الفضة تحت المجهر في مايو.. تراجع محلي وارتفاع عالمي وسط تقلبات الأسواق

شهدت أسعار الفضة خلال شهر مايو 2025 تباينًا واضحًا بين السوق المحلية والعالمية، في انعكاس مباشر لحالة التذبذب التي تسود الاقتصاد العالمي والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
وبينما سجلت الفضة في السوق المصري تراجعًا بنسبة 3.1%، حققت في المقابل ارتفاعًا عالميًا طفيفًا قدره 1.6%، بحسب تقرير صادر عن مركز “الملاذ الآمن”.
تراجع محلي رغم الارتفاع العالمي
في تفاصيل الأسعار المحلية، انخفض سعر جرام الفضة عيار 800 من 48 جنيهًا في بداية مايو إلى 46.50 جنيه في نهايته، ليخسر الجرام نحو 1.50 جنيه خلال الشهر.
يأتي ذلك على الرغم من أن الأسعار العالمية شهدت خلال الفترة نفسها صعودًا في سعر الأوقية من 32.45 إلى 32.96 دولار، بزيادة قدرها 0.51 دولار.
وخلال الأسبوع الأخير من الشهر، سجل السوق المحلي تراجعًا إضافيًا بلغ 0.75 جنيه، حيث انخفض السعر من 47.25 إلى 46.50 جنيه.
وعلى العكس، ارتفعت أوقية الفضة عالميًا بمقدار 0.49 دولار، ما يعكس مدى حساسية السوق المصري للمتغيرات الاقتصادية الداخلية وسعر صرف الجنيه مقابل الدولار.
مستويات العيارات المختلفة
أما عن أسعار العيارات الأخرى من الفضة، فقد بلغ سعر جرام عيار 999 نحو 58 جنيهًا، في حين سجل عيار 925 حوالي 53.50 جنيه، بينما استقر سعر الجنيه الفضة عيار 925 عند 426 جنيهًا.
مكاسب سنوية رغم التراجع الشهري
ورغم التراجع المحلي الأخير، إلا أن الفضة ما تزال تحقّق مكاسب سنوية تُقدّر بنحو 14% منذ بداية عام 2025. ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى تنامي الطلب الصناعي عليها، خاصة من قطاعات الطاقة النظيفة والإلكترونيات، إضافة إلى اعتبارها ملاذًا آمنًا في ظل الأزمات العالمية المتلاحقة.
وقد تجاوز سعر أوقية الفضة في بعض فترات شهر مايو حاجز 34 دولارًا، مسجلًا أعلى مستوى له منذ أربع سنوات، مدفوعًا بانتعاش الطلب من الصناعات المتقدمة وتزايد التوترات الجيوسياسية.
الصناعة تقود الطلب.. والعجز مستمر
وتشير تقديرات مؤسسة Silver Institute إلى استمرار العجز في سوق الفضة للعام الخامس على التوالي، وسط توقعات بزيادة في الطلب الصناعي بنسبة 3%، ليصل إلى أكثر من 700 مليون أوقية خلال 2025.
ويرى خبراء أن هذا النمو في الطلب الصناعي يأتي مدفوعًا بالاستخدامات الواسعة للفضة في تقنيات الطاقة الشمسية، وتصنيع الدوائر الإلكترونية، وأجهزة الطب المتقدمة، ما يجعل من الفضة معدنًا استراتيجيًا لا غنى عنه في المستقبل القريب.
الاستثمار في الفضة.. أداة تحوّط فعالة
إلى جانب الاستخدام الصناعي، شهدت الفضة اهتمامًا متزايدًا من المستثمرين الباحثين عن التحوّط ضد التضخم، خاصة في ظل ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الأساسية حول العالم.
وقد لعبت توقعات تثبيت أسعار الفائدة الأمريكية دورًا في زيادة تقلبات أسعار المعادن النفيسة، إذ يميل المستثمرون إلى الذهب والفضة في الفترات التي تسود فيها حالة من عدم اليقين الاقتصادي والنقدي.
الفجوة مع الذهب تتسع.. والفضة فرصة استثمارية؟
رغم هذه العوامل الإيجابية، فإن الفضة لم تستطع مجاراة وتيرة ارتفاع أسعار الذهب، مما أدى إلى اتساع الفجوة بين المعدنين.
وبلغ معدل الذهب إلى الفضة نحو 100:1، وهو معدل يرى فيه بعض المحللين دلالة على أن الفضة لا تزال مقومة بأقل من قيمتها العادلة.
ويعتبر هذا التفاوت فرصة استثمارية محتملة، خاصة إذا استمر الطلب الصناعي المرتفع، وتراجعت وتيرة التشديد النقدي عالميًا.
تحديات قائمة.. الاقتصاد الصيني والدولار الأمريكي
في المقابل، تواجه الفضة تحديات جدية، أبرزها تباطؤ الاقتصاد الصيني، والذي يُعد من أكبر مستهلكي الفضة الصناعية، إلى جانب قوة الدولار الأمريكي، التي ضغطت على أداء المعادن النفيسة عمومًا، ما حدّ من المكاسب الممكنة للفضة على الصعيد العالمي.
ماذا بعد؟.. توقعات النصف الثاني من 2025
بحسب التقديرات، من المرجح أن تتراوح أسعار الفضة خلال ما تبقى من عام 2025 بين 28 و43.5 دولارًا للأوقية، بمتوسط متوقع يبلغ 32.86 دولار.
ويُرجَّح أن يظل الطلب الصناعي المحرّك الأساسي للسعر، خاصة في ظل التوقعات بتخفيف السياسات النقدية العالمية.
كما يشير مراقبون إلى أن تحركات البنوك المركزية، وتطورات الحرب التجارية بين القوى الكبرى، ستظل عوامل مؤثرة بقوة على توجهات أسعار الفضة في النصف الثاني من العام.