هل يقع الطلاق بالتوقيع دون لفظ؟.. الإفتاء توضح

ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال حول مدى وقوع الطلاق إذا تم التوقيع عليه دون التلفظ به، حيث جاء في الاستفسار أن دائرة المأذونين الشرعيين بإحدى المحاكم قامت باستخراج فتوى شرعية بشأن حالة طلاق تمت أمام المأذون، حيث وقع الزوج والزوجة على وثائق الطلاق ووضعا بصماتهما عليها، إلا أن الزوج أكد أنه لم ينطق بلفظ الطلاق، بل اكتفى بالتوقيع فقط، ثم طلب من المأذون إلغاء الطلاق بعد ذلك.
وقد أوضح المأذون المختص في الطلب المقدم أن الزوج كان في حالة غضب شديد أثناء التوقيع، حيث نشب بينه وبين زوجته شجار انتهى بإهانات متبادلة، وأصرت الزوجة على إتمام الطلاق، مما دفع الزوج إلى التوقيع على الوثيقة بدافع العناد فقط، دون أن ينطق بلفظ الطلاق، كما أكد المأذون أنه لم يكن قد كتب أي بيانات على إشهاد الطلاق قبل توقيع الزوج، وأن الزوج رفض التلفظ بيمين الطلاق، كما لم يتم توقيع أي شهود على الوثيقة.
رأي دار الإفتاء المصرية في الرجوع عن الطلاق الموثق
جاء رد دار الإفتاء المصرية موضحًا أن الرجل إذا قام بتوثيق طلاقه رسميًا أمام المأذون، فإن هذا الطلاق يعد واقعًا ولا يجوز الرجوع عنه، وذلك لأن الواقع لا يمكن رفعه، كما أن الطلاق من حيث المبدأ هو تصرف إنشائي، أي أنه بمجرد حصوله لا يمكن الرجوع عنه، شأنه شأن العقود التي تؤدي إلى إنهاء العلاقة الزوجية، كما أن لهذا الإجراء تبعات قانونية وحقوقًا للزوجة يجب احترامها، مثل حقها في الزواج مرة أخرى بعد الطلاق.
وأوضحت دار الإفتاء أنه لا يمكن تعديل وثيقة الطلاق إلا في حالات محددة، مثل وجود خطأ مادي في كتابة عدد الطلقات، كأن يكتب المأذون “ثلاث طلقات” بدلاً من “واحدة” أو “اثنتين”، أو في حالة حدوث تزوير أو إكراه مادي، أما غير ذلك، فلا يجوز إلغاء الوثيقة أو التراجع عن الطلاق المسجل رسميًا.
حجية إشهاد الطلاق الرسمي وأهميته في إثبات الطلاق
أكدت دار الإفتاء أن إشهاد الطلاق الرسمي هو وثيقة تحمل صفة الإقرار القضائي، ولهذا لا يمكن الطعن في صحته إلا من خلال القضاء، حيث لا يُسمح بإعادة النظر فيه إلا عند وجود أدلة قانونية قوية تستدعي ذلك، وأشارت إلى أن هذه الوثيقة تكون معتمدة شرعًا لأنها تصدر بعد قيام المأذون بتوضيح الأمر للزوج، والتأكد من أهليته الشرعية والقانونية لإيقاع الطلاق، وكذلك التأكد مما إذا كان اللفظ الصادر منه يُعد طلاقًا شرعيًا أم لا، بالإضافة إلى تحديد عدد الطلقات الموقعة على الزوجة.
ونظرًا لهذه الإجراءات، فإن وثيقة الطلاق الرسمي تكتسب حجية قانونية وشرعية لا يمكن الرجوع عنها، حيث إنها تتعلق بحقوق الزوجة، وتؤثر على إمكانية زواجها بعد الطلاق، وبالتالي يجب احترامها من جميع الأطراف.
شروط اعتبار إشهاد الطلاق وثيقة رسمية معتمدة
أوضحت دار الإفتاء أن وثيقة إشهاد الطلاق لا تُعتبر رسمية ومعتمدة إلا إذا توافرت فيها عدة شروط أساسية، من بينها:
أن يتم تحريرها على النموذج الرسمي المعتمد من الدولة، والذي يحمل رقمًا مسلسلاً في السجلات الحكومية.
أن يقوم المأذون الشرعي بملء جميع بيانات الوثيقة بنفسه، بحيث تكون مكتملة الأركان.
أن تحمل الوثيقة الختم الرسمي للدولة، مما يجعلها معترفًا بها من الجهات المختصة.
إذا لم تستوفِ الوثيقة هذه الشروط، فإنها لا تكون رسمية، ولا يُعتد بها كإقرار قضائي يوثق وقوع الطلاق، كما أن مجرد توقيع الزوج عليها دون أن تحتوي على بيانات مكتوبة أو إقرار صريح بالطلاق، يجعلها غير معتمدة، حيث لا يكون هناك ما يُوثَّق من الأساس.
حكم الطلاق إذا تم التوقيع عليه دون تلفظ به
بناءً على ما جاء في استفسار المأذون المختص، أوضحت دار الإفتاء أنه إذا كان الزوج قد وقع على وثيقة الطلاق على بياض، أي قبل ملء أي بيانات، ولم ينطق بلفظ الطلاق أمام المأذون، فإن الوثيقة لا تعتبر إقرارًا قضائيًا موثقًا، وبالتالي لا يُعد الطلاق واقعًا بناءً على هذا التوقيع وحده، وأكدت أنه يجوز إلغاء هذا الطلاق وفق الإجراءات القانونية المقررة لذلك، ولكن هذا يتوقف على تحقق المحكمة المختصة من صحة ادعاء الزوج بأنه لم يتلفظ بالطلاق، وأن التوقيع تم قبل كتابة أي بيانات رسمية في الوثيقة.
وبذلك يتبين أن الطلاق لا يقع بمجرد التوقيع على الوثيقة ما لم يكن هناك إقرار صريح من الزوج بوقوع الطلاق أمام المأذون، كما أن مجرد التوقيع في حالة غضب أو عناد لا يكفي لإثبات وقوع الطلاق شرعًا، ما لم يكن هناك نص واضح في الوثيقة يثبت أن الزوج قد أقر بالطلاق شفهيًا أمام الجهات الرسمية.