حين يستعيد الطفل ذاكرته في الزنزانة.. «أبو زعبل 89» يشعل قاعة الأوبرا

تواصل دار الأوبرا المصرية، برئاسة الدكتور علاء عبد السلام، عروض «نادي السينما» الذي يقام ضمن النشاط الثقافي والفكري للأوبرا، والذي تديره الكاتبة والناقدة رشا الفقي، حيث يشهد المسرح الصغير في السابعة مساء يوم الأربعاء 25 يونيو الجاري عرض الفيلم الوثائقي الطويل «أبو زعبل 89» للمخرج بسام مرتضى، وهو العمل الذي أثار اهتمامًا واسعًا منذ عرضه الأول محليًا ودوليًا.

ويعقب العرض لقاء مفتوح مع عدد من صنّاع الفيلم، على رأسهم الفنانان سيد رجب ومحمود مرتضى، إلى جانب المخرج بسام مرتضى، ويدير النقاش الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد، في إطار حرص دار الأوبرا على تقديم سينما تحمل مضمونا فكريا وثقافيا عميقًا، وتشجيع النقاش العام حول القضايا الإنسانية والتاريخية من خلال الفن السابع.

الفيلم والذاكرة.. عندما تتحول التجربة الشخصية إلى عمل فني

«أبو زعبل 89» ليس مجرد فيلم وثائقي تقليدي، بل هو تجربة ذاتية وعاطفية تستدعي الماضي من وجهة نظر طفل لا يتجاوز عمره خمس سنوات، يرافق والدته في زيارة لوالده المعتقل في سجن أبو زعبل عام 1989، في تجربة إنسانية مؤثرة ترصد رحلة الذاكرة والبحث عن فهم أعمق للماضي.

يعتمد المخرج بسام مرتضى، وهو نفسه الطفل الذي تتمحور حوله القصة، على بناء سينمائي يدمج بين الوثائقي والشخصي، حيث يعيد عبر الصورة السينمائية ترميم ذاكرة منقوصة، ويعيد تشكيلها من خلال سرد بصري عاطفي وعميق.

 رحلة الفيلم لا تقف فقط عند حدود المكان والحدث، بل تمتد لتغوص في مفاهيم الحنين، النسيان، الهوية، والانتماء.

جوائز وتكريمات دولية.. وفيلم يحصد التقدير النقدي

نال الفيلم خلال مشاركته في الدورة الخامسة والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي ثلاث جوائز مهمة، هي:

جائزة لجنة تحكيم الفيلم الإفريقي.

جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل.

جائزة أسبوع النقاد الدولية.

واعتبر نقاد السينما أن الفيلم من أبرز الإنتاجات الوثائقية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، لما يحمله من رؤية إخراجية متفردة تمزج بين السيرة الذاتية والتاريخ السياسي والواقع الاجتماعي، دون أن يفقد الفيلم حساسيته البصرية أو التزامه الفني تجاه المتفرج.

حضور عالمي لافت في مهرجانات كبرى

لم يقتصر النجاح على المستوى المحلي فقط، بل شارك فيلم «أبو زعبل 89» في مجموعة من أهم المهرجانات السينمائية الدولية، منها:

مهرجان أدفا أمستردام الدولي للفيلم الوثائقي (IDFA)، أحد أكبر المحافل الوثائقية في العالم.

مهرجان سالونيكي الدولي للفيلم التسجيلي باليونان.

مهرجان قرطاج السينمائي الدولي في تونس.

مهرجان فيسباكو الدولي في بوركينا فاسو.

مهرجان ترو/فالس للسينما الوثائقية في الولايات المتحدة الأمريكية.

مهرجان فيدادوك الدولي للشريط الوثائقي بالمغرب.

هذا الحضور العالمي أسهم في لفت الأنظار إلى العمل كمثال ناجح على التعاون السينمائي العربي، وفتح الباب لمزيد من المشروعات الوثائقية التي تناقش قضايا الهوية والذاكرة في المنطقة العربية.

دار الأوبرا تفتح أبوابها للحوار الفني

وأكدت الكاتبة رشا الفقي، المشرفة على نشاط نادي السينما، أن اختيار الفيلم جاء انطلاقًا من قيمته الفنية والإنسانية، مضيفة أن النشاط لا يقتصر فقط على العروض، بل يمتد إلى خلق مساحة حوار ونقاش بين الجمهور وصنّاع العمل، مما يثري التجربة السينمائية ويعمّق من تأثيرها الثقافي.

وأضافت أن اللقاء الذي يعقب العرض يتيح للجمهور التعرف عن قرب على كواليس الفيلم، وتجربة المخرج الشخصية، خاصة أن الفيلم يدور حول تجربة اعتقال والد بسام مرتضى، المخرج الفلسطيني المقيم في لبنان، على خلفية نشاطه السياسي، وهو ما يضفي أبعادًا إنسانية وسياسية على الفيلم.

لقاء مع الوجدان والسينما في عرض واحد

من المنتظر أن يحظى العرض بحضور جماهيري كبير، خاصة في ظل النجاح الذي حققه الفيلم منذ إطلاقه، وإقبال جمهور السينما المستقلة والوثائقية على أعمال تحمل بعدا عاطفيًا وإنسانيا صادقا.

 وسيكون اللقاء المفتوح الذي يعقب العرض فرصة لا تتكرر لجمهور دار الأوبرا المصرية للغوص في كواليس أحد أبرز الأفلام الوثائقية العربية الحديثة، والاستماع إلى شهادات مباشرة من صناعه.

ومن خلال استمرار عروض نادي السينما، تؤكد دار الأوبرا المصرية التزامها بدورها الثقافي في دعم التجارب الفنية الجديدة، وإحياء الحوار بين السينما والمجتمع، بما يسهم في إثراء الحياة الثقافية المصرية.