فاتن حمامة "سيدة الشاشة العربية" رحلة فنية لا تنسى
ولدت الفنانة المصرية فاتن حمامة في 27 مايو 1931 بمدينة السنبلاوين في محافظة الدقهلية.
بدأت رحلتها الفنية في سن مبكرة جدًا، حيث فازت بلقب أجمل طفلة في مصر.
هذه الجائزة فتحت لها أبواب الشهرة، فتم اختيارها للمشاركة في فيلم "يوم سعيد" مع الموسيقار محمد عبد الوهاب عام 1940، وهي في التاسعة من عمرها.
لم تتوقف موهبة فاتن حمامة عند هذا الحد، فقد استمرت في تقديم أعمال فنية مميزة، مما جعلها أيقونة للسينما المصرية.
وقد أكدت الفنانة الراحلة في أكثر من مناسبة أن أسرتها كان لها دور كبير في دعمها وتشجيعها على دخول عالم الفن، حيث كان والدها يعشق السينما وله علاقات في الوسط الفني، مما سهل عليها الانطلاق في مسيرتها الفنية.
قدمت الفنانة المصرية فاتن حمامة في نهاية الخمسينيات واحدًا من أعظم أدوارها السينمائية في فيلم "دعاء الكروان" الذي استند إلى رواية الأديب الكبير طه حسين وإخراج المبدع هنري بركات.
جسدت فاتن في هذا الفيلم دور الفتاة الريفية "آمنة" التي تسعى للانتقام من قاتل أختها، إلا أنها تتورط في صراع داخلي يعيقها عن تحقيق هدفها.
أشاد النقاد بأداء فاتن المتميز في هذا الفيلم، وحصدت بسببه العديد من الجوائز والتكريمات.
جوائز وتكريمات
فقد حصلت على جائزة أعظم ممثلة في الشرق، وكادت أن تحصل على جائزة أعظم ممثلة في العالم في مهرجان برلين.
ولكن العقبة الوحيدة التي حالت دون حصولها على الجائزة العالمية هي جنسيتها الأفريقية.
لم تتوقف إنجازات فاتن حمامة عند هذا الحد، فقد اختارها النقاد ضمن قائمة أهم 150 فيلماً في تاريخ السينما المصرية.
وحصلت على العديد من الجوائز والتكريمات من مختلف أنحاء العالم، منها ميدالية الشرف من الزعيمين جمال عبد الناصر وأنور السادات.
وشهادة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وجائزة نجمة القرن من منظمة الكتاب والنقاد المصريين.
أعمالها الفنية
"ألو ألو.. إحنا هنا.. ونجحنا أهو في المدرسة.. بارك لنا وهاتلنا معاك هدية كويسة..".. بهذه الكلمات اللحن التي طالعتنا بها الفنانة فاتن حمامة في فيلم "موعد على الحياة"، ترسخت في أذهاننا صورة "سيدة الشاشة العربية".
فبعد هذا النجاح الكبير، لم يعد اسمها مجرد اسم فنانة، بل أصبح رمزًا للسينما المصرية.
تنوع الأدوار بين المدينة والريف
تميزت فاتن حمامة بتنوع أدوارها التي تجاوزت الحواجز الاجتماعية.
ففي فيلم "الباب المفتوح"، مثلت دور الفتاة الثائرة التي تشارك في المظاهرات، بينما في "دعاء الكروان" جسدت دور الفتاة الريفية البسيطة التي تسعى للانتقام.
لم تقتصر مسيرة فاتن حمامة على السينما، بل امتدت لتشمل الأدب.
فقد قدمت العديد من الأدوار المستوحاة من روايات كبار الأدباء، مثل يوسف إدريس في فيلم "الحرام".
ويوسف السباعي في فيلم "بين الأطلال"، وإحسان عبد القدوس في أفلام عديدة منها "لا أنام"، "الطريق المسدود"، و"إمبراطورية ميم".
مسلسل "إمبراطورية ميم"
في فيلم "إمبراطورية ميم"، قدمت فاتن حمامة شخصية المرأة العاملة التي تحاول التوفيق بين مسؤولياتها الأسرية وحياتها المهنية.
هذا الدور عكس بعمق الصراعات الداخلية التي تعيشها المرأة المعاصرة.
سيدة الشاشة العربية
بفضل موهبتها الفذة وقدرتها على تجسيد الشخصيات المختلفة، استحقت فاتن حمامة لقب "سيدة الشاشة العربية".
فقد قدمت لنا عبر أفلامها لوحات فنية رائعة، وأثرت في أجيال عديدة.
في خطوةٍ مفاجئة، قررت الفنانة المصرية فاتن حمامة مغادرة مصر عام 1966، رافضةً الضغوط التي مورست عليها للعمل مع جهاز المخابرات العامة المصرية.
هذا القرار جاء في سياق قضية "انحراف المخابرات" الشهيرة، والتي شهدت تجنيد العديد من الفنانات للعمل لصالح الجهاز.
عادت حمامة إلى مصر عام 1971 بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر.
موقفها من ثورة يوليو ونظام عبد الناصر
في حوارٍ لها مع مجلة المصور عام 1991، كشفت الفنانة عن موقفها من ثورة يوليو ونظام عبد الناصر.
فقد أعلنت تأييدها للثورة في بدايتها، ولكنها سرعان ما شعرت بخيبة أملٍ بسبب بعض السياسات التي اتخذها النظام، مثل تحديد ملكية الأراضي وتزايد حالات الاعتقال التعسفي.
وصفت حمامة حكم عبد الناصر بأنه "قاسٍ"، مؤكدةً على وطنية الرئيس وأمانته، ولكنها انتقدت بعض جوانب نظامه التي اعتبرتها قمعية.
قصة حب خالدة
ربطت قصة حب عميقة بين الفنانة فاتن حمامة والفنان العالمي عمر الشريف، حيث جمعتهما العديد من الأفلام الناجحة التي لا تزال عالقة في الأذهان.
وعلى الرغم من انفصالهما، إلا أن حب عمر الشريف لفاتن ظلّ راسخاً في قلبه، ووصفها دائماً بأنها الحب الوحيد في حياته.
حلم العالمية
رغم طموحها لتحقيق الشهرة العالمية، إلا أن فاتن حمامة فضلت الالتزام ببيئتها وثقافتها.
فقد اعترفت بصعوبة تجسيد أدوار بعيدة عن واقعها وتقاليدها، مؤكدة على عمق فهمها لشخصيات المرأة الشرقية.
نجاح في الدراما التلفزيونية
لم يقتصر نجاح فاتن حمامة على السينما فقط، بل تألقت أيضاً في الدراما التلفزيونية، حيث قدمت العديد من الأعمال الناجحة، أبرزها مسلسل "ضمير أبلة حكمت" الذي حظي بشعبية كبيرة.
رحيل فاتن حمامة
رحلت سيدة الشاشة العربية عن عالمنا في 17 يناير 2015 عن عمر يناهز 83 عامًا، تاركة خلفها إرثاً فنياً عظيماً.
فاتن حمامة التي حفرت اسمها بأحرف من نور في تاريخ السينما المصرية، ستظل رمزاً للجمال والأناقة والتمثيل المتميز.