الأربعاء 30 يوليو 2025 الموافق 05 صفر 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

احذر هذا الأمر.. حالة يفقد فيها ثواب الابتلاء ولا ترفع بها الدرجات

الابتلاء
الابتلاء

الابتلاء هو من «أقدار الله» التي لا تخلو منها حياة أي إنسان، وهو من السنن الكونية التي أرادها الله عز وجل لتمييز الخبيث من الطيب، لكن ما لا يعرفه كثيرون أن «الابتلاء» رغم كونه بابًا للترقي ورفع الدرجات في أغلب الأحيان، إلا أن هناك حالة واحدة لا يكون فيها «الابتلاء» سببًا في نيل الأجر أو ارتفاع المنزلة، بل قد يتحول إلى اختبار خاسر يخرج منه الإنسان بلا فائدة، أو بخسارة عظيمة في دينه ونفسه، وهو ما تنبه له علماء الأزهر الشريف، مؤكدين أن الأمر كله مرهون بطريقة التعامل مع «الابتلاء»، ومدى الصبر أو الجزع تجاهه.

حين لا يكون الابتلاء ترقية

في تصريحات إعلامية لفضيلة الدكتور محمد مهنا، الأستاذ بجامعة الأزهر، شدد على أن «الابتلاء» لا يُفهم على أنه نعمة في كل حال، بل يجب النظر في كيفية تلقي الإنسان له، فإذا أحسن العبد التعامل مع البلاء فاز وربح، وإذا ساء أدبه مع الله وتذمر وسخط، فإنه يضيع فرصة عظيمة للارتقاء، قائلا إن “العبد لا يُرقى بالابتلاء دائمًا، بل قد يُبتلى فيسقط ويتردى”، مشيرًا إلى أن «الابتلاء» أداة اختبار، وليست بحد ذاتها سببًا للرفعة، فالترقي يتوقف على حال العبد لا على حجم البلاء.

وأضاف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن أشد الناس «ابتلاء» هم الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، لكنه لم يقل إن الجميع يرتقون به، بل إن من الناس من يُفتن ويفشل في الاختبار، موضحًا أن “الصبر والرضا” هما معيار الرفعة، وليس مجرد المرور بالابتلاء، وهذا هو جوهر الفهم الصحيح لقضية «الابتلاء» في العقيدة الإسلامية.

كيف تتعامل مع الابتلاء بوعي وإيمان

في حديثه المطول، أشار الدكتور مهنا إلى أن «الابتلاء» لا يُغير من القدر شيئًا، لكنه يغيّر الإنسان نفسه، ويشكّل أعماقه ويكشف مدى صدقه مع الله، فإن «الرضا» ليس مجرد شعور عابر بل هو موقف إيماني عميق، ومن رضي فله الرضا، ومن سخط فعليه السخط، وهذه قاعدة ربانية تحكم مسار الإنسان مع الأقدار.

وشدد على أن الشكوى الزائدة والتذمر من الواقع يقودان إلى سخط الله، ويحجبان بركة «الابتلاء»، مضيفًا أن المؤمن حين يفهم أن “القدر واقع لا محالة”، فإنه يختار طريق الصبر، ويستشعر أن الفرج قادم لا محالة، مستشهدًا بقول الله تعالى «وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون»، فالجزاء الإلهي حينها يكون في صورة ثلاثية الأبعاد، كما قال: «صلوات من ربهم، ورحمة، وهدى».

الابتلاء.. أول دلائل المحبة الإلهية

من جانبه، قال الدكتور أسامة قابيل، من علماء الأزهر الشريف، إن «الابتلاء» لا ينبغي أن يُرى كعقوبة أو إهانة، بل هو أول دليل على أن الله يحب عبده، مستشهدًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم «إن الله إذا أحب عبدًا ابتلاه»، موضحًا أن هذه اللحظات تكشف معادن الناس وتعيد تشكيل علاقة العبد بربه.

وأوضح أن «الابتلاء» يفتح للعبد أبوابًا من الإدراك والتسليم، ويجعله أكثر وعيًا بضعفه واحتياجه لله، كما أنه يكشف له عن حقيقة علاقاته بالناس، ويُبرز له مواطن قوته وضعفه، قائلا إن “الابتلاء حب كبير من الله لا يشعر به إلا من تعلقت روحه بالله وذاق لذة الصبر في أعماقه”.

الثمرة الحقيقية للابتلاء

أكد الدكتور أسامة أن من تعامل مع «الابتلاء» بيقين وتسليم، لن يخرج منه خاسرًا أبدًا، بل سيكتشف بعد مرور الأيام أن في كل محنة منحة، وفي كل كرب نورًا، وأن الله لا يبتلي أحدًا عبثًا، بل يصنع من «الابتلاء» جسرا للفرج والسكينة، مشيرًا إلى أن كثيرين ممن مروا بابتلاءات قاسية، خرجوا منها أكثر إيمانًا وأقوى روحًا.

ونبّه إلى أن من الناس من يحرم أجر «الابتلاء» بسبب جزعه واعتراضه، فيتحول «الابتلاء» إلى لعنة بدل أن يكون نعمة، لهذا فإن أول خطوة في التعامل مع «الابتلاء» هي التسليم القلبي بأن الله أراد ذلك لحكمة، والثانية أن يكون العبد حاضر الذهن والقلب في اختبار الصبر، أما الثالثة فهي الإيمان بأن هذا البلاء لا يدوم، وأن ما عند الله خير وأبقى.

«الرضا» مفتاح الفرج

في نهاية الحديث، أجمع علماء الأزهر على أن «الابتلاء» في ذاته ليس شرفًا دائمًا، إنما الشرف كل الشرف في حسن الاستقبال، وأن رضا العبد وسكوته الجميل عند البلاء هو ما يرفع منزلته عند الله، وقالوا إن «الابتلاء» لا يضيع أجره إلا على من فقد الثقة في حكمة الله، وسمح للشيطان أن يدخل إلى قلبه في لحظات الضعف.

ووجّه العلماء نصيحة لكل مسلم بأن يثبت عند البلاء، وأن يردد دائمًا دعاء الرضا، وأن يستحضر في ذهنه ما وعد الله به الصابرين، مؤكدين أن الله لا يترك عبدًا لجأ إليه، بل يواسيه ويمسح على قلبه حتى يخرجه من «الابتلاء» وقد رُفع شأنه ونُقي قلبه وزاد قربه من الله.

تم نسخ الرابط