احتفالية باليوم الوطني الروسي في القاهرة.. شاي وكاريكاتير وأواصر ثقافية مشتركة

«اليوم العالمي للشاي».. في أمسية فنية وثقافية مميزة، تحتفل جمعية الصداقة المصرية الروسية، برئاسة الدكتور إبراهيم كامل، باليوم الوطني لدولة روسيا، مساء الإثنين 2 يونيو الجاري، في قاعة المعارض بالمركز الثقافي الروسي بالقاهرة، وذلك في إطار توطيد العلاقات بين الشعبين المصري والروسي وتعزيز أوجه التعاون المشترك عبر بوابة الثقافة والفن.
ليلة شاي مصرية روسية.. تلاقي ثقافي بطابع شعبي
وتشهد الاحتفالية تنظيم «ليلة شاي مصرية روسية»، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للشاي، وتهدف هذه المبادرة إلى تسليط الضوء على الثقافة الشعبية المشتركة، لا سيما التقاليد المتجذرة في جلسات الشاي لدى كل من الشعبين المصري والروسي.
فبينما ترتبط جلسات الشاي في مصر باللمة العائلية والدفء المجتمعي، تشتهر روسيا بوجود «الساموفار» في كل بيت تقريبًا، وهو وعاء تقليدي لغلي الماء لصنع الشاي ويُعد رمزًا للضيافة، حيث يُستعمل غالبًا أثناء استقبال الضيوف، ويعكس أهمية هذه العادة في الحياة اليومية الروسية.
وتأتي هذه الليلة الثقافية بهدف تأكيد أن الروابط بين الشعوب لا تقتصر فقط على المصالح السياسية أو الاقتصادية، بل تمتد إلى تفاصيل الحياة اليومية، التي تكشف عن تشابه وجداني رغم اختلاف اللغات والموقع الجغرافي.

كاريكاتير عالمي يحتفي بالشاي والسلام
ومن أبرز فقرات الاحتفالية، معرض الكاريكاتير الذي ينظمه الفنان فوزي مرسي، الأمين العام للجمعية المصرية للكاريكاتير، وصاحب فكرة احتفالية الشاي، حيث يُعرض خلاله 65 عملًا فنيًا من الكاريكاتير لفنانين من 25 دولة عربية وأجنبية، من بينها روسيا، إضافة إلى مشاركة فنانين من دول مثل المكسيك، الهند، فرنسا، الأردن، العراق، والجزائر.
ويُجسّد المعرض مفاهيم مثل الحوار الثقافي، والحب، والسلام، والضيافة، من خلال عدسة الكاريكاتير، كما يسلّط الضوء على المشترك الإنساني بين الشعوب، مستخدمًا الشاي كرمز عالمي للتلاقي والتفاهم.
الفنان فوزي مرسي أشار إلى أن الفكرة انطلقت من بساطة الشاي كعنصر يومي، لكنه يحمل دلالات ثقافية عميقة، وقد وجد تجاوبًا كبيرًا من فنانين حول العالم، ما يُعطي المعرض طابعًا عالميًا وروحًا احتفالية تتجاوز الحدود الجغرافية.
كلمة تهنئة وإنجازات مشتركة
وفي إطار الحفل، يُلقي الدكتور إبراهيم كامل، رئيس جمعية الصداقة المصرية الروسية، كلمة تهنئة موجهة إلى الأصدقاء الروس بمناسبة يومهم الوطني، مؤكدًا عمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين مصر وروسيا، والتقارب الثقافي والإنساني بين شعبي البلدين.
كما يُلقي السفير عزت سعد، نائب رئيس الجمعية وسفير مصر الأسبق لدى موسكو، محاضرة حول أبرز محطات التعاون المصري الروسي في العقود الأخيرة، متناولًا مشروعات كبرى مثل محطة الضبعة النووية، وتوسعة قناة السويس، والمجال العسكري، وكذلك السياحة التي تمثل رابطًا إنسانيًا دائمًا بين البلدين.
التعاون الثقافي.. امتداد لسنوات من الصداقة
يُذكر أن جمعية الصداقة المصرية الروسية من الجمعيات النشطة في مجال تعزيز العلاقات الشعبية والثقافية بين البلدين، وتحرص بشكل دوري على تنظيم فعاليات مشتركة، تشمل الندوات، المعارض، العروض الفنية، والرحلات الثقافية، خاصة في ظل الاهتمام المتزايد من الجانبين بإحياء البعد الثقافي في العلاقات الثنائية.
ويُعد المركز الثقافي الروسي في القاهرة منصة فعالة للتواصل بين الشعبين، حيث يستضيف على مدار العام عشرات الفعاليات، التي تتنوع بين عروض الباليه، والسينما الروسية، والحرف اليدوية، فضلًا عن تعليم اللغة الروسية للمهتمين من المصريين، وهو ما يساهم في خلق جيل جديد أكثر إدراكًا لخصوصية وتنوع الثقافة الروسية.
ثقافة الشاي.. رسائل محبة عبر الأكواب
وفي ختام الاحتفالية، من المتوقع أن تُقام جلسات تذوق للشاي المصري والروسي، يشارك فيها الحضور من مختلف الخلفيات الثقافية، حيث يلتقي الشاي المصري المعروف بثقله وتحليته التقليدية، مع الشاي الروسي المُقدم من «الساموفار» بطقوسه الخاصة.
ويُتوقع أن تُشكّل هذه الأمسية مناسبة رمزية لتبادل الأحاديث والابتسامات، والاحتفاء بقيم البساطة والمشاركة والتواصل الإنساني، في لحظة يندر أن يجتمع فيها الفن، والدبلوماسية، والثقافة، وكوب شاي واحد!
هكذا تثبت الثقافة مرة أخرى أنها الجسر الأمتن بين الشعوب، وأن أبسط الطقوس اليومية، مثل الشاي، قد تتحوّل إلى مدخلٍ عميق لفهم الآخر والاقتراب منه، وأن الفنون، وعلى رأسها الكاريكاتير، قادرة على التعبير عن مفاهيم إنسانية كبرى بكلمات قليلة، وربما بلا كلمات على الإطلاق.