الإفتاء تحسم الجدل حول صلاة 4 ركعات في رمضان لتعويض الفوائت

مع اقتراب نهاية آخر جمعة من شهر رمضان، تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بعض الأحاديث غير الصحيحة التي تدّعي أن هناك صلاة مكونة من أربع ركعات يمكن أن تعوض جميع الصلوات الفائتة على الإنسان طوال حياته، وهو أمر غير صحيح ولا يمتّ للدين بصلة، بل هو منسوب كذبًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد حذر العلماء والمتخصصون في الشريعة من نشر مثل هذه الأحاديث دون التحقق من صحتها، مؤكدين أن كل من فاته شيء من الصلاة يجب عليه قضاؤها ولا تسقط عنه بأي صلاة أخرى، كما لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أي حديث ينص على أداء صلاة مكونة من أربع ركعات في آخر جمعة من رمضان لتعويض الصلوات الفائتة.
تحذير وزارة الأوقاف من الحديث المكذوب
في هذا السياق، أوضح الدكتور أيمن أبو عمر، وكيل وزارة الأوقاف لشؤون الدعوة، أن ما يُتداول على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن هذه الصلاة لا أساس له من الصحة في رمضان، مشددًا على ضرورة الحذر من نشر مثل هذه الأمور دون التحقق منها.
وأضاف أبو عمر، أن بعض الأشخاص يدّعون أن هناك صلاة مكونة من أربع ركعات تُؤدى في آخر جمعة من رمضان، ويُقرأ فيها سورة الفاتحة وسورة القدر خمس عشرة مرة وسورة الكوثر، مع نية تعويض الصلوات الفائتة، مؤكدًا أن هذا الكلام غير صحيح ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأشار إلى أن الحديث في أمور الدين لا بد أن يكون مستندًا إلى العلم، ولا يجوز لأي شخص أن يختلق أحكامًا أو عبادات غير ثابتة شرعًا، لافتًا إلى أن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم جريمة خطيرة يعاقب عليها الله، مستدلًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار”.
رأي دار الإفتاء المصرية
بدورها، أكدت دار الإفتاء المصرية في فتوى سابقة لها أن الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم حول صلاة أربع ركعات في آخر جمعة من رمضان لتعويض الصلوات الفائتة هو حديث باطل ولا أساس له، محذرة من نشره وتداوله لما فيه من تضليل للناس.
وشددت دار الإفتاء على أن قضاء الصلوات الفائتة واجب شرعي لا يسقط إلا بالأداء الفعلي، وذلك باتفاق جميع المذاهب الفقهية الأربعة، مستشهدة بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “اقضوا الله، فإن الله أحق بالوفاء” (رواه البخاري من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما)، وكذلك حديثه: “من نسي صلاة فليصلّ إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك” (متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه).
كيفية قضاء الصلوات الفائتة
أكدت دار الإفتاء أن الشخص الذي فاتته الصلاة لمدة من الزمن، سواء كانت قليلة أو كثيرة، عليه أن يتوب إلى الله عز وجل ويبدأ في قضاء ما فاته من الصلوات، موضحة أنه يمكن للإنسان أن يقضي صلاة فائتة مع كل صلاة يؤديها من جنسها، فمثلًا إذا صلى الظهر الحاضر، يصلي معه ظهرًا قضاءً، وهكذا مع باقي الصلوات، وله أن يكتفي بذلك عن السنن الرواتب.
وأوضحت أن هذا الفعل له أصل في السنة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من أدرك منكم صلاة الغداة من غد صالحًا فليقضِ معها مثلها” (رواه أبو داود من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه)، وهو ما فسره بعض العلماء بأنه للاستحباب، بحيث يحوز الإنسان فضيلة الوقت في القضاء.
كما أوضحت الدار أنه ينبغي على الإنسان الاستمرار في قضاء الصلوات الفائتة مدة من الزمن تعادل الفترة التي ترك فيها الصلاة، حتى يغلب على ظنه أنه قد استوفى القضاء، فإن توفاه الله قبل أن يكمل القضاء فإن الله يغفر له بفضله ورحمته.
تحذير من نشر الأحاديث المكذوبة
في الختام، دعت دار الإفتاء المصرية وجميع علماء الدين إلى توخي الحذر عند تداول الأحاديث الدينية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدة على ضرورة التحقق من صحة أي حديث قبل نشره، وذلك من خلال الرجوع إلى المصادر الموثوقة مثل كتب السنة الصحيحة أو الفتاوى الصادرة عن المؤسسات الدينية الرسمية.
كما شددت على أن العبادة يجب أن تكون قائمة على الدليل الشرعي الصحيح، وليس على الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة التي لا أساس لها، مطالبة المسلمين بالحرص على أداء العبادات الصحيحة وفق ما جاء في الكتاب والسنة، وعدم الانجراف وراء البدع والخرافات التي لا تمت للدين بصلة.