«الشباب تحت قبة البرلمان».. حضور فعّال وتمكين غير مسبوق

كانت المشاركة السياسية لـ الشباب فى وقت ما تمثل تحديا كبيرا، وخاصة في المؤسسات التشريعية، وبدأ المشهد في التغير تدريجيا خلال السنوات الأخيرة، ليصبح الشباب جزءا أساسيا من مكونات البرلمان المصري، خصوصا في مجلس النواب، حيث لم تفتح عضوية مجلس الشيوخ أبوابها لهم بالشكل الكافي بسبب شرط السن، الذي يشترط ألا يقل عمر العضو عن 35 عاما.
«مجلس النواب».. الساحة الأوسع والأكثر نشاطا
ولهذا الشرط اقتصر مجلس الشيوخ عضويتة بشكل كبير على أصحاب الخبرات الطويلة في العمل السياسي والتشريعي، لكنه في نفس الوقت دفع الكثير من الشباب الطموحين إلى التوجه نحو مجلس النواب، باعتباره الساحة الأوسع والأكثر نشاطا وتأثيرا، سواء من حيث الصلاحيات أو الدور الرقابي والتشريعي.
رؤية سياسية جديدة تُراهن على طاقة الشباب
ومع تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مسؤولية قيادة البلاد، ظهرت بوضوح رؤية سياسية جديدة تُراهن على طاقة الشباب، وقدرتهم على المشاركة الفعالة في صنع القرار. فشهدنا زيادة ملحوظة في نسبة تمثيل الشباب داخل البرلمان. فبعدما كانت نسبة الشباب في برلمان 2015 لا تتجاوز 11%، ارتفعت في البرلمان الحالي لتصل إلى نحو 21%، ما يعني أن قرابة ربع المقاعد النيابية أصبح يشغلها شباب في مقتبل العمر، يحملون طموحا جديدا وروحا مختلفة.

صورة عاكسة لقدرة الشباب على المنافسة
ومن أبرز النماذج الملهمة في هذا السياق، النائب أبانوب عزت عزيز، الذي أصبح أصغر أعضاء البرلمان سناً بعد فوزه في انتخابات برلمان 2020، وهو لم يتجاوز عمره الخامس والعشرين، ووجوده في المجلس يعكس صورة واضحة لقدرة الشباب على المنافسة والفوز بثقة الناس، بل والمشاركة الفعلية في العمل التشريعي والرقابي.
ولم يكن أبانوب وحده، بل هناك عدد كبير من النواب الذين لم يتخطوا حاجز الثلاثين، وأثبتوا من خلال أدائهم داخل البرلمان قدرتهم على التعامل مع الملفات المختلفة، وتقديم حلول مبتكرة لمشكلات دوائرهم، إلى جانب مشاركتهم في مناقشة القوانين التي تهم كل فئات المجتمع.
برامج مخصصة لإعداد وتأهيل كوادر سياسية شابة
والحضور الشبابي داخل مجلس النواب لم يأتِ من فراغ، بل نتيجة دعم واضح من الدولة، وبرامج مخصصة لإعداد وتأهيل كوادر سياسية شابة، مثل البرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، ومنتديات الشباب التي ساهمت في خلق جسر تواصل حقيقي بين القيادة السياسية والشباب، وتحولت إلى منبر للحوار وتبادل الأفكار.
مراهنة الدولة على الشباب مع اقتراب موعد الانتخابات
والدولة اليوم تراهن على الشباب ليس فقط كرمز سياسي، بل كمكون رئيسي في بناء الجمهورية الجديدة، والمشاركة في إدارة شؤون البلاد، ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية القادمة، هناك توقعات بزيادة أكبر في نسبة تمثيل الشباب داخل المجلس، سواء من خلال القوائم الانتخابية أو نظام الفردي، وهو ما يعكس استمرار هذا النهج الداعم لتمكين الشباب سياسيا.
توجه استراتيجي لصناعة جيل جديد
وفي النهاية، ما نراه اليوم من تمكين واضح وحقيقي للشباب داخل الحياة السياسية المصرية لم يكن يحدث في العقود الماضية، لكنه الآن واقع ملموس، وصورة حية على أن الرهان على الشباب لم يكن خطوة شكلية، بل توجه استراتيجي لصناعة جيل جديد من القادة والمسؤولين، قادرين على حمل الأمانة، والمشاركة في رسم ملامح المستقبل الحقيقي.
منح الفرصة لجيل جديد من القادة
ويظل تمكين الشباب سياسيا خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنه بحاجة دائمة إلى دعم مستمر ومناخ ديمقراطي صحي يضمن حرية الرأي والتعبير، ويمنح الفرصة لجيل جديد من القادة أن يُثبتوا أنفسهم بالفعل لا بالشعارات، فالمستقبل لا يُبنى إلا بسواعد شبابه.
كما أن التجربة البرلمانية للشباب أثبتت أن لديهم القدرة على التواصل المباشر مع الشارع وفهم احتياجاته اليومية، وهو ما جعلهم أكثر قربا من الناس وأكثر تأثيرا داخل دوائرهم، ومع استمرار الدولة في دعم هذا التوجه، من المتوقع أن نشهد تغيرا حقيقيا في شكل الحياة النيابية خلال السنوات المقبلة، يقوده شباب يمتلكون الشغف والمعرفة والرغبة في الإصلاح.