دراسة تكشف: هذا العصير يقلل من أعراض القولون التقرحي 40%

القولون التقرحي هو أحد أمراض الأمعاء الالتهابية المزمنة التي تثير قلقًا متزايدًا بين الأطباء والمرضى على حد سواء، وتتمثل أبرز أعراضه في التقلصات المعوية المستمرة والإسهال المزمن والآلام البطنية المصحوبة أحيانًا بنزيف دموي، ويعود سبب القولون التقرحي إلى اضطراب في جهاز المناعة يجعله يهاجم بطانة القولون عن طريق الخطأ مما يؤدي إلى التهابها وتقرحها، وهو ما يؤثر بشكل كبير على جودة حياة المريض النفسية والجسدية ويضطر البعض إلى الاعتماد المستمر على أدوية مثبطة للمناعة أو حتى التدخل الجراحي في بعض الحالات.
نتائج مبشرة لعصير طبيعي في مقاومة القولون التقرحي
في دراسة حديثة نُشرت في إحدى المجلات العلمية المتخصصة في أمراض الجهاز الهضمي، كشفت النتائج عن فعالية عصير طبيعي مستخلص من فاكهة التوت الأزرق في تقليل أعراض القولون التقرحي بنسبة تصل إلى 40%، وقد استندت هذه النتائج إلى متابعة دقيقة لحالة 60 مريضًا تم إعطاؤهم جرعات منتظمة من عصير التوت يوميًا لمدة ثمانية أسابيع، وتم رصد تحسن واضح في الأعراض الرئيسية مثل الإسهال والألم والانتفاخ، بالإضافة إلى انخفاض مؤشرات الالتهاب في الدم مثل البروتين التفاعلي (CRP).
ما سر تأثير التوت الأزرق على القولون؟
يُعزى تأثير عصير التوت الأزرق على القولون التقرحي إلى احتوائه على تركيز عالٍ من مضادات الأكسدة والبوليفينولات، وهي مركبات نباتية طبيعية تساهم في تهدئة التفاعلات الالتهابية داخل الأمعاء، كما أن التوت يحتوي على الألياف القابلة للذوبان التي تغذي البكتيريا النافعة في القولون مما يعزز من توازن البيئة الميكروبية التي تلعب دورًا مهمًا في السيطرة على الالتهاب، ومن هنا يتبين أن العلاج الطبيعي للقولون التقرحي ليس مجرد حلم بل أصبح حقيقة مدعومة بالأدلة.

العصير الطبيعي مقابل العلاج الدوائي
رغم أن علاج القولون التقرحي يعتمد غالبًا على الأدوية الكيميائية مثل الكورتيزون والمثبطات المناعية، إلا أن الكثير من المرضى يبحثون عن بدائل طبيعية أكثر أمانًا وأقل ضررًا على المدى الطويل، ويُعتبر عصير التوت الأزرق واحدًا من الحلول الواعدة التي قد تُخفف من اعتماد المرضى على العلاجات التقليدية، خاصة أن تناول كوب واحد يوميًا من هذا العصير لم يُظهر أي آثار جانبية ملحوظة خلال فترة الدراسة، مما يجعله خيارًا مناسبًا لمرضى القولون الذين يرغبون في تحسين نمط حياتهم دون التعرض لأضرار الأدوية.
أهمية النظام الغذائي في السيطرة على القولون التقرحي
من المؤكد أن النظام الغذائي له دور محوري في السيطرة على القولون التقرحي، حيث أن اختيار الأطعمة المناسبة قد يساهم في تقليل نوبات التهيج وتحسين امتصاص العناصر الغذائية، وينصح خبراء التغذية بتناول وجبات خفيفة قليلة الدهون المشبعة وغنية بالألياف القابلة للذوبان، كما أن الابتعاد عن الأطعمة الحارة والمقلية والمليئة بالمواد الحافظة يُعد من العوامل المهمة في تهدئة القولون، ويُفضل كذلك إدخال العصائر الطبيعية مثل التوت الأزرق ضمن الروتين الغذائي اليومي لما لها من أثر مباشر في تقليل الالتهاب.
أصوات الخبراء.. ماذا قال الأطباء عن الدراسة؟
قال الدكتور أحمد فوزي، استشاري الجهاز الهضمي بجامعة القاهرة، إن نتائج الدراسة تفتح الباب أمام استخدام الغذاء كعامل مساعد في علاج القولون التقرحي، وأوضح أن مضادات الأكسدة الموجودة في التوت تساهم في تهدئة بطانة القولون وتقليل الالتهاب المزمن الذي يعاني منه المرضى، فيما أشار الدكتور مايكل جونسون، الباحث في جامعة ميشيغان، إلى أن التوت الأزرق لا يُعد بديلًا كاملًا للعلاج الدوائي ولكنه قد يكون خطوة مكملة مهمة تساعد في تقليل عدد النوبات وتخفيف حدة الأعراض.
مرضى القولون يتحدثون عن تجربتهم
في إطار الدراسة تم رصد شهادات عدد من المشاركين الذين كانوا يعانون من أعراض القولون التقرحي المزمنة، وقالت إحدى المشاركات إنها كانت تعاني من نوبات إسهال وآلام حادة في البطن لأكثر من عام، ولكن بعد انتظامها في شرب عصير التوت الأزرق بدأت الأعراض تخف تدريجيًا، بينما أكد مشارك آخر أن شعوره بالانتفاخ وانزعاج القولون قل بنسبة كبيرة دون الحاجة إلى زيادة جرعة الأدوية التي يتناولها عادة.
تحذيرات ونصائح قبل تجربة العصير
رغم الفوائد المتوقعة من عصير التوت الأزرق في تقليل أعراض القولون التقرحي، إلا أنه من الضروري استشارة الطبيب قبل إضافته إلى النظام الغذائي، خاصة للمرضى الذين يعانون من حساسية من الفاكهة أو لديهم تاريخ من مشكلات في الكلى، ويُنصح بتحضير العصير في المنزل لضمان خلوه من المواد الحافظة أو السكر الزائد، كما يجب أن يكون العصير جزءًا من خطة غذائية متوازنة تشمل البروتينات الخفيفة والخضروات المطهية والدهون الصحية.
تشير نتائج الدراسة إلى أن الطبيعة ما زالت تخبئ لنا الكثير من الأسرار العلاجية، وأن القولون التقرحي يمكن التعامل معه بطريقة شاملة تتضمن الغذاء والنمط الحياتي السليم بجانب العلاج الدوائي، وبينما لا يمكن لعصير التوت أن يكون علاجًا وحيدًا للمرض، إلا أنه قد يكون خطوة كبيرة في رحلة الشفاء وتحقيق الراحة للمرضى الذين طالما عانوا من ألم القولون، فربما يحمل كوب عصير بسيط راحة طال انتظارها.