الجمعة 09 مايو 2025 الموافق 11 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

هل يجوز تأخير صلاة العشاء من أجل مشاهدة المباراة؟

تأخير الصلاة
تأخير الصلاة

تأخير صلاة العشاء من أجل مشاهدة المباريات، مسألة تتكرر مع كل مناسبة رياضية مهمة، وتثير تساؤلًا شرعيًا حول مدى جواز تقديم الانشغال بالكرة على أداء الفريضة في وقتها، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بـ«صلاة العشاء» التي تتزامن في أحيان كثيرة مع توقيت انطلاق المباريات الدولية والمحلية، وهنا يُطرح سؤال ملح على كثير من المسلمين: هل يجوز تأخير «الصلاة» لمتابعة الماتش؟ وما حكم مَن يترك «الصلاة» لهذا السبب؟، أسئلة يُجيب عنها علماء الفقه والفتوى بوضوح تام، مؤكدين أن توقيت «الصلاة» ليس أمرًا يُترك لهوى الإنسان أو ظرفه الترفيهي، بل هو محدد من رب العالمين ومرتبط بعلاقة العبد بربه.

الصلاة عبادة محددة التوقيت

أصل المسألة يتضح من قول الله تعالى في كتابه العزيز: «إنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا» الوارد في سورة النساء، فهذه الآية الكريمة تقطع بعدم جواز أداء «الصلاة» خارج وقتها المحدد إلا لضرورة قاهرة، وهذا التوقيت ليس اختياريًا بل هو جزء لا يتجزأ من الفريضة نفسها، إذ لا يمكن تصور صحة «الصلاة» إذا أُديت خارج الإطار الزمني الذي شرعه الله لها، فكل «صلاة» لها أول وقت وآخر وقت، ويجب على المسلم الالتزام بذلك حفاظًا على ركنه الأعظم وعماده الأهم في الدين.

هل تأخير الصلاة بسبب الماتش يعد عذرًا؟

في هذا السياق، أجاب الدكتور مجدي عاشور، المستشار العلمي السابق لمفتي الجمهورية، عن سؤال ورد بشأن حكم تأخير «الصلاة» من أجل مشاهدة الماتش، حيث أكد أن أداء «الصلاة» لا ينبغي أن يُؤجل لأي سبب ترفيهي، موضحًا أن الله تعالى وسع في أوقات بعض «الصلوات» كالعصر مثلًا، حيث يجوز أداؤها في أول الوقت أو آخره ما دام ذلك لا يتعدى موعد دخول «صلاة» المغرب، إلا أن ذلك لا يجوز أن يُستغل للتسويف أو التهاون، لأن هذا يُعد نوعًا من الإثم والمعصية، لا سيما إذا كان التأخير بدافع الجلوس أمام التلفاز أو الانشغال بمواقع التواصل الاجتماعي.

كما أشار الدكتور عاشور إلى أن أداء «الصلاة» في أول وقتها يحمل فضلًا عظيمًا، وهو ما جاء في الحديث النبوي الشريف عندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم: «أي الأعمال أحب إلى الله؟» فقال: «الصلاة على وقتها»، وهذا يدل على أن الالتزام بالتوقيت ليس فقط للبراءة من الذمة، وإنما لبلوغ الفضل الأعلى والمكانة الرفيعة عند الله، لذا فإن من يؤخر «الصلاة» بلا عذر حقيقي إنما يُضيع على نفسه هذا الثواب، وقد يرتكب بذلك ما يخالف أوامر الشرع.

الترتيب بين العبادات والاهتمامات

ما ينبغي فهمه بوضوح هو أن «الصلاة» هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وهي أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة، وبالتالي لا يجوز أن توضع على قدم المساواة مع أي نشاط ترفيهي مهما بلغت أهميته، فليس من المقبول أن يقدم الإنسان متعة وقتية على فريضة دائمة، ولا أن يضع الكرة في موضع العبادة، لأن ذلك يُضعف ارتباطه الروحي بالله ويخل بميزان الأولويات في حياته، لذلك يجب أن يُرتب المسلم شؤونه بحيث لا تتعارض «الصلاة» مع اهتماماته الأخرى، وإن حدث التعارض فالواجب أن تُقدم الفريضة دائمًا.

العمل وتأخير الصلاة.. حكم مغاير

وفي سؤال آخر ورد إلى دار الإفتاء المصرية عن حكم تأخير «الصلاة» بسبب ظروف العمل، أوضح الشيخ علي فخر، أمين الفتوى، أن دخول وقت «الصلاة» شرط أساسي لأدائها، فإذا أداها المسلم ضمن الوقت المحدد فقد برئت ذمته شرعًا، مؤكدًا أن الشرع يراعي حالات الضرورة ويجيز أداء «الصلاة» في آخر وقتها عند وجود سبب معتبر، كضغط العمل الذي لا يمكن تركه، أما في غير الضرورة فلا يُقبل التأخير ولا يُعد مبررًا، وهذا يختلف تمامًا عن حالات تأخير «الصلاة» بسبب اللهو أو المباريات، لأنها لا تندرج تحت الضرورات التي تبيح الاستثناء.

وأوضح الشيخ علي فخر أن النبي صلى الله عليه وسلم تعلم مواقيت «الصلاة» من سيدنا جبريل، حيث صلى معه في أول الوقت في اليوم الأول، وفي اليوم التالي صلى في آخر الوقت، ليعلمنا أن المدة بين الأذان وانتهاء الوقت كلها صالحة لأداء الفريضة، لكن ذلك لا يعني جواز التهاون أو التراخي، بل الأصل أن يُسارع الإنسان إلى «الصلاة» أول الوقت ما أمكن، فإن اضطر إلى التأخير فيبقى ذلك ضمن الحد المباح شرعًا.

رسالة للمسلمين في زمن الانشغال

ليعلم كل مسلم أن «الصلاة» هي عماد الدين، ومن أقامها فقد أقام الدين، ومن هدمها فقد هدم الدين، لذلك فإن الموازنة بين الواجبات الدينية والاهتمامات الدنيوية يجب أن تُبنى على قاعدة أن الدين هو الأصل، وأن كل ما سواه تابع له لا مقدم عليه، فالمباراة قد تنتهي بفوز أو خسارة، أما «الصلاة» فهي مفتاح الفوز الحقيقي في الدنيا والآخرة، ولا يجوز تحت أي مبرر تأخيرها أو إهمالها، فإن فات وقتها بلا عذر كان ذلك تفريطًا يستوجب التوبة والعودة إلى طريق الالتزام.

المشاهد الرياضية قد تملأ القلوب حماسًا، لكن القلوب لا تُحييها إلا «الصلاة»، وإن كانت المباراة تُشبع العيون، فإن «الصلاة» تُنير البصائر، فليحرص كل مسلم على أن يؤدي «الصلاة» في وقتها دون تأخير، وليجعل من التزمه بالمواقيت الدليل الأول على صدق إيمانه، فالفوز الحقيقي لا يتحقق في الملاعب وإنما في السجود بين يدي الله تعالى.

تم نسخ الرابط