من القدس إلى جبل الموت.. جنان سليمان ضحية سقوط تلفريك في إيطاليا

تحولت رحلة سياحية بريئة إلى فاجعة مأساوية، بعد أن لقيت الشابة الفلسطينية جنان عزيز سليمان (25 عامًا) مصرعها، إثر سقوط عربة تلفريك كانت تقلها برفقة شقيقها، في جبل «Mount Faito» الواقع جنوب غرب إيطاليا، والمطل على خليج نابولي.
الحادث المروع وقع يوم الخميس الماضي، حينما انقطع كابل إحدى عربات التلفريك وسقطت من ارتفاع يقارب الثلاثين مترًا، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص كانوا بداخلها، بينهم جنان، التي تنحدر من قرية مشهد القريبة من مدينة الناصرة في الجليل، شمالي فلسطين المحتلة.
شقيقها نجا بأعجوبة
ورافق جنان في هذه الرحلة السياحية شقيقها ثابت سليمان (30 عامًا)، الذي نجا من الموت، لكنه أصيب بجراح وصفت بأنها «شبه خطيرة»، حيث يخضع حاليًا للعلاج في مستشفى «دل ماري» في نابولي الإيطالية، وسط متابعة طبية دقيقة لحالته الصحية.
وكانت هذه الرحلة جزءًا من عطلة قصيرة جمعت الشقيقين، قبل أن تنقلب إلى كارثة، وتخطف جنان من أحضان أسرتها وأصدقائها، تاركة صدمة كبيرة بين من عرفوها.
صيدلانية شابة طموحها توقف فجأة
جنان سليمان هي الصغرى بين ستة أشقاء، وكانت قد أنهت دراستها الجامعية في مجال الصيدلة قبل نحو عام، وعملت في إحدى الصيدليات بمدينة القدس المحتلة. كانت تتمتع بروح مرحة وطموحة، وفقًا لما ذكره مقربون منها، وكانت تخطط لتوسيع مسيرتها المهنية، قبل أن ينتهي كل شيء على نحو مأساوي وغير متوقع.
سقوط العربة ومصرع الركاب
وبحسب ما أفادت به قناة "مكان" الإسرائيلية ووسائل إعلام محلية في الداخل الفلسطيني، فإن العربة التي سقطت كانت تقل خمسة أشخاص، وهم جنان سليمان، شقيقها ثابت، سائحة بريطانية، سائح بريطاني آخر، إضافة إلى سائق العربة الإيطالي كارمين بارلاتو (58 عامًا).
وأكدت السلطات الإيطالية أن أربعة من الركاب لقوا مصرعهم في الحال، بينما نجا شخص واحد فقط، هو ثابت، الذي تم إنقاذه من بين الحطام، وهو في حالة وعي، لكنه يعاني من كدمات وجروح في أنحاء جسده.
تحقيقات واعتقالات والرياح هي السبب
وعلى إثر الحادث، باشرت السلطات الإيطالية التحقيق في أسبابه، حيث أشارت التحقيقات الأولية إلى أن الرياح العنيفة التي ضربت المنطقة بشكل مفاجئ، كانت أحد العوامل التي أدت إلى توقف عربتين في الهواء وسقوط إحداهما.
وتم اعتقال ثلاثة مسؤولين عن تشغيل وإدارة نظام التلفريك، للاشتباه بوجود إهمال أو تقصير فني في الإجراءات المتبعة لضمان السلامة، في انتظار ما ستكشفه التحقيقات الفنية والتقارير النهائية حول أسباب انهيار الكابل وسقوط العربة.
العائلة تتوجه إلى نابولي
وفور تلقيها نبأ الحادث، سافرت عائلة جنان إلى إيطاليا لمتابعة مجريات الأمور. ووصل شقيقها الدكتور محمد سليمان، برفقة خاله المحامي لؤي عرفات إلى نابولي يوم الجمعة، للإشراف على ترتيبات نقل الجثمان إلى مسقط رأسها في قرية مشهد، والوقوف إلى جانب شقيقها المصاب في هذه المحنة العصيبة.
وتسعى العائلة لاستكمال الإجراءات القانونية مع الجهات المعنية في إيطاليا، تمهيدًا لنقل جثمان جنان إلى فلسطين المحتلة، حيث من المقرر أن تُقام لها جنازة حاشدة تشارك فيها القرية بأكملها.
صدمة في مسقط رأسها
وفي قرية مشهد، خيّم الحزن على الأهالي فور سماعهم النبأ. فقد كانت جنان معروفة بين أبناء بلدتها بابتسامتها وطيبة قلبها، وكانت تربطها علاقات طيبة مع الجميع.
وذكرت مصادر محلية أن العائلة تعيش حالة من الانهيار والحزن العميق، خصوصًا أن جنان كانت الأقرب لقلوبهم، وكانت تحمل طموحات كبيرة لمستقبلها المهني والشخصي.
نهاية حزينة لرحلة حلم
تحول حلم الاستجمام والسفر إلى كابوس مأساوي لعائلة سليمان، بعد أن اختُتمت الرحلة بنبأ صادم، هزّ ليس فقط أبناء مشهد، بل الجالية الفلسطينية في إيطاليا، والداخل الفلسطيني عمومًا.
وفي ظل هذه الفاجعة، تتواصل المطالبات من مؤسسات فلسطينية بضرورة فتح تحقيق دولي شامل حول الحادث، ومحاسبة أي طرف قد يكون تسبب في الإهمال الذي أودى بحياة جنان، وغيرها من الضحايا الأبرياء.