مواقيت الإحرام للحج والعمرة الزمانية والمكانية.. كل ما تحتاج معرفته

أوضحت دار الإفتاء المصرية تفاصيل المواقيت الزمانية والمكانية للإحرام، والتي يجب أن يلتزم بها المسلمون الراغبون في أداء مناسك الحج أو العمرة، حيث يعد الإحرام من أهم أركان الحج والعمرة، ولا يصح الدخول في هذه المناسك بدونه، وقد حدد الشرع مواقيت معينة يجب على الحاج أو المعتمر الالتزام بها وفقًا للزمان والمكان الذين حددهما النبي صلى الله عليه وسلم.
وتهدف هذه المواقيت إلى تنظيم أداء الشعائر بشكل دقيق وضمان عدم الإخلال بها، مما يسهل على المسلمين أداء الفريضة بطريقة صحيحة وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.
المواقيت الزمانية للإحرام
أوضحت دار الإفتاء أن الإحرام بالحج له مواقيت زمانية محددة، وهي الأوقات التي حددها الشرع للإحرام بالحج، حيث تبدأ هذه المواقيت من أول شهر شوال وتستمر طوال شهر ذي القعدة وتمتد حتى عشر ليالٍ من شهر ذي الحجة، وتُعرف هذه الأشهر بأشهر الحج، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في قول الله تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ﴾ [البقرة: 197]، ويتفق جمهور العلماء على هذا التحديد الزماني، إذ لا يجوز الإحرام بالحج إلا خلال هذه الفترة، أما بالنسبة للعمرة، فالإحرام بها متاح طوال أيام السنة، ولا يقتصر على أشهر معينة، مما يتيح للمسلمين فرصة أدائها في أي وقت يناسبهم دون التقيد بزمن معين، وذلك بخلاف الحج الذي له توقيت محدد لا يمكن تجاوزه.
المواقيت المكانية للإحرام
أما بالنسبة للمواقيت المكانية، فقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم أماكن معينة للإحرام يجب على الحجاج والمعتمرين الالتزام بها وعدم تجاوزها بدون إحرام، وهذه المواقيت تتوقف على الجهة التي يقدم منها الحاج أو المعتمر، فمن وصل إلى أحد هذه المواقيت ناويًا الحج أو العمرة، وجب عليه أن يحرم منها أو من موقع محاذٍ لها، حتى لو لم يكن من أهل تلك المنطقة، وقد ورد في الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “وَقَّتَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم لأهل المدينة ذا الحُلَيْفَة، ولأهل الشام الجُحْفَة، ولأهل نجد قَرْنَ المنازل، ولأهل اليمن يَلَمْلَمَ، فَهُنَّ لَهُنَّ، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن، فَمُهَلُّهُ من أهله، وكذاك حتى أهل مكة يُهِلُّونَ منها”، وقد رواه البخاري في صحيحه.
مواقيت الإحرام حسب المناطق
أكدت دار الإفتاء أن ميقات أهل المدينة المنورة هو ذو الحليفة، والذي يعرف حاليًا بمنطقة “أبيار علي”، أما ميقات أهل الشام ومصر وأهل تبوك فهو الجحفة، والتي تعرف اليوم بمنطقة “رابغ”، بينما ميقات أهل نجد والطائف هو قرن المنازل، والمعروف الآن باسم “السيل الكبير”، أما ميقات أهل اليمن فهو يلملم، والذي يعرف حاليًا بمنطقة “السعدية”، ويجب على كل حاج أو معتمر أن يحرم من الميقات الخاص بمنطقته أو من موقع محاذٍ له عند وصوله إليه، ولا يجوز تجاوزه دون إحرام، ومن فعل ذلك لزمه الرجوع إليه أو دفع فدية.
بالنسبة لأهل مكة، فإن ميقات الحج لهم هو داخل مكة المكرمة، حيث يحرمون منها للحج، أما في العمرة، فإن عليهم الخروج إلى أقرب مكان خارج حدود الحرم، مثل التنعيم أو عرفات، ليحرموا منه قبل أداء العمرة، وقد أشار الإمام النووي في كتابه “شرح صحيح مسلم” إلى أن من كان بين مكة وبين المواقيت المحددة، فإن ميقاته هو المكان الذي يقيم فيه، وكذلك أورد الشيخ حسن المشاط المالكي في كتابه “إسعاف أهل الإسلام بوظائف الحج إلى بيت الله الحرام” أن المقصود من تحديد المواقيت هو أن يحرم الحاج أو المعتمر من أي ميقات مناسب له، دون اشتراط أن يكون ذلك من ميقاته الأصلي، مما يسهل على المسلمين أداء مناسكهم.
الإحرام من ميقات آخر
أشارت دار الإفتاء إلى أن جمهور الفقهاء أقروا بجواز الإحرام من ميقات آخر غير ميقات الشخص الأصلي، في حال تجاوز الشخص ميقاته إلى ميقات آخر، فإن ذلك لا يؤثر على صحة الإحرام، ويعتبر حينها من أهل الميقات الثاني، وذلك لأن الهدف الأساسي هو الدخول في الإحرام من أي ميقات محدد، دون اشتراط التقييد بميقات معين وفقًا لموطن الشخص أو الدولة التي ينتمي إليها، وهذا الحكم يتيح مزيدًا من التيسير على الحجاج والمعتمرين، خاصة في ظل اختلاف طرق السفر والتنقل بين الدول في العصر الحديث، مما يجعل الوصول إلى بعض المواقيت أكثر سهولة من غيرها.
وختمت دار الإفتاء بيانها بالتأكيد على أهمية التزام الحجاج والمعتمرين بهذه المواقيت، وعدم تجاوزها دون إحرام، حرصًا على صحة النسك، وتجنبًا للوقوع في المحظورات التي قد تستوجب الفدية أو الإعادة، مؤكدة أن الالتزام بهذه المواقيت جزء من تعظيم شعائر الله، كما قال تعالى: ﴿وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: 32].