صلاة الاستخارة.. كيف تعرف نتيجتها ومتى تنتظر علامة من الله؟

تُعد «الاستخارة» من العبادات التي شرعها الإسلام لتكون وسيلة للمسلم في طلب «التوفيق من الله» في الأمور المهمة والمصيرية، وقد وردت مشروعيتها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان يعلّم أصحابه دعاء الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن، ويؤكد أهل العلم أن المسلم إذا أقبل على الاستخارة بإخلاص وصدق نية فإن الله يوفقه إلى الخير، وإن لم يكن له فيه نصيب فإن الله يصرفه عنه ويرزقه الرضا بما قضاه، ومن هنا فإن معرفة نتيجة «الاستخارة» لا تتوقف على الرؤى أو الانطباعات النفسية فقط، بل تتجلى في التيسير أو الصرف من الله عز وجل.
كيفية معرفة نتيجة الاستخارة
تتمثل نتيجة الاستخارة في أن يفتح الله لك أبواب الخير وييسر لك الأمر الذي استخرت لأجله، فإن وجدت أن الأمر يسير ويتحقق بسهولة واطمئنان فهذا دليل على أن فيه الخير لك، أما إذا واجهت عراقيل أو شعرت بعدم الراحة أو تعذر إتمامه رغم محاولاتك فإن ذلك يشير إلى أن الله صرفه عنك رحمة بك، وقد يكون الخير فيما تكره وقد يكون الشر فيما تحب، لهذا فالاستخارة ليست وسيلة لكشف الغيب ولكنها دعاء وتفويض تام لله تعالى بأن يختار لك الأفضل، وما يحدث بعدها من تيسير أو صرف هو النتيجة الفعلية للاستخارة.
الاستخارة في الزواج.. مثال واقعي من دار الإفتاء
ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال من فتاة تقول إنها تقدم لها أكثر من عريس وترغب في أداء صلاة الاستخارة لاختيار الأنسب بينهم، وقد تساءلت عن كيفية أداء الصلاة وطريقة معرفة نتيجتها، وجاء رد دار الإفتاء واضحًا، حيث أوضحت للسائلة أنه يتوجب عليها أولًا أن تختار من بين المتقدمين من تظن أنه الأفضل لها من حيث الدين والخلق ثم تصلي ركعتين نفلًا بنية الاستخارة في غير أوقات الكراهة وتدعو بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم مع تسمية حاجتها بشكل صريح.
ويُفضل أن تقول في دعائها: «اللَّهُمَّ إنِّي أستخِيرُك بعِلمِكَ، وأسْتَقْدِرُكَ بقدرتِكَ، وأسأَلُكَ مِن فَضْلِكَ العَظِيمِ، فإنَّك تَقدِر ولا أقْدِر، وتعْلَمُ ولا أعْلَم، وأنتَ علَّامُ الغُيوبِ، اللَّهُمَّ إن كُنت تعْلَمُ أنَّ فِي زَوَاجِي مِنْ (فُلَانٍ) خيرًا لي في دِينِي ومَعَاشِي وعاقِبَةِ أمْرِي فاقْدُره لي ويسِّرْهُ لي ثمَّ بَارِك لي فِيه، وإن كُنتَ تعْلَمُ أنَّ في زَوَاجِي مِنْه شَرًّا لي في دِينِي ومعاشِي وعاقبةِ أمْرِي فاصرِفْهُ عنِّي واصْرِفْنِي عنه واقْدر لي الْخَيرَ حيثُ كان، ثمَّ أرْضِنِي بِهِ».
النتائج ليست أحلامًا أو إشارات غيبية
أكدت دار الإفتاء في ردها أن نتيجة الاستخارة لا تُعلم من خلال أحلام أو إشارات خفية كما يعتقد البعض، بل يُترك الأمر لله ليُقدّره وفق حكمته، فإن كان خيرًا فسيتم وييسره الله، وإن لم يكن فسيصرفه الله عنك ويهيئ لك ما هو خير منه، وهذا هو جوهر الاستخارة، فهي ليست كشفًا للمستقبل بل تسليم وتفويض لله الذي يعلم ولا نعلم.
صلاة الاستخارة سنة نبوية في كل الأمور
أوضحت دار الإفتاء أن الاستخارة ليست حكرًا على أمور الزواج فقط، بل هي سنة مؤكدة في كل أمر يحتاج إلى قرار، مثل العمل أو السفر أو الشراكة أو البيع والشراء، واستشهدت بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الذي قال فيه: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمُنَا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن»، وقد بيّن النبي في الحديث الطريقة الدقيقة للاستخارة من خلال صلاة ركعتين نفلًا ثم الدعاء المعروف وذكر الحاجة بالتحديد.
تفصيل مهم في أداء الاستخارة
من المهم أن تؤدى صلاة الاستخارة في غير أوقات الكراهة مثل بعد الفجر أو بعد العصر، ويجب أن يكون القلب حاضرًا والعقل متدبرًا لمعنى الدعاء، كما يُستحب أن يكون القرار قائمًا على تفكير وتمعن ثم يُطلب من الله التوفيق فيه، أما إذا كان الشخص حائرًا بين عدة خيارات يمكنه أن يكرر الاستخارة لكل خيار على حدة أو يستخير بنية عامة ويطلب أن يوفقه الله إلى الأصلح.
الرضا بالقضاء بعد الاستخارة
من أعظم ثمرات الاستخارة أن المسلم يتعلم كيف يُسلّم أمره لله، فحتى لو جاء الأمر على غير ما يتمنى فإن فيه حكمة، وقد روى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه قوله: «من رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط»، ولهذا كان ختام دعاء الاستخارة بطلب الرضا حيث يقول الداعي: «ثم أرضني به»، وهذا يعكس عمق العلاقة بين العبد وربه في هذه العبادة.
الاستخارة لا تعارض الاستشارة
بيّنت دار الإفتاء أن صلاة الاستخارة لا تُغني عن الاستشارة، بل يُستحب أن يجمع المسلم بين الأمرين، فيشاور من يثق بعقله وتجربته ثم يُصلّي ويطلب التوفيق من الله، فالعقل والنقل يدعوان إلى الجمع بين الأسباب الدنيوية والدعاء والرجاء.