عودة كورونا في ثوب جديد.. تعرف على أعراض المتحور الأحدث

كورونا تعود إلى الواجهة من جديد، موجة جديدة من القلق تنتشر في الأفق بعد الإعلان عن ظهور متحور جديد يحمل سمات مغايرة عمّا سبق، حيث بدأت الأوساط الطبية ترصد تحولات واضحة في أعراض الإصابات بهذا الشكل الجديد من فيروس كورونا، الأمر الذي أعاد الحديث حول ضرورة الحذر والحيطة والعودة إلى إجراءات وقائية صارمة قد طُويت صفحاتها مؤخرًا.
تحور جديد يعيد المخاوف من «كورونا»
عادت «كورونا» لتفرض نفسها على المشهد الصحي العالمي بعد أن كشفت تقارير طبية حديثة عن ظهور متحور جديد يتسم بعدد من الخصائص التي تختلف عن السلالات السابقة، ووفقًا لما أعلنته منظمة الصحة العالمية فإن هذا المتحور الذي أُطلق عليه اسم «FLiRT» يعتبر واحدًا من أكثر السلالات قدرة على الانتشار حاليًا، وقد بدأت دول عدة ترصد ارتفاعًا في عدد الإصابات، مما ينذر بعودة خطر «كورونا» من جديد، وإن كان بأعراض متفاوتة في شدتها.
الخبراء يؤكدون أن هذا المتحور لا يُعد بالضرورة أخطر من المتحورات السابقة، لكنه يمتلك قدرات أعلى في المراوغة المناعية، أي أن الأشخاص الذين تلقوا اللقاح أو أصيبوا سابقًا قد لا يتمتعون بنفس الحماية السابقة، وهو ما يضع السلطات الصحية أمام تحديات جديدة في التصدي لموجة محتملة من «كورونا».
ما الأعراض الجديدة التي يسببها المتحور؟
بالمقارنة مع متحورات كورونا السابقة، تظهر على المصابين بهذه النسخة أعراض وصفها بعض الأطباء بأنها «غامضة» نسبيًا، إذ تشير التقارير الأولية إلى أن الأعراض لا تتوقف فقط عند السعال أو الحمى أو فقدان الشم والتذوق كما كان شائعًا في البداية، بل تشمل كذلك مجموعة من العلامات الجديدة التي تستدعي الانتباه.
تشمل أبرز أعراض المتحور الجديد:
«احتقان الأنف» و«سيلان الأنف» المستمر
«التهاب الحلق» مصحوب بألم متوسط إلى حاد
«صداع» مستمر يختلف عن الصداع المعتاد
«تعب شديد» حتى دون مجهود بدني
«اضطراب المعدة» لدى بعض المصابين
ارتفاع درجة الحرارة أحيانًا لكن ليس في جميع الحالات
ويلاحظ الأطباء أن بعض هذه الأعراض تشبه نزلات البرد أو الإنفلونزا الموسمية، مما يؤدي إلى إرباك في تشخيص الإصابة بـ«كورونا» ويزيد من احتمالات انتقال العدوى دون أن يشعر بها الشخص المصاب.
من هم الأكثر عرضة للمتحور الجديد؟
بحسب الدراسات الأولية فإن الأشخاص الذين يعانون من «ضعف في المناعة» هم الأكثر عرضة لتأثيرات المتحور الجديد من كورونا، بالإضافة إلى كبار السن ومرضى الأمراض المزمنة مثل السكري والضغط وأمراض القلب، كما رُصدت حالات إصابة بين الأطفال في بعض الدول، مما دفع بعض المدارس في أوروبا والولايات المتحدة إلى إعادة فرض الإجراءات الوقائية داخل الصفوف الدراسية.
اللافت في هذا المتحور أن هناك حالات إصابة بين من تلقوا اللقاح، الأمر الذي لا يعني فشل اللقاح بالكامل، بل يشير إلى أن فعالية الحماية المناعية قد تنخفض مع مرور الوقت، ولذلك توصي بعض الجهات الصحية بالحصول على جرعة تعزيزية خاصة للوقاية من المتحورات الجديدة.
هل تعود «الإجراءات الوقائية» إلى الواجهة؟
بالتزامن مع عودة الحديث عن «كورونا»، بدأت بعض الدول بالفعل في مراجعة سياساتها الصحية، حيث أعادت اليابان فرض استخدام الكمامات في المواصلات العامة، وأوصت بريطانيا بعدم الخروج من المنزل في حال ظهور أعراض نزلات البرد، في حين حثت الولايات المتحدة مواطنيها على إجراء اختبار منزلي سريع عند الشعور بأي عرض تنفسي، ويجري العمل حاليًا على تطوير اختبارات سريعة قادرة على الكشف عن الإصابة بالمتحور الجديد تحديدًا.
في هذا السياق، يرى الخبراء أن العودة إلى بعض «الإجراءات الوقائية» مثل غسل اليدين بانتظام، وارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة، والحفاظ على التهوية الجيدة، كلها لا تزال وسائل فعالة للحد من انتشار «كورونا»، كما تؤكد منظمة الصحة العالمية أن الجائحة لم تنتهِ بالكامل وأن التحورات مستمرة، ما يستدعي اليقظة وعدم التراخي.
هل نحن على أعتاب موجة جديدة؟
رغم أن بعض الحكومات تطمئن شعوبها بأن الوضع لا يستدعي القلق، إلا أن المؤشرات العالمية تؤكد أن التحور الجديد من «كورونا» قد يتسبب في موجة خامسة أو سادسة في بعض المناطق، لا سيما تلك التي لم تصل فيها معدلات التلقيح إلى النسبة المطلوبة، أو التي تراجعت فيها مستويات الحذر بشكل كبير بعد انتهاء الطوارئ الصحية.
منظمة الصحة العالمية لم تعلن بعد عن حالة طوارئ جديدة، ولكنها تتابع بدقة تطورات المتحور وترصد انتشاره عالميًا، وهناك توقعات بأن تصدر توصيات محدثة خلال الأسابيع المقبلة، خاصة إذا زادت أعداد الحالات الحرجة أو ظهرت حالات وفاة مرتبطة بالمتحور الجديد.
الوعي هو السلاح الأقوى في مواجهة كورونا
أثبتت التجربة خلال السنوات الماضية أن «الوعي المجتمعي» يمثل حجر الأساس في مواجهة أي موجة من موجات «كورونا»، فحتى في ظل غياب الإغلاق أو الإجراءات الصارمة، يمكن تقليل حدة الانتشار من خلال الالتزام بالإجراءات الطوعية، كاستخدام الكمامة عند الشعور بأعراض تنفسية، أو العزل المنزلي الطوعي في حالة الإصابة، وتجنب الأماكن المزدحمة قدر الإمكان.
كما أن متابعة التحديثات الصادرة عن الجهات الصحية الموثوقة، وعدم الانسياق وراء الشائعات والمعلومات المغلوطة، تُمثل جزءًا مهمًا من مقاومة عودة «كورونا» بصور متطورة ومتغيرة، وكلما كان الجمهور أكثر وعيًا وتعاونًا، قلّ تأثير المتحور على المجتمعات والنظم الصحية.
«كورونا» لا تزال تبحث عن موطئ قدم جديد بين البشر، والمتحورات القادمة قد تحمل معها مزيدًا من التحديات، لكننا نمتلك الآن خبرة واسعة ووسائل وقاية فعالة تمكننا من تقليل الخطر والعودة إلى الحياة الطبيعية دون انتكاسات جديدة، فالتوازن بين الحرية والاحتياط هو الخيار الأمثل لمواجهة المجهول القادم من بوابة كورونا.