مصر تدعو لإبراز أولويات الدول العربية في التعاهد الرقمي العالمي

في خطوة تؤكد حرص الدولة المصرية على دعم قضايا التحول الرقمي والتنمية المستدامة في المحافل الدولية، شارك السفير عمرو الجويلي، مساعد وزير الخارجية للشئون متعددة الأطراف والأمن الدولي، كمتحدث في جلسة النقاش الوزاري حول التعاهد الرقمي العالمي، وذلك ضمن فعاليات المنتدى العربي للتنمية المستدامة المنعقد بالعاصمة اللبنانية بيروت.
ويُعد هذا التعاهد الرقمي جزءًا من التحضيرات العالمية لصياغة «ميثاق المستقبل»، الذي يتناول أبرز القضايا المتعلقة بالحوكمة الرقمية والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا البازغة، تمهيدًا لاعتماده في القمم الأممية القادمة، بما في ذلك قمة مستقبل العالم المقررة في عام 2024.
أهمية التوقيت في الدفع بأولويات الدول العربية
وفي كلمته خلال الجلسة الوزارية، أكد الجويلي على أهمية توقيت هذا النقاش، خاصة في ظل انطلاق المفاوضات حول إنشاء لجنة علمية دولية متخصصة في الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الحوار العالمي الجاري بشأن حوكمة الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى أن هذه المرحلة تمثل فرصة ثمينة للدول العربية كي توحّد موقفها وتدفع بأولوياتها في مجال التكنولوجيا الرقمية، بما يضمن تمثيلًا عادلًا في صناعة السياسات الرقمية العالمية.
وأوضح مساعد وزير الخارجية أن المنتديات الدولية أصبحت تتعامل مع التكنولوجيات البازغة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية من منظور السياسات العامة، لا من منظور تقني فقط، مشددًا على أهمية هذه المقاربة لضمان توافق عالمي على إجراءات واضحة لتنفيذ التعاهد الرقمي، مع ضرورة وضع مؤشرات دقيقة وقابلة للقياس لمتابعة هذا التنفيذ.
تأكيد على مصالح الدول النامية
شدد السفير الجويلي في كلمته على ضرورة أن تُعطي النقاشات الدولية الأولوية لاهتمامات ومشاغل وتطلعات الدول النامية، بما في ذلك الدول العربية، خاصة فيما يتعلق بقضايا السيادة الرقمية، ومكافحة التمييز في الخوارزميات، وضمان الوصول العادل للتكنولوجيا.
وأشار إلى أن العالم يشهد تحولًا جذريًا في مفاهيم الأمن والسيادة نتيجة للتطورات الرقمية، مما يتطلب من الدول النامية أن تكون حاضرة في صياغة المعايير العالمية منذ البداية، وليس لاحقًا عندما تصبح هذه السياسات أمرًا واقعًا.
وأكد أن مصر، بصفتها من الدول الرائدة في العالم العربي، تعمل على التنسيق الإقليمي والعربي لتعزيز موقف موحد يُعبر عن احتياجات المنطقة، سواء فيما يتعلق بالبنية التحتية الرقمية أو بالتحول الرقمي في القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والإدارة العامة.
مشاركة مصرية فاعلة في قضايا الأمن الغذائي
وفي سياق متصل، شارك السفير الجويلي أيضًا في الاجتماع التحضيري الإقليمي العربي لمنسقي النظم الغذائية، والذي عُقد على هامش فعاليات المنتدى، حيث قدّم عرضًا شاملًا حول الجهود المصرية في التحول إلى نظم غذائية أكثر مرونة واستدامة.
وأوضح أن مصر تنفذ رؤية وطنية طموحة للتحول نحو نظم غذاء متكاملة، ترتكز على تعزيز الأمن الغذائي وتقليل الهدر وتحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك، مشيرًا إلى اعتماد مصر على آليات تمويل مبتكرة لدعم هذا التحول، بما يشمل الشراكات مع القطاع الخاص، والمؤسسات الدولية، وآليات تمويل المناخ.
وأكد أن هذا التحول لا يُعد فقط مسألة اقتصادية أو تنموية، بل هو ضرورة إنسانية وبيئية لضمان حصول الأجيال الحالية والمستقبلية على غذاء آمن وكافٍ ومستدام.
دعم مصري مستمر لقضايا التنمية والعدالة الرقمية
أوضح الجويلي أن المشاركة المصرية في مثل هذه المحافل الإقليمية والدولية تعكس التزام الدولة الواضح بدعم أهداف التنمية المستدامة، والدفع نحو شمولية السياسات الرقمية والبيئية والغذائية، بشكل يحقق العدالة بين الدول ويُعزز من فرص التعاون.
كما أشار إلى أهمية أن تكون الدول النامية، وعلى رأسها الدول العربية، طرفًا أصيلًا في صياغة السياسات المستقبلية الخاصة بالعالم الرقمي، مؤكدًا أن مصر ستواصل التنسيق مع شركائها في الإقليم ومع المنظمات الأممية لضمان صوت عربي موحد ومؤثر.
المنتدى العربي منصة لتعزيز الشراكة بين الحكومات والمجتمع المدني
يُشار إلى أن المنتدى العربي للتنمية المستدامة يُعقد سنويًا تحت مظلة لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «الإسكوا»، ويُعد منصة رئيسية لتبادل الخبرات واستعراض جهود الدول العربية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
وقد شهد المنتدى هذا العام مشاركة واسعة من ممثلي الحكومات، والمنظمات الإقليمية والدولية، وخبراء التنمية، وممثلي المجتمع المدني، حيث ناقش المشاركون التحديات والفرص المرتبطة بالقضايا الحيوية في المنطقة العربية، ومن بينها التحول الرقمي، والأمن الغذائي، والتغير المناخي، والفقر، والتعليم.