الإثنين 14 يوليو 2025 الموافق 19 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

قبل الفاشينيستا والإنفلونسرز.. هكذا كانت الأزياء تعبر عن السلطة في مصر القديمة

نسيج وأزياء مصر
نسيج وأزياء مصر

تعد مصر واحدة من أولى الحضارات التي أولت اهتماما بالغا بصناعة الأزياء، إذ لم تكن الملابس في الحضارة الفرعونية مجرد وسيلة لستر الجسد أو لمجاراة المناخ القاسي، بل كانت تعبيرًا دقيقا عن الطبقة الاجتماعية والذوق الرفيع، ومؤشرًا على مدى التقدم الثقافي والصناعي الذي بلغته تلك الحضارة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ.

الغزل والنسيج.. بداية الحكاية

بحسب ما ورد في كتاب «الملابس في مصر القديمة» للباحث عمرو حسين، فإن المصري القديم اعتمد على الكتان كمادة أساسية في صناعة ملابسه، إذ كان يقوم أولًا بسحب ألياف الكتان على محور طولي وبرمها خفيفا للحصول على خيوط يمكن استخدامها في النسيج.

 وبعدها يبدأ في استخدام النول، وهو الأداة الأهم في عملية النسج، والذي أبدع المصريون في تطويره على مر العصور.

وقد أظهرت البحوث الأثرية أن المصري القديم استطاع إنتاج أنسجة غاية في الدقة والروعة، واستخدم أنماطًا هندسية وزخارف معقدة على الأقمشة، تدل على مهارة فنية عالية وذوق راق.

الصباغة.. صناعة الألوان من الطبيعة

لم تقتصر براعة المصريين القدماء على النسيج فقط، بل امتدت لتشمل فن صباغة الأقمشة. وقد عُرف عنهم استخدام نبات «النيلة» للحصول على اللون الأزرق، وهو النبات الذي يعتبر من أوائل مصادر الصبغة في التاريخ.

كما تمكن المصري القديم من ابتكار تركيبات لونية بإضافة أكاسيد معدنية مثل أكسيد الحديد الأحمر والأصفر للحصول على درجات جديدة من الألوان، مثل البني، وقد تم العثور على قطعة قماش بنية تعود إلى الأسرة الأولى بمقبرة في طرخان، ما يدل على سبقهم في هذا المجال.

أقدم فستان في العالم.. من مصر

ومن أروع الاكتشافات الأثرية التي تؤكد على تفوق مصر القديمة في عالم الأزياء، ما يعرف بـ«فستان طرخان»، الذي يعد أقدم فستان منسوج في تاريخ البشرية، ويقدر عمره بنحو 5500 عام.

ووفقًا لعالم المصريات بسام الشماع، فقد تم العثور على هذا الفستان في مقبرة بمنطقة طرخان على بعد 50 كم جنوب القاهرة، ويُعرض حاليًا في متحف «بيتري» في بريطانيا.

 ويتميز الفستان بتصميم بسيط ومناسب للحياة اليومية، حيث صُمم خصيصًا لفتاة صغيرة في السن، ويعكس دقة عالية في الحياكة والتصميم رغم بساطته.

وأكد الشماع أن الفستان لم يصبح فقط أقدم قطعة ملابس مصرية معروفة، بل هو أيضًا أقدم فستان معروف في العالم بأسره، ما يجعل من هذا الاكتشاف شهادة تاريخية حية على البراعة الفائقة التي وصل إليها المصري القديم في فنون الغزل والنسيج.

كليوباترا.. الموضة لخدمة السياسة

وعلى مر العصور، كانت الملكات المصريات من أبرز المهتمات بالأزياء، ليس فقط من باب الجمال الشخصي، ولكن كوسيلة لتعزيز مكانتهن السياسية والرمزية.

وكانت الملكة كليوباترا، آخر حكام البطالمة في مصر، من أشهر من استخدمن الأزياء والعطور ومستحضرات التجميل كأدوات للدبلوماسية، حيث دمجت بين الطابع المصري التقليدي والطابع الإغريقي لتقديم صورة أنيقة وقوية في آنٍ واحد.

وذكرت المؤلفة ستايسي شيف في كتابها «كليوباترا: حياة»، أن الملكة كانت ترتدي ملابس مطرزة بالذهب والحرير، وتضع تيجانًا فاخرة تعكس سلطتها، بالإضافة إلى استخدامها اليومي للعطور والمكياج كجزء لا يتجزأ من استراتيجيتها السياسية لجذب الحلفاء وكسب ثقتهم.

الأزياء كقوة ناعمة

لقد كانت الأزياء في مصر القديمة، سواء لدى عامة الشعب أو النخبة الحاكمة، مرآة للثقافة والتطور، وأداة للتعبير عن الهوية والمكانة الاجتماعية، كما أنها شكلت ركنًا أساسيًا من أركان الفنون التي تميزت بها الحضارة المصرية.

من الغزل والصباغة، إلى أول فستان في التاريخ، مرورًا بالأزياء الملكية المبهرة، تظل مصر القديمة حاضرة في كل ما يتعلق بالموضة والجمال، وقدّمت للعالم إرثا غنيا يحتفى به حتى يومنا هذا، ويمثل مصدر إلهام للمصممين والمؤرخين على حد سواء.

تم نسخ الرابط