبين أن الجثة عُثر عليها داخل مكتب المحامي الكائن بأحد شوارع مدينة الزقازيق، وقد استخدم حبلاً للتخلص من حياته شنقًا.
وأفادت التحريات الأولية أن المحامي كان يمر بحالة نفسية سيئة خلال الفترة الأخيرة، نتيجة ضغوط نفسية واجتماعية يُرجّح أنها تراكمت عليه، دون أن يشارك تفاصيلها مع المقربين منه، ما جعله عرضة للانهيار.
رسالة على «فيس بوك» قبل الحادث بدقائق
وفي تطور مؤلم كشف عنه الفحص الإلكتروني لحساب المحامي الشخصي على موقع «فيس بوك»، تبين أنه نشر رسالة قصيرة قبل الواقعة بدقائق معدودة، ألمح فيها إلى معاناته النفسية ونيته في إنهاء حياته، من دون أن يذكر الأسباب المباشرة.
الرسالة، التي تداولها عدد من أصدقائه بعد انتشار نبأ الوفاة، حملت نبرة حزن واستسلام، ما زاد من وطأة الفاجعة، ودفع الكثيرين للتعبير عن صدمتهم إزاء ما حدث، خاصة أنه لم يظهر عليه في العلن علامات تدل على حالته النفسية المتدهورة.
النيابة تأمر بالدفن وتطلب تحريات موسعة
وعقب انتهاء المعاينة الأولية وسماع أقوال شهود العيان والمقربين، أمرت النيابة العامة بنقل الجثمان إلى مشرحة مستشفى الأحرار التعليمي، والتحفظ عليه لحين الانتهاء من الإجراءات القانونية، كما صرحت بدفن الجثمان بعد مراجعة تقرير الطب الشرعي.
وطالبت النيابة رجال المباحث بإجراء تحريات موسعة حول الواقعة، للوقوف على أسبابها الحقيقية، والتأكد من عدم وجود شبهة جنائية، فضلًا عن جمع إفادات المقربين من المتوفى حول حالته النفسية في الأيام الأخيرة.

الوسط القانوني في الشرقية ينعي الراحل
سادت حالة من الحزن والأسى بين المحامين في الشرقية بعد انتشار خبر الوفاة، حيث نعاه عدد من زملائه عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدين أنه كان شابًا خلوقًا وملتزمًا في عمله، لكنه كان يعاني في صمت.
وقال أحد المحامين من زملائه: «محمد كان إنسانًا محترمًا، لم نكن نعلم بحجم معاناته، دائمًا هادئ الطباع ومجتهد في عمله، لكن يبدو أن الضغوط فاقت تحمّله».
رسائل تنبيه بأهمية الدعم النفسي
أعادت الواقعة المؤلمة فتح النقاش مجددًا حول أهمية الدعم النفسي، خاصة لفئة الشباب والعاملين في المهن المرهقة ذهنيًا وعصبيًا، حيث طالب عدد من المتابعين بضرورة تفعيل دور الأخصائيين النفسيين في بيئات العمل، وتشجيع من يعانون من أزمات نفسية على طلب المساعدة.
وأكد خبراء في الطب النفسي أن الانتحار لا يأتي بشكل مفاجئ، بل هو نتيجة لتراكم مشاعر الإحباط والحزن دون وجود متنفس حقيقي لها، ما يتطلب من المجتمع والأسرة والمؤسسات أن تفتح عيونها جيدًا لأي إشارات خطر تصدر عن الأفراد المحيطين.
دعوات للرحمة ورسائل وداع مؤثرة
وقد تحولت صفحة المحامي الراحل على «فيس بوك» إلى دفتر عزاء إلكتروني، حيث كتب أصدقاؤه ومتابعوه عبارات الوداع والدعاء بالرحمة، وسط صدمة لكونه أعلن عن مصيره في منشور ولم يتدخل أحد قبل فوات الأوان.
فيما كتبت إحدى زميلاته: «ليتك أخبرتنا، ليتك طلبت العون، كنا إلى جوارك.. رحلت مبكرًا وبصمت موجع».
فاجعة تدق ناقوس الخطر
هذه الحادثة المؤلمة تسلط الضوء على خطورة إهمال الصحة النفسية، خاصة في مجتمع لا يزال يُحجم كثيرون فيه عن طلب الدعم أو الاعتراف بالضعف النفسي.
إن فاجعة المحامي الشاب في الزقازيق تذكّرنا أن خلف كل وجه هادئ قد تخبئ العزلة صراعًا مريرًا، وأن كلمة طيبة أو دعم بسيط قد تنقذ روحًا قبل أن تغادر.