الأزهر: التصدق وإيواء المحتاجين في الشتاء رسالة شرعية وواجب إنساني
أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية على أهمية مساعدة الفقراء والمحتاجين والشعور بمعاناتهم، خاصة في فصل الشتاء الذي تزداد فيه قسوة الظروف المناخية على الضعفاء، وأشار المركز، عبر منشور على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إلى أن تقديم الأغطية، الملابس الثقيلة، والمساهمة في تحسين مساكن الفقراء وإيواء المحتاجين، يُعد من صور التكافل التي حث عليها الشرع الإسلامي.
واستشهد مركز الأزهر بحديث النبي ﷺ الذي قال فيه: «مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ، وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» [أخرجه مسلم]، وأوضح مركز الأزهر أن التصدق في الشتاء بالأغطية وغيرها لا يُعد فقط بابًا من أبواب التكافل الاجتماعي، بل هو أيضًا من صور “صدقة الستر” التي لها مكانة خاصة في الإسلام.
صدقة الستر وأهميتها في الشتاء
يرتبط مفهوم الصدقة في أذهان الكثيرين بالماء أو المال فقط، حيث يشيع بين الناس فكرة إنشاء كولديرات الماء أو التبرع بالأموال للمحتاجين، لكن في فصل الشتاء، تظهر صورة مختلفة للصدقة تتمثل في تقديم ما يُغطي الجسد ويحميه من البرد القارس، ومن أبرز صور هذه الصدقة توزيع البطاطين والملابس الثقيلة على الفقراء، وهو عمل يُحقق الستر المادي والروحي، كما أن له أثرًا مباشرًا على حياة المحتاجين في هذا الفصل الذي يُعتبر “ربيع المؤمن”، نظرًا لطول ليله الذي يُتيح العبادة واعتدال نهاره الذي يُيسر الصيام.
وأفاد مركز الأزهر أن دعم المحتاجين بالبطاطين في الشتاء ليس مجرد فعل خيري، بل هو وسيلة للقيام بواجب ديني واجتماعي، حيث يشعر الإنسان بفضل هذه الصدقة إذا اختبر بنفسه معاناة البرد واحتياجه إلى ما يُخفف قسوته.
حكم توزيع البطاطين من زكاة المال
وفي سياق متصل، أثيرت تساؤلات حول حكم شراء البطاطين من زكاة المال وتوزيعها على الفقراء، وقد أجابت دار الإفتاء المصرية عن هذا السؤال عبر أمين الفتوى الدكتور محمد عبد السميع، موضحة أن الأصل في زكاة المال أن تُعطى للفقراء مالًا ليصرفوه حسب احتياجاتهم، ومع ذلك إذا أراد الشخص شراء البطاطين وتوزيعها بدلًا من المال، فإن ذلك جائز ويُعتبر من باب الصدقة.
وأشار الدكتور عبد السميع إلى وجود حالتين في هذا السياق:
1.الصدقة العامة: وهي واسعة المجال، حيث يمكن للشخص أن يُخرج ما يريد من أموال أو مواد عينية مثل البطاطين.
2.زكاة المال: الأفضل أن تُخرج مالًا ليُحقق الفقير بها احتياجاته بنفسه، لكن إذا اقتضت الضرورة توزيع البطاطين بدل المال، كأن يكون المحتاج بحاجة ماسة لها، فإن ذلك لا مانع منه شرعًا.
التكافل في الإسلام: ضرورة شرعية وإنسانية
يُذكر أن الشرع الحنيف شدد على أهمية التكافل بين أفراد المجتمع، خاصة في الأوقات التي تشتد فيها الحاجة، فالشتاء يُعد موسمًا تتجلى فيه قيم التضامن الاجتماعي، حيث يمكن للفرد أن يُحدث فرقًا حقيقيًا في حياة الآخرين من خلال أفعال بسيطة لكنها عظيمة الأثر.
دعا مركز الأزهر إلى استشعار مسؤولية المجتمع تجاه الفقراء والمحتاجين، مشددًا على أن الإسلام يدعو دائمًا للرحمة والإحسان، ولعل أبلغ صور هذه الرحمة هي تقديم ما يُعين المحتاج على مواجهة برد الشتاء القارس، سواء كان ذلك بطانية، ملابس ثقيلة، أو حتى إصلاح منزل يقيه من المطر والبرد.
ويُشدد الأزهر على أن هذه الأعمال الخيرية، إلى جانب كونها واجبًا دينيًا، تعكس جوهر الإنسانية وقيم التكافل التي تُميز المجتمعات السليمة.