ثورة في بطاريات الهواتف الذكية.. عمر أطول وشحن أسرع

بطاريات الهواتف الذكية تشهد حاليًا «ثورة تكنولوجية» غير مسبوقة تعد بإحداث تغيير جذري في تجربة المستخدم اليومي حيث باتت الشركات الكبرى في مجال تصنيع الهواتف الذكية تُركز على تطوير تقنيات جديدة تُطيل من عمر البطارية وتُقلص زمن الشحن بشكل لافت الأمر الذي استقبله المستخدمون حول العالم بترحيب كبير بعد سنوات من الشكاوى المتكررة بشأن نفاد الطاقة سريعًا والحاجة المستمرة إلى الشحن المتكرر.
وقد بدأت هذه التحديثات الجديدة في بطاريات الهواتف الذكية تظهر تدريجيًا في الأسواق من خلال النماذج الأحدث للهواتف الرائدة التي تستخدم «مواد كيميائية محسّنة» وتقنيات «إدارة ذكية للطاقة» مما يمهد لعصر جديد يمكن فيه للبطارية أن تصمد يومين أو أكثر دون الحاجة إلى الشحن اليومي المعتاد.
نهاية لمعاناة الشحن المتكرر
لم تعد بطاريات الهواتف الذكية مجرد مكون داخلي يُكمل تصميم الهاتف بل أصبحت اليوم عاملًا حاسمًا في «جودة التجربة» التي يحصل عليها المستخدم حيث تسبب القصور في أداء البطاريات على مدى السنوات الماضية في خيبة أمل لدى كثيرين خاصة مع زيادة اعتماد الناس على هواتفهم في العمل والدراسة والتواصل والترفيه.
وفي هذا الإطار بدأت شركات مثل سامسونج وآبل وشاومي وشركات صينية ناشئة في الاستثمار في تطوير بطاريات تعتمد على مكونات جديدة مثل «السيليكون بدلًا من الجرافيت» في الأنود وهو ما يرفع من كثافة الطاقة داخل البطارية بنسبة تصل إلى 30٪ ويجعلها قادرة على الاحتفاظ بالشحن لفترات أطول من المعتاد.
كما تم تطوير خوارزميات جديدة لإدارة استهلاك الطاقة داخل الهاتف بحيث تُقلل التطبيقات والخدمات الخلفية من استهلاك البطارية عندما لا تكون قيد الاستخدام الفعلي وهو ما يعزز أداء البطارية بذكاء دون التأثير على أداء الجهاز العام.
شحن أسرع من أي وقت مضى
واحدة من أكثر الميزات اللافتة التي جاءت مع «ثورة بطاريات الهواتف» هي تقنيات الشحن السريع التي باتت تحقق سرعات غير مسبوقة فقد أعلنت شركات مثل Realme وOPPO عن تقنيات شحن تصل إلى 240 واط قادرة على شحن الهاتف بالكامل خلال أقل من 10 دقائق وهو رقم يُعتبر مذهلًا مقارنة بما كانت عليه بطاريات الهواتف في السنوات السابقة.
تستخدم هذه التقنية «مضخات جهد كهربائي متعددة» توزع التيار داخل البطارية بشكل آمن وسريع وتحت رقابة عالية من أنظمة الحماية التي تمنع ارتفاع الحرارة أو تلف الخلايا الداخلية للبطارية كما أن استخدام كابلات وشواحن متوافقة مع المعايير الجديدة للشحن السريع يضمن السلامة ويُطيل من عمر البطارية أيضًا.
وفي المقابل تعمل شركات مثل آبل على تطوير تقنيات شحن أكثر كفاءة تعتمد على التوازن بين سرعة الشحن والحفاظ على سلامة بطاريات الهواتف لفترات أطول دون أن تتدهور أداؤها مع مرور الوقت وهو ما يظهر في تحديثات نظام iOS الذي بات يتحكم في توقيت الشحن بنسبة ذكية عبر خاصية «الشحن المحسن».
بطاريات من الجيل التالي بتقنيات الحالة الصلبة
من التطورات المهمة أيضًا في عالم بطاريات الهواتف الذكية هو الاتجاه نحو «البطاريات ذات الحالة الصلبة» والتي تختلف عن البطاريات الحالية من نوع ليثيوم أيون في أنها تستخدم إلكتروليتات صلبة بدلًا من السائلة مما يجعلها أكثر أمانًا وأطول عمرًا.
هذه البطاريات ما زالت في مرحلة التطوير والاختبار إلا أن بعض الشركات قد قطعت شوطًا كبيرًا في تجريبها وقد تظهر خلال السنوات القليلة المقبلة في الهواتف التجارية وهو ما سيشكل نقطة تحول كبيرة في كفاءة وأمان بطاريات الهواتف.
وإضافة إلى ذلك تشير تقارير من معامل أبحاث في كوريا واليابان إلى أن هناك تقدمًا ملموسًا في مجال «بطاريات الغرافين» والتي تعد بأنها ستكون أخف وزنًا وأسرع شحنًا وأكثر تحملًا للحرارة وهو ما سيضع مستقبل بطاريات الهواتف في مسار جديد تمامًا.
تأثير مباشر على تجربة المستخدم
مع هذا التطور الكبير في بطاريات الهواتف بات المستخدمون اليوم يتمتعون بتجربة أكثر استقرارًا حيث يمكنهم الاعتماد على أجهزتهم لفترات طويلة سواء في المهام اليومية أو عند السفر أو في العمل دون الحاجة إلى البحث عن مصدر طاقة باستمرار.
كما أن سرعة الشحن الجديدة تقلل من وقت الانتظار وتعزز من راحة المستخدم في المواقف الحرجة كنفاد البطارية أثناء الاجتماعات أو التنقل وهو ما يجعل «ثورة البطاريات» الحالية واحدة من أبرز التحولات في صناعة الهواتف خلال السنوات الأخيرة.
وقد أدت هذه التحديثات إلى تغيير تفكير المستخدمين عند شراء هاتف جديد فلم يعد التصميم أو الكاميرا وحدهما العامل الحاسم بل أصبح أداء البطارية ومعايير الشحن السريع من أهم أولويات المستهلك.
مستقبل واعد ينتظر بطاريات الهواتف
المستقبل يبدو مشرقًا بالنسبة لتقنيات بطاريات الهواتف حيث تواصل الشركات العملاقة ضخ استثمارات ضخمة في البحث والتطوير من أجل الوصول إلى بطاريات تدوم لعدة أيام وتُشحن في دقائق وتكون أكثر أمانًا وصديقة للبيئة.
وتعمل بعض فرق البحث حاليًا على بطاريات «قابلة للتحلل» و«بطاريات مرنة» يمكن استخدامها في الهواتف القابلة للطي أو الأجهزة القابلة للارتداء مثل الساعات الذكية والنظارات الذكية مما يعكس حجم التحول الذي تشهده صناعة البطاريات عالميًا.
ويبدو أن السنوات المقبلة ستحمل المزيد من المفاجآت في هذا المجال الذي طال انتظاره لتحديثات جذرية بعد أن ظلت بطاريات الهواتف لسنوات تمثل «عنصر ضعف» رغم التقدم الكبير في باقي مواصفات الهواتف الذكية.