الثلاثاء 18 مارس 2025 الموافق 18 رمضان 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

حكم الطلاق عبر الهاتف ووسائل التواصل الحديثة.. المفتي يوضح

الطلاق
الطلاق

تعد قضايا الطلاق من أكثر الأمور تعقيدًا وحساسية في الشريعة الإسلامية نظرًا لما يترتب عليها من آثار عميقة تمتد إلى الأسرة والمجتمع بأسره، وفي ظل تطور وسائل الاتصال الحديثة وانتشار استخدامها في الحياة اليومية، بات الكثيرون يتساءلون عن حكم الشرع في الطلاق عبر الهاتف أو من خلال تطبيقات الرسائل مثل “واتساب”، وهو ما أوضحه الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، من خلال فتوى رسمية صادرة عنه، حيث تحدث بالتفصيل عن كيفية التعامل الشرعي مع هذه الحالات وضرورة التحقق من نية الزوج.

حكم الطلاق عبر الهاتف ووسائل التواصل الحديثة

أكد الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن الأصل في الطلاق أن يتم مشافهة، أي بالنطق المباشر أمام الزوجة أو في حضور شهود، إلا أن وسائل الاتصال الحديثة، مثل الرسائل النصية عبر الهاتف أو تطبيقات التواصل الاجتماعي، قد أصبحت وسيلة شائعة للتواصل بين الأزواج، وقد يحدث أن يرسل الزوج رسالة تتضمن عبارة الطلاق لزوجته، وهنا أوضح المفتي أن هذا النوع من الطلاق يستلزم التحقق من نية الزوج عند صدور هذا اللفظ.

وبيّن المفتي أنه في حال إرسال الزوج عبارة الطلاق عبر “واتساب” أو غيره من التطبيقات الإلكترونية، يتم استدعاؤه من قبل الجهات المختصة للتحقق من نيته بشكل واضح، فإن أقر الزوج بأنه قصد بالفعل إيقاع الطلاق ونيته ثابتة، وقع الطلاق شرعًا، أما إذا كانت الرسالة تحتمل التأويل وكانت الألفاظ المستخدمة من ألفاظ الكناية، فإن الأمر يتطلب استيضاح نيته، فإذا قصد بها الطلاق وقع، وإن لم يكن يقصد بها إنهاء العلاقة الزوجية، فلا يقع الطلاق في هذه الحالة.

وأشار الدكتور نظير عياد إلى أن قضية الطلاق ليست بالأمر الهيّن، بل هي مسألة خطيرة لما لها من تأثير على استقرار الأسرة وتماسك المجتمع، كما دعا الأزواج إلى التروي والتفكير جيدًا قبل الإقدام على هذا القرار، مشددًا على ضرورة التواصل مع أهل العلم وطلب المشورة قبل اتخاذ مثل هذه الخطوات المصيرية.

ظاهرة التسرع في التلفظ بالطلاق وأحكامها الشرعية

تحدث مفتي الجمهورية عن ظاهرة سلبية انتشرت في المجتمع وهي التسرع في التلفظ بالطلاق لأسباب بسيطة أو لأتفه الخلافات، موضحًا أن البعض يستخدم ألفاظ الطلاق في الحياة اليومية وفي المعاملات التجارية دون وعي بخطورة هذا الأمر، ومن الأمثلة على ذلك ما يردده بعض التجار في البيع والشراء بقولهم: “عليَّ الطلاق بالثلاثة إن لم يكن هذا السعر هو الأقل”، وهذا الأمر يُعد مخالفًا لأحكام الشريعة الإسلامية لما فيه من استهتار بحدود الله تعالى.

وأوضح أن التسرع في استخدام ألفاظ الطلاق يجعل العلاقة الزوجية عرضة للتفكك، كما أن التلاعب بهذه الألفاظ في الأمور الدنيوية يسيء لقدسية عقد الزواج، لذا حذّر المفتي من التهاون في هذه الأمور لما يترتب عليها من آثار شرعية خطيرة قد تؤدي إلى وقوع الطلاق دون إدراك.

ألفاظ الطلاق بين الكناية والصريح وأحكامها

كما أشار الدكتور نظير عياد إلى أن هناك بعض الألفاظ التي يكثر استخدامها بين الأزواج والتي قد تكون سببًا في حدوث الطلاق إذا قصد بها الزوج إنهاء العلاقة الزوجية، ومن أبرز هذه العبارات “أنتِ حرام عليَّ” أو “أنتِ كأمي”، وهذه الألفاظ تُعرف شرعًا بألفاظ الكناية، أي أنها ليست صريحة في وقوع الطلاق ولكنها تحتمل أكثر من معنى.

وبيّن المفتي أن هذه الألفاظ تحتاج إلى التفصيل الشرعي لمعرفة نية الزوج عند التفوه بها، فإذا كان القصد منها التهديد أو الوعيد فقط دون نية الطلاق، فإنها تدخل في باب اليمين وتوجب الكفارة عند الحنث بها، ويكفر الزوج عن يمينه بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم يستطع فصيام ثلاثة أيام.

أما إذا كان القصد من هذه العبارات هو الظهار، وهو أن يشبه الرجل زوجته بالمحرمات عليه كأمه أو أخته، فيترتب عليه حكم الظهار الشرعي، وفي هذه الحالة يجب على الزوج أن يكفّر كفارة الظهار، والتي تشمل عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يتمكن من الصيام، فعليه أن يُطعم ستين مسكينًا.

وأكد المفتي أن المسلم ينبغي عليه أن يتحرى الدقة في ألفاظه وأقواله، وألا يستخدم عبارات الطلاق أو التحريم في الأمور الحياتية العادية لما في ذلك من انتهاك لحرمة الزواج وقدسية العلاقة الزوجية.

خطورة قطع صلة الرحم بسبب الخلافات الزوجية

وفي سياق متصل، حذر الدكتور نظير عياد من خطورة قطع صلة الرحم بسبب الخلافات الزوجية، مشيرًا إلى أن الخلافات العائلية يجب ألا تكون سببًا في هدم العلاقات الأسرية وقطع التواصل بين الأرحام، إذ أن صلة الرحم من الأمور التي أمر بها الله تعالى ووعد من يلتزم بها بالبركة في العمر والرزق.

واستشهد المفتي بالحديث القدسي الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أنا الرحمن، خلقت الرحم، واشتققت لها اسمًا من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته”، موضحًا أن قاطع الرحم ملعون ومطرود من رحمة الله تعالى، كما أن قطيعة الرحم تتسبب في زوال البركة وتعسير الأمور الدنيوية.

ودعا المفتي الأزواج والأسر إلى الحفاظ على روابطهم الأسرية وتجاوز الخلافات بوعي وحكمة، مؤكدًا أن الإسلام يحث على التسامح والإصلاح بين الزوجين وصلة الرحم، لأن ذلك يعزز التماسك الأسري ويحفظ استقرار المجتمع.

دعوة للتريث والتشاور قبل الطلاق

في ختام حديثه، شدد الدكتور نظير عياد على أن الطلاق هو آخر الحلول التي يلجأ إليها الزوجان عند استحالة استمرار الحياة بينهما، ولا ينبغي التعجل به دون تفكير عميق واستشارة أهل العلم، مؤكدًا أن الشريعة الإسلامية وضعت ضوابط دقيقة لحماية الأسرة والحفاظ على استقرارها.

كما دعا الأزواج إلى اللجوء إلى مكاتب الإفتاء الرسمية عند وقوع أي خلاف أو لبس في مسائل الطلاق لضمان صحة الفتوى وتطبيق الأحكام الشرعية بشكل دقيق وعادل، مشيرًا إلى أن الحفاظ على الأسرة هو مسؤولية الجميع، وأن التفاهم والتروي هما السبيل لحياة زوجية مستقرة وسعيدة.

تم نسخ الرابط