هل يجوز رفع اليدين في كل تكبيرة من صلاة الجنازة؟.. الإفتاء توضح

أكدت دار الإفتاء المصرية في فتوى لها على موقعها الإلكتروني، أن رفع اليدين عند التكبيرة الأولى في صلاة الجنازة أمر مستحب شرعًا، لكنها أوضحت أن هناك اختلافًا بين الفقهاء بشأن رفع اليدين في التكبيرات الثلاث التالية للتكبيرة الأولى، وأشارت إلى أن من يرفع يديه أو يترك ذلك في التكبيرات التالية يجوز لهما الفعلان وكلاهما صحيح، حيث لا يُعتبر ذلك أمرًا واجبًا وإنما مستحبًا من بعض الأئمة المجتهدين، ولا اعتراض على من فعل أو ترك ذلك.
صلاة الجنازة: فرض كفاية وفضائل عظيمة
أوضحت دار الإفتاء أن صلاة الجنازة تعد من الفروض الكفائية، وهي من أعظم القربات التي يجب على المسلمين أداءها تجاه المتوفى، حيث لها ثواب كبير وأجر عظيم. وقد ورد في الأحاديث النبوية الكثير من الحث على صلاة الجنازة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ”.
كما أشار الحديث الشريف إلى الحقوق التي يجب على المسلم أداءها تجاه المسلم الآخر، ومن هذه الحقوق اتباع الجنازة، وهذا يؤكد أهمية صلاة الجنازة في الإسلام.
عدد التكبيرات في صلاة الجنازة
تعتبر صلاة الجنازة من الصلوات التي تتكون من أربع تكبيرات، وهو ما أجمع عليه فقهاء الأمة، على الرغم من أن بعض الصحابة قد اختلفوا في عدد التكبيرات في البداية، لكن الإجماع استقر على الأربع تكبيرات.
وقد ذكر الإمام ابن عبد البر في “التمهيد” أن خلافًا قد وقع في عدد التكبيرات بين بعض السلف، ثم تم الاتفاق على أن الصلاة تتكون من أربع تكبيرات، وهو ما أيده الإمام النووي في “المجموع”، حيث أكد أن التكبيرات الأربع هي أركان أساسية في الصلاة ولا يجوز التقليل أو الزيادة عليها.
رفع اليدين في التكبيرة الأولى لصلاة الجنازة
من الأحكام التي اختلف فيها الفقهاء مسألة رفع اليدين في صلاة الجنازة، حيث أجمع الفقهاء على أنه من المستحب رفع اليدين عند التكبيرة الأولى، وهو ما أيده كثير من علماء الأمة منذ عهد الصحابة، ويُعتبر رفع اليدين في التكبيرة الأولى من سنن صلاة الجنازة، ويستحب فعله وفقًا لما ورد عن بعض الصحابة ومنهم عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس.
وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه عند تكبيرة الإحرام في صلاة الجنازة، وهو ما يتفق عليه جمهور العلماء، كما قال الإمام ابن رشد في “البيان والتحصيل”: “لا اختلاف بين أهل العلم في أن رفع اليدين في الصلاة على الجنائز ليس بواجب، وإنما يُتَكَلَّمُ في هذا على ما يُستَحبُّ منه”.
رفع اليدين في التكبيرات التالية للتكبيرة الأولى في صلاة الجنازة
أما بالنسبة للرفع في التكبيرات الثلاثة التالية للتكبيرة الأولى، فقد اختلف الفقهاء في حكم رفع اليدين في هذه التكبيرات، فبينما ذهب بعض الفقهاء إلى استحباب رفع اليدين في كل تكبيرة من تكبيرات الجنازة الأربع، وهو ما رُوي عن بعض الصحابة مثل عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر، ورجحه بعض المذاهب مثل المالكية والشافعية والحنابلة.
في المقابل، ذهب فريق آخر من الفقهاء إلى أن رفع اليدين في التكبيرات التالية للتكبيرة الأولى ليس مستحبًا، بل يتوقف على رأي المصلّي، حيث يعتبره البعض مخالفًا للسنة في بعض الحالات، في حين يعتبره البعض الآخر ضرورة للتأكيد على الاستقامة في الصلاة، وهذا يتوافق مع آراء الحنفية وبعض فقهاء المالكية.
وقد ورد عن الإمام الزيلعي في “تبيين الحقائق” أن رفع اليدين في التكبيرات الثلاث التالية للتكبيرة الأولى في صلاة الجنازة أمر مستحب من بعض العلماء، بينما يرفضه آخرون، وفي ذات السياق أشار الإمام ابن قدامة في “المغني” إلى أنه يرفع يديه في كل تكبيرة من تكبيرات صلاة الجنازة.
التوجهات الفقهية المختلفة حول رفع اليدين
يمكن تلخيص الفقهاء المختلفين في هذه المسألة، حيث يرى بعضهم أن رفع اليدين في صلاة الجنازة أمر مستحب في كل تكبيرة، وهو ما رآه عدد كبير من الأئمة مثل عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر وبعض كبار الفقهاء مثل الإمام الشافعي والإمام أحمد بن حنبل، في حين أن هناك آخرين مثل الحنفية والمالكية الذين يرون أن رفع اليدين غير مستحب في التكبيرات التالية للتكبيرة الأولى، حيث إن الصلاة على الجنازة تختلف عن باقي الصلوات في بعض أحكامها.
رحابة الرأي الشرعي في الصلاة على الجنازة
وأكدت دار الإفتاء أن الخلاف الفقهي في مسألة رفع اليدين عند التكبيرات في صلاة الجنازة هو اختلاف رحب، حيث يجوز للمسلم أن يرفع يديه أو يترك ذلك في التكبيرات التالية للتكبيرة الأولى، ولا حرج في ذلك، فالأمر واسع في هذا الجانب، ولا اعتراض على من اختار أيًّا من الفعلين.