احذر.. متلازمة الرقبة النصية تهدد مستخدمي الهواتف

الهواتف أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، إذ لا يكاد يمر يوم دون أن نمسك بها لساعات طويلة سواء للعمل أو الترفيه أو التواصل مع الآخرين، ولكن ما لا يدركه كثيرون أن الإفراط في استخدام «الهواتف» قد يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة من أبرزها ما يُعرف بـ«متلازمة الرقبة النصية» التي تهدد فئة كبيرة من مستخدمي «الهواتف» في العصر الحديث.

ما هي متلازمة الرقبة النصية؟

تعد متلازمة الرقبة النصية من الأمراض الحديثة الناتجة عن الاستخدام المفرط لـ«الهواتف» الذكية، وهي حالة تصيب عضلات الرقبة والعمود الفقري العلوي بسبب النظر المتكرر إلى أسفل أثناء استخدام «الهواتف» لفترات طويلة، حيث يتسبب هذا الوضع في إجهاد العضلات والأعصاب مما يؤدي إلى ألم مزمن وشعور بالتصلب في الرقبة والكتفين، كما قد تمتد التأثيرات لتشمل الظهر والرأس مسببة صداعًا مستمرًا وإرهاقًا عامًا للجسم.

أسباب الإصابة بمتلازمة الرقبة النصية

يرجع الأطباء السبب الرئيسي لهذه المتلازمة إلى الوضعية الخاطئة أثناء استخدام «الهواتف»، فكلما انحنى الرأس للأمام زاد الضغط على فقرات الرقبة والعمود الفقري، حيث تشير الدراسات إلى أن الرأس في الوضع الطبيعي يزن ما يقارب خمسة كيلوجرامات، ولكن عند انحنائه بزاوية 60 درجة كما يفعل معظم مستخدمي «الهواتف»، فإن الحمل الواقع على الرقبة قد يصل إلى أكثر من 25 كيلوجرامًا مما يسبب ضغطًا هائلًا يؤدي إلى إجهاد مستمر وتلف في الأنسجة بمرور الوقت.

أعراض متلازمة الرقبة النصية

تتعدد الأعراض التي قد تظهر على المصابين بهذه المتلازمة وتشمل «ألم الرقبة المزمن»، «تصلب الكتفين»، «الصداع المتكرر»، «الشعور بالوخز أو التنميل في الذراعين»، بالإضافة إلى «الإرهاق العام» و«صعوبة التركيز»، كما يمكن أن يؤدي استمرار الوضعية الخاطئة إلى حدوث انحناء في العمود الفقري على المدى الطويل مما يؤثر سلبًا على المظهر العام للجسم ويجعل المصاب يعاني من وضعية منحنية حتى عند المشي أو الوقوف.

التأثير النفسي والبدني لاستخدام الهواتف المفرط

لا يقتصر ضرر «الهواتف» على الجانب الجسدي فحسب، بل يمتد أيضًا إلى الجانب النفسي، إذ إن الاستخدام الزائد قد يسبب القلق والتوتر واضطرابات النوم، خاصة عند التصفح المستمر قبل النوم، فالشاشات تصدر «ضوءًا أزرق» يثبط إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم، كما أن الوضعية الخاطئة أثناء الإمساك بـ«الهواتف» تسبب شعورًا دائمًا بالتعب والضيق نتيجة شد العضلات والإجهاد المستمر.

نصائح لتجنب متلازمة الرقبة النصية

يمكن الوقاية من هذه المتلازمة من خلال اتباع بعض الخطوات البسيطة التي تساهم في حماية الرقبة والعمود الفقري من الإجهاد، أهمها «رفع الهاتف إلى مستوى العين» لتجنب الانحناء، و«أخذ فترات راحة منتظمة» كل نصف ساعة لتحريك الرقبة والكتفين، و«ممارسة تمارين التمدد» التي تساعد على استرخاء العضلات وتحسين الدورة الدموية، كما يُنصح بـ«تجنب استخدام الهواتف أثناء الاستلقاء» لأن ذلك يزيد من الضغط على الرقبة والظهر، بالإضافة إلى «الحرص على الجلوس بطريقة صحيحة» أثناء العمل أو الدراسة.

دور التمارين في علاج متلازمة الرقبة النصية

تشير الأبحاث إلى أن «التمارين العلاجية» تمثل أحد الحلول الفعالة للتخفيف من أعراض المتلازمة، حيث يمكن أداء تمارين بسيطة مثل إرجاع الرأس للخلف ببطء وتحريك الرقبة يمينًا ويسارًا بلطف مع تكرار ذلك عدة مرات يوميًا، كما تساعد تمارين تقوية عضلات الكتفين والظهر على تحسين «الوضعية الجسدية» وتقليل الضغط الواقع على الفقرات، ومن المهم أيضًا ممارسة «اليوغا» أو «البيلاتس» لما لهما من دور كبير في استعادة مرونة العضلات وتحسين التوازن بين أجزاء الجسم المختلفة.

تأثير الهواتف على الفقرات والعمود الفقري

أوضح المتخصصون أن الاستخدام الطويل لـ«الهواتف» لا يؤثر فقط على الرقبة بل يمتد تأثيره إلى الفقرات العنقية والظهرية، إذ إن الانحناء المستمر يؤدي إلى تغييرات في شكل العمود الفقري بمرور الوقت، وقد تتطور الحالة إلى «فتق غضروفي» أو «تآكل في الفقرات» مما يتطلب علاجًا طبيعيًا مكثفًا وربما تدخلًا جراحيًا في الحالات الشديدة، كما أن بعض الدراسات ربطت بين كثرة استخدام «الهواتف» وتراجع قدرة الجسم على الحفاظ على توازنه الطبيعي أثناء الوقوف أو المشي.

التكنولوجيا سلاح ذو حدين

لا شك أن «الهواتف» أحدثت ثورة في عالم الاتصال والمعرفة، ولكنها في الوقت نفسه أصبحت سببًا في ظهور أمراض جديدة لم تكن معروفة من قبل، فبينما تسهل لنا الحياة وتربطنا بالعالم، إلا أنها تفرض علينا تحديًا حقيقيًا للحفاظ على صحتنا الجسدية والنفسية، ولذلك يجب على المستخدمين إدراك أن «الراحة التكنولوجية» لا تعني إهمال الجسد، وأن الاستخدام المعتدل لـ«الهواتف» مع الالتزام بالعادات الصحية يمكن أن يمنع الكثير من المشكلات المستقبلية.

الوقاية خير من العلاج

إن الوقاية من متلازمة الرقبة النصية تبدأ من الوعي، فكل فرد يستخدم «الهواتف» لساعات طويلة يجب أن يدرك أهمية الجلوس السليم والحركة المنتظمة، كما يجب على أولياء الأمور توعية أطفالهم بخطورة الانحناء المستمر أثناء اللعب أو الدراسة على الأجهزة الذكية، لأن «الوقاية المبكرة» تضمن سلامة العمود الفقري ونموًا سليمًا للجسم في المراحل العمرية المختلفة.

متلازمة الرقبة النصية تمثل جرس إنذار لكل مستخدمي «الهواتف» حول العالم، فالحفاظ على الصحة يجب أن يكون أولوية قبل أي تكنولوجيا، وعلينا أن نستخدم «الهواتف» بطريقة ذكية ومتزنة تحافظ على توازن أجسامنا وتمنحنا الراحة بدلًا من الألم، لأن «الوقاية تبدأ من وعيك».