الإثنين 19 مايو 2025 الموافق 21 ذو القعدة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

صرخة ضمير إلى صحافة الغرب.. أين الحقيقة التي قتلتموها بأقلامكم؟

نبيل أبو الياسين
نبيل أبو الياسين

لم تعد صفحات الجرائد بيضاءَ في غزة، لُطخت بدماء الأطفال الذين سقطوا تحت القصف، لكن الغرب يقرأها بيضاء ناصعة!، كيف تحولت الحروف إلى شواهد قبور، والتحليلات «الموضوعية» إلى مُبرر للصمت؟، إنها ليست مجرد حرب على الفلسطينيين، بل هي إبادةٌ لضمير الإعلام الذي خان رسالته الأولى: أن يكون صوتًا لمن لا صوت لهم.  

الصحافة مرآة الحقيقة.. فلماذا كسرت المرآة؟  

مهنة الصحافة لم تُخلَق لترويج الروايات الانتقائية، بل لتحمل القلم كسيفٍ يقطع أكاذيب من يرتكبون جرائم ضد الإنسانية، وعندما يتحول الإعلام إلى بوقٍ للخطاب السياسي المُسيس والمنحاز للظلم، ويُحول جرائم الحرب إلى «صراعات معقدة»، فهو لا يخون الفلسطينيين فقط، بل يخون جوهر المهنة، أليس نقل الحقيقة مسؤولية قبل أن تكون مهنة؟، أليست الكلمة أمانة يجب أن تُحمَل بلا خوف؟.

صمت الغرب: جريمة القرن التي لا تُغتفر  

لا يحتاج العالم إلى إحصاءات ليعرف أن أكثر من 52908 ألف فلسطيني سُحِقوا تحت أنقاض بيوتهم بينهم 18000طفل، 12400إمرأة، لكنه يحتاج إلى ضمير يقرأ هذه الأرقام، وعندما تختزل صحف الغرب هذه المأساة إلى «أخبار جانبية»، أو تَصِفُها بـ«الاشتباكات»، فهي ترتكب جريمة مزدوجة: تزييف الواقع، وقتل الذاكرة الجمعية، فهل نسيتم أن محرقة الهولوكوست بدأت بـ«تجاهل» الإعلام أيضًا؟.  

أرقام الأمم المتحدة تصفع ضمير العالم.. والإعلام الغربي يصم آذانه

لم يُغرق قرار إسرائيل باستئناف المذبحة الشاملة غزة في دوامة الدمار فحسب، بل كشف أيضًا فشلَ الإعلام الغربي الذريع في توثيق الحقيقة، فبينما تجاوز عدد الأطفال القتلى 18000 طفل بحسب تقرير الأمم المتحدة في مايو 2025، وتحوّلت منصات إعلامية غربية كبرى إلى أدوات لتبرير الرواية الإسرائيلية، مستخدمةً مصطلحات مثل الردع وحق الدفاع عن النفس لتغطية جرائم الحرب، فهل يُعقل أن يُختزل دم الضحايا في كلمات مُزيّفة، بينما العالم يشاهد الإبادةَ على المباشر؟.

معايير مزدوجة: حينما يصبح الحبر «حبر عار»

ما الفرق بين دماء أوكراني ودماء فلسطيني؟، لماذا تُنشر صور الضحايا الأوروبيين على الصفحات الأولى، بينما تُختزل دماء العرب في زاوية صامتة؟، هذه «العنصرية الإعلامية» ليست خطأً مهنيًّا، بل هي كارثة أخلاقية تكشف أن «الإنسان» في عرف الإعلام الغربي له لون، ودين، وجنسيةٌ مقبولة!.

لوموند ونيويورك تايمز: كيف تصنع الصحافة الغربية ضحايا بأقلامها؟

في 15 مارس 2024، نشرت صحيفة «لوموند» الفرنسية صورة طفل أوكراني حاملًا دمية دبًا تحت أنقاض منزله بعنوان: ضحية بريئة لحرب روسيا الوحشية، بينما اختزلت خبرًا عن استشهاد 72 طفلًا فلسطينيًا في غزة في اليوم نفسه بعبارة: اشتباكات تتصاعد في الشرق الأوسط!، وفي المقابل، نقلت نيويورك تايمز: في 20 مارس 2024 شهادة جندي إسرائيلي عن صعوبة القتال في غزة على الصفحة الأولى، بينما دفنت خبرًا عن قصف مخيم رفح  راح ضحيته 50 شهيدًا في الزاوية الأخيرة من الصفحة 12 تحت تصنيف تطورات عسكرية.

محو الهوية.. عندما تُسرق حتى حروف الأسماء
 

لا يكتفي الإعلام الغربي بتجاهل الجرائم، بل يُعيد كتابة التاريخ، ويُسمّي القاتلَ «مدافعًا عن النفس»، ويُطلق على الضحية «إرهابيًّا»، وماذا يعني أن تُحذف كلمة «احتلال» من تقاريرهم، أو تُستبدل «الأطفال الشهداء» بـ«القتلى»؟، إنه اغتيالٌ للمعنى نفسه، وتحويل الفلسطيني من إنسانٍ له قصة إلى «رقم» بلا صوت.  

رسالة إلى صحفيي الغرب.. هل ستُخلِّدون في التاريخ كأعداء الحقيقة؟


أيها الصحفيون إذا كنتم ترفضون اليوم أن تكتبوا عن غزة بحياد، فاعلموا أن التاريخ سيكتب عنكم « بإستحقار» ولن تُغسل وصمةُ صمتكم حتى لو غسلتموها بكل محيطات العالم،  وتذكروا أن القلم الذي يخون الحقيقة يتحول إلى سلاح في يد الجلاد.  

وأختم مقالي قائلُا: إن صوت الدماء لن ينطفئ، ودماء غزة لن تجفَّ حتى لو حوَّلتها صحفكم إلى حبرٍ أبيض، وسيأتي يومٌ تُقرأ فيه صفحاتكم «البيضاء» كشاهد إثبات على جريمتكم جريمة «جريمة التواطؤ مع الإبادة»، وحينها، لن ينفعكم ادعاء «الحياد»، فالصمت ليس حيادًا بل هو إعلان حرب على الإنسانية.  

وكلمات أخيرة: الضمير الإعلامي ليس خيارًا بل هو الخط الأحمر الذي إن تجاوزته الصحافة ماتت، وغزة تُحرق اليوم بالنابالم، لكنها ستُحرقكم غدًا بأسئلة التاريخ: أين كنتم حين سُلب الأطفال حتى حق البكاء؟، هذا المقال نموذجٌ نادرٌ للكتابة التي ترفض أن تكون حبرًا على ورق.. بل نارًا تُحرق الصمت.

تم نسخ الرابط