القبض على صانعة محتوى بتهمة التعدي على القيم الأسرية

الأربعاء 13/أغسطس/2025 - 07:49 م

تمكنت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية من إلقاء القبض على إحدى صانعات المحتوى الشهيرات على منصة «تيك توك»، في محافظة البحيرة، وذلك بتهمة التعدي على القيم الأسرية وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

وتأتي هذه الواقعة بعد تلقي الوزارة عدة بلاغات من مواطنين ومتابعين، أعربوا عن استيائهم من مقاطع الفيديو التي نشرتها المتهمة، والتي اعتبروها مخالفة للعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية، وتحتوي على إيحاءات لا تتناسب مع القيم السائدة في المجتمع المصري.

بلاغات متكررة وتحرك سريع

مصادر أمنية أكدت أن إدارة مكافحة جرائم تقنية المعلومات بوزارة الداخلية، رصدت خلال الفترة الأخيرة نشاطًا مثيرًا للجدل للمتهمة عبر حساباتها على منصات التواصل، خاصة «تيك توك» و«إنستجرام».

وذكرت المصادر أن عدة بلاغات وردت للجهات المختصة، تشير إلى أن المحتوى الذي تقدمه المتهمة يتضمن خروجا صريحًا على القيم والمبادئ، فضلاً عن سعيها لاستغلال المنصات الرقمية لتحقيق مكاسب مادية على حساب المعايير الأخلاقية.

عملية الضبط والاعترافات

عقب تقنين الإجراءات القانونية اللازمة، انطلقت قوة أمنية إلى محل إقامة المتهمة بمحافظة البحيرة، حيث تم ضبطها دون مقاومة.

وكشفت التحريات الأولية أن المتهمة لها معلومات جنائية سابقة في قضايا مشابهة تتعلق بنشر محتوى مخالف، وأنها استمرت في نشاطها رغم تحذيرات سابقة من قبل الجهات المعنية.

وبمواجهتها بما نسب إليها، اعترفت بنشرها مقاطع الفيديو المثيرة للجدل عبر حساباتها الرسمية، مشيرة إلى أن هدفها كان زيادة نسب المشاهدة وجذب المزيد من المتابعين، لتحقيق أرباح مادية من الإعلانات والهدايا الرقمية التي يتيحها «تيك توك».

الإجراءات القانونية المتخذة

على الفور، تم تحرير المحضر اللازم، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتهمة، تمهيدًا لعرضها على النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.

ومن المتوقع أن تواجه المتهمة اتهامات تتعلق بمخالفة نصوص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، والذي يجرّم نشر محتوى يخالف القيم الأسرية أو يسيء إلى الآداب العامة عبر الوسائط الإلكترونية.

ردود فعل مجتمعية

أثارت الواقعة موجة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت التعليقات بين مؤيد لخطوة الأجهزة الأمنية باعتبارها تحافظ على القيم المجتمعية، ومعارض يرى أن هذه الخطوة تحد من حرية التعبير.

في المقابل، طالب عدد كبير من رواد مواقع التواصل بضرورة وضع ضوابط صارمة للمحتوى المنشور على المنصات الرقمية، خاصة تلك التي يتابعها فئات عمرية صغيرة، تجنبًا لتأثيرات سلبية على سلوكيات الأطفال والمراهقين.

خلفية قانونية

ينص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات في مادته الـ25 على معاقبة كل من تعمد استعمال شبكة معلوماتية أو إحدى وسائل تكنولوجيا المعلومات في ارتكاب أفعال من شأنها المساس بالقيم الأسرية أو الآداب العامة، بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تجاوز 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

ويأتي هذا القانون في إطار سعي الدولة المصرية لمكافحة الجرائم الإلكترونية، وحماية المجتمع من الممارسات التي تهدد استقراره القيمي والثقافي.

ظاهرة صانعي المحتوى المثير للجدل

خلال السنوات الأخيرة، شهدت منصات التواصل الاجتماعي انتشارًا لافتًا لصانعي المحتوى الذين يسعون للشهرة السريعة عبر تقديم محتوى مثير أو صادم لجذب الانتباه، حتى وإن كان على حساب القيم الأخلاقية.

ويرى خبراء الإعلام أن هذه الظاهرة تعكس تحديًا حقيقيًا أمام جهود ضبط الفضاء الإلكتروني، إذ تتطلب موازنة دقيقة بين حرية التعبير وحماية المجتمع من الانحدار القيمي.

دعوات للرقابة والتوعية

مع تزايد هذه الظواهر، شدد مختصون في علم الاجتماع على ضرورة تفعيل دور الأسرة والمدرسة في توعية النشء بخطورة بعض المحتويات المنتشرة على الإنترنت، مؤكدين أن الرقابة الأسرية لا تقل أهمية عن الرقابة القانونية.

كما دعوا المنصات العالمية مثل «تيك توك» و«فيسبوك» إلى الالتزام بسياسات أكثر صرامة فيما يتعلق بالمحتوى المخالف، وحظر الحسابات التي تكرر الانتهاكات.

تظل واقعة القبض على صانعة المحتوى في البحيرة واحدة من القضايا التي تعكس التحديات التي تواجه المجتمع المصري في ظل الانفتاح الرقمي الكبير، وتؤكد على أن حرية التعبير لا تعني تجاوز القيم والأعراف الراسخة.

ويبقى الرهان الأكبر على وعي المجتمع، ودور المؤسسات التربوية والإعلامية في تشكيل محتوى هادف يحترم الخصوصية الثقافية ويحافظ على هوية المجتمع.

حوادث