الثلاثاء 15 يوليو 2025 الموافق 20 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

«ذكرى سقوط القدس».. حين دخل الصليبيون المدينة وذبحوا أهلها في مجزرة دموية

سقوط القدس فى أيدى
سقوط القدس فى أيدى الصليبيين

تمر اليوم، الثلاثاء 15 يوليو 2025، الذكرى السنوية لسقوط مدينة القدس في قبضة الصليبيين، ضمن أحداث الحملة الصليبية الأولى، حيث اقتحمت القوات الصليبية المدينة في مثل هذا اليوم من عام 1099م، بعد حصار قصير ولكنه دموي، انتهى بمجزرة كبرى راح ضحيتها آلاف من المدنيين المسلمين داخل أسوار المدينة.

حملة صليبية بدأت بدعوة البابا أوربان الثاني

يعود أصل الحملة الصليبية الأولى إلى الدعوة التي أطلقها البابا «أوربان الثاني» عام 1095م، في مدينة «كليرمونت» بجنوب فرنسا، والتي دعا فيها الملوك والأمراء الأوروبيين لانتزاع القدس وسائر الأراضي المقدسة من يد المسلمين، وإعادتها إلى السيطرة المسيحية.

وتفاعل مع هذه الدعوة آلاف من المقاتلين من أوروبا، حيث توجهوا نحو الشرق في حملة عسكرية منظمة، جمعت بين الدوافع الدينية والسياسية والاقتصادية، وتمكنت الحملة من السيطرة على عدة مدن في طريقها، حتى وصلت إلى مشارف القدس في صيف عام 1099.

حصار القدس.. الهجوم من الشمال والجنوب

وفقًا لما ذكره كتاب «القدس فى العصر البيزنطى والإسلامى 324م – 197م» للدكتور إبراهيم الفني، فقد ظهرت القوات الصليبية أمام أسوار مدينة القدس في أوائل يوليو من العام 1099، وقاموا بتقسيم قواتهم إلى قطاعين: الأول بقيادة «ريموند أوجليز» من الجهة الجنوبية، حيث تمركز على جبل «أوفل» المعروف حاليًا بجبل صهيون، أما الثاني فكان بقيادة «جودفري دي بويون»، الذي اتجه إلى الجهة الشمالية عند بوابة دمشق، حتى وصل إلى زاوية السور الشمالية الغربية.

في هذه الأثناء، كانت القوات الإسلامية المحلية المتمركزة في القدس تتحمل عبء الدفاع عن المدينة، وتوزعت على محورين: الجيش النظامي وقوات المتطوعين عند الجهة الجنوبية، فيما تكفّل الأهالي والجند بحماية الجبهة الشمالية.

أربعون يوما من القصف المتواصل

استمر الحصار الصليبي للقدس نحو أربعين يومًا، شنّت خلاله القوات المهاجمة هجمات مستمرة على أسوار المدينة باستخدام آلات الحصار والمنجنيق والأبراج الخشبية التي تم تجهيزها مسبقا، وتمكنت بعد معارك طاحنة من اختراق الأسوار، ودخلت المدينة يوم الجمعة 15 يوليو 1099، في واحد من أكثر الأيام دموية في تاريخ القدس.

ويؤكد مؤرخون، مثل الراهب «روبرت»، أن المجازر التي ارتكبها الصليبيون عقب اقتحام المدينة طالت الرجال والنساء والأطفال دون تمييز، وخاصة في منطقة المسجد الأقصى، التي كانت تمثل نقطة الدفاع الأخيرة عن المدينة، وقد تم ذبح من فيها بوحشية.

تهجير السكان ومصادرة الممتلكات

لم تكتف القوات الصليبية بالقتل الجماعي، بل شرعت عقب سيطرتها على المدينة في عمليات تطهير ديني وعرقي، حيث قاموا بطرد المسلمين ومنعهم من الإقامة في القدس، فيما أفتى الراهب «روبرت» بحرمة سكن المسلمين داخل المدينة المقدسة.

وتمّت مصادرة أملاك السكان الأصليين، وتحويل المباني الإسلامية إلى مؤسسات دينية تابعة للكنيسة، وأُعلنت القدس رسميًا عاصمة لـ«مملكة بيت المقدس» التي أقامها الصليبيون في قلب الشرق الإسلامي، وأصبحت هذه المملكة قاعدة للوجود الصليبي في المنطقة لنحو تسعين عامًا، قبل أن يستعيدها القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين الشهيرة عام 1187م.

بيت لحم تسلم للصليبيين دون قتال

ويتناول الكتاب أيضًا أن مدينة «بيت لحم» سلّمت نفسها للقوات الصليبية دون مقاومة، بعد أن قام حاكم المدينة بإرسال رسالة إلى القوات في مدينة «الرملة»، داعيًا إياهم للحضور واستلام المدينة، وهو ما حدث بالفعل، مما أتاح لهم فتح جبهة خلفية بسهولة في الحصار على القدس.

إرث دموي محفور في الذاكرة التاريخية

يُعد يوم سقوط القدس واحدًا من أكثر الأيام المأساوية في تاريخ المدينة، حيث وصف المؤرخون الأوروبيون أنفسهم ما حدث بأنه «بحر من الدماء»، فيما أكدت مصادر إسلامية أن عدد الضحايا تجاوز الـ70 ألفًا من سكان المدينة، في مقدمتهم العلماء والفقهاء الذين كانوا يتحصنون في المسجد الأقصى.

ورغم مرور أكثر من تسعة قرون على تلك المجزرة، فإن إرثها لا يزال حاضرًا في الذاكرة الجمعية للعالم الإسلامي، حيث شكّل احتلال القدس ومجازر الصليبيين أحد أبرز فصول الصراع بين الشرق والغرب في العصور الوسطى، وسببًا رئيسيًا في إطلاق حملات لاحقة لتحرير الأرض المقدسة.

تم نسخ الرابط