الأربعاء 02 يوليو 2025 الموافق 07 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

بين المخدر والمقود.. من ينقذ الطرق المصرية من جنون السائقين؟

سائق تحت تاثير المخدر
سائق تحت تاثير المخدر

تتزايد التحذيرات يوما بعد يوم بشأن الخطر الداهم من السائقين الذي يهدد أرواح المواطنين على الطرق المصرية، نتيجة ظاهرة القيادة تحت تأثير المواد المخدرة.

 فبينما يفترض أن يكون السائق هو الحارس الأول على سلامة من معه، يتحول أحيانا إلى «قنبلة موقوتة» حين يعتلي المقود تحت تأثير المخدر، ليصير خطرا على نفسه وعلى كل من حوله.

هذه الممارسات، التي تعد بمثابة «رخصة للقتل»، أصبحت من أبرز أسباب الحوادث الدامية التي تشهدها الطرق، مما يستدعي دق ناقوس الخطر، وتضافر الجهود الرسمية والمجتمعية للتصدي لها قبل فوات الأوان.

2200 سائقا متعاطيا في 6 أشهر

تشير الإحصائيات الرسمية الصادرة عن صندوق مكافحة الإدمان إلى أنه خلال الفترة من 1 يناير وحتى 23 يونيو 2025، تم إجراء الكشف على 51,507 سائقين في حملات على الطرق، وجاءت نتيجة 2,198 منهم إيجابية بنسبة 4.3%.

الدكتور عمرو عثمان، مساعد وزير التضامن ومدير الصندوق، يؤكد لـ«التحقيق» أن:

«نحن أمام ظاهرة شديدة الخطورة، السائق المتعاطي لا يتحكم فقط في مصيره، بل في حياة عشرات الأشخاص كل يوم».

ويضيف:

«أغلب المتعاطين يقودون مركبات نقل ثقيل أو ميكروباصات، ونجد الحشيش والترامادول على رأس قائمة المواد التي تُستخدم بدافع مقاومة التعب أو السهر، وهو اعتقاد خاطئ وخطر».

دراسة صادمة: 72% من ضحايا الحوادث تعاطوا المخدرات

في دراسة ميدانية صدرت مؤخرًا عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية، تم تحليل عينات دم لسائقين لقوا حتفهم في حوادث مرورية، وتبين أن 72% منهم كانوا تحت تأثير مواد مخدرة.

وتظهر الدراسة أن 47.5% من السائقين المتعاطين يستخدمون الترامادول، يليه الحشيش بنسبة 27.5%، والأمفيتامين بنسبة 8%. هذه النسب تؤكد أن التعاطي بات جزءا من «روتين» بعض السائقين، خاصة من يعملون لفترات طويلة على الطرق السريعة أو خطوط السفر بين المحافظات.

القانون يعاقب.. لكن الوعي غائب

تنص المادة 76 من قانون المرور المصري على سحب الرخصة فورا من أي سائق يثبت تعاطيه مواد مخدرة أثناء القيادة، بالإضافة إلى الغرامة التي قد تصل إلى 20 ألف جنيه، والحبس لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.

المستشار القانوني أيمن مراد، يقول في تصريح لـ«التحقيق»:

«العقوبات موجودة لكنها غير كافية في ظل غياب الردع المجتمعي. لا بد من وجود فحص دوري إجباري للسائقين في مواقف السيارات، والمصانع، وحتى الجهات الحكومية».

ويتابع:

«الأكثر خطورة أن بعض السائقين يحملون رخصًا مزورة أو يقودون مركبات دون رخصة من الأساس، ما يصعّب من عملية تتبعهم».

رجل أمن.. نواجه مقاومة من بعض السائقين

اللواء طارق يسري، مسؤول بقطاع المرور، يشير إلى أن الحملات المنتظمة تواجه في بعض الأحيان مقاومة من السائقين الذين يرفضون الخضوع للفحص، أو يفرون من الأكمنة.

يقول اللواء يسري:

«نُنسق مع وزارة الصحة لتوفير أجهزة كشف فوري داخل الكمائن، ولدينا توجيه دائم من وزارة الداخلية بالتصدي الحاسم لأي سائق متعاطٍ».

ويضيف:

«المشكلة الأخطر أن بعض شركات النقل الخاصة لا تلتزم بإجراء تحاليل دورية لسائقيها، وتغض الطرف عن تعاطي السائقين مقابل استمرارهم في العمل، وهنا تكمن الكارثة».

مبادرات للتوعية.. لكنها تحتاج إلى دعم

رغم الجهود التي تبذلها الدولة، إلا أن بعض المبادرات الأهلية تحاول ملء الفراغ التوعوي. 

مبادرة «طريق آمن» التي تُنفذ في القاهرة والجيزة بالتعاون مع جمعيات أهلية، تُجري تحاليل طوعية وتقدم محاضرات توعوية للسائقين في مواقف الميكروباص.

تقول هالة عبد العال، إحدى القائمات على المبادرة:

«بعض السائقين صدموا حين عرفوا أنهم يتعاطون مخدرات مخلطة دون علمهم، خصوصًا في أقراص الترامادول المغشوشة التي تُباع على الأرصفة».

كيف نواجه الظاهرة؟

خبراء المرور يقترحون عدة حلول للحد من هذه الظاهرة، منها:

إجراء فحوصات دورية إلزامية لكل سائق كل 6 أشهر.

ربط استخراج وتجديد رخص القيادة بتحليل مخدرات معتمد.

استخدام التكنولوجيا في المتابعة الفورية للمركبات وتحديد المخالفين لحظيًا.

إطلاق حملة قومية إعلامية تستهدف الشباب وسائقي الميكروباص، من خلال المنصات الأكثر تأثيرًا مثل «تيك توك» و«فيسبوك».

ضحايا بلا ذنب.. وأسر مكلومة

تختتم أمل حسن، والدة إحدى ضحايا حادث المنوفية، الحديث وهي تبكي:

«بنتي كانت رايحة الشغل، مارجعتش، راحت في لحظة بسبب سواق مش شايف قدامه.. إحنا مش عايزين غير القانون يتطبق والناس تصحى».

خاتمة التحقيق: القيادة تحت تأثير المخدرات ليست مجرد مخالفة مرورية، بل جريمة في حق الوطن وأبنائه. 

مع كل حادث، يسفك دم، وتفجع أسرة، وتُسحب منّا حياة كان يمكن إنقاذها بقليل من الالتزام وكثير من الرقابة والوعي.

تم نسخ الرابط