الإثنين 02 يونيو 2025 الموافق 06 ذو الحجة 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

الدخان العالق في ملابسك.. كيف يهدد التدخين صحة أطفالك دون أن تدري؟

التدخين
التدخين

في عالم يزداد وعيه بأضرار التدخين المباشر وغير المباشر، تظهر اليوم أبحاث وتحذيرات جديدة تسلط الضوء على نوع خفي من الأخطار المرتبطة بعادة التدخين، إنه «الدخان العالق» أو ما يُعرف علميًا بـ«الطرف الثالث من التدخين»، والذي يلتصق بالملابس والأسطح والأثاث ويستمر في التأثير حتى بعد مغادرة المدخن مكان التدخين، هذا النوع من المخاطر قد يكون غير مرئي ولكنه يحمل في طياته تهديدًا كبيرًا لصحة الأطفال دون أن يشعر الآباء أو الأمهات بذلك.

«التدخين» خارج المنزل لا يعني نهاية الخطر

يرى كثير من الآباء أن التدخين خارج المنزل أو في الشرفة أو السيارة المفتوحة هو سلوك مسؤول يجنّب الأطفال استنشاق الدخان المباشر، ولكن الواقع أن «التدخين» يترك آثاره على الملابس والشعر والجلد، ما يجعل الطفل عرضة للتعرض للمركبات الكيميائية السامة عند احتضان والده أو الجلوس بقربه، فالدخان لا يختفي في الهواء، بل «يختبئ» في الأقمشة والأثاث والمفروشات، ويستمر في إطلاق ملوثاته الضارة لساعات بل أحيانًا لأيام.

كيف يعمل «الدخان العالق» على تسميم البيئة المنزلية؟

يتكوّن «الدخان العالق» من جزيئات وغازات سامة تبقى ملتصقة بالأسطح بعد إطفاء السيجارة، وتضم هذه الجزيئات مواد مسرطنة مثل النيكوتين والفورمالدهيد والزرنيخ، وما يزيد الخطورة أن هذه المركبات تتفاعل مع ملوثات أخرى في الهواء لتنتج مواد كيميائية أكثر خطورة، فعندما يجلس الطفل على كنبة جلس عليها المدخن أو يلمس يد والده الملوثة ببقايا «التدخين»، فإنه يتعرض لمخاطر لا تقل عن مخاطر التدخين المباشر.

الأطفال الصغار على وجه الخصوص أكثر عرضة لهذا النوع من التلوث لأنهم يحبون الزحف واللعب على الأرض ويلتقطون الأشياء بأيديهم ثم يضعونها في أفواههم، مما يجعل احتمال دخول تلك السموم إلى أجسادهم كبيرًا جدًا، إضافة إلى أن أجهزة التنفس لدى الأطفال أضعف وأصغر، ما يجعل استنشاق هذه المواد أكثر خطورة عليهم من الكبار.

بين «التدخين» ومعدلات الأمراض.. علاقة مقلقة

تشير الدراسات إلى أن التعرض لـ«الدخان العالق» الناتج عن التدخين يزيد من فرص إصابة الأطفال بأمراض الجهاز التنفسي مثل الربو والالتهابات المزمنة، كما يرتبط أيضًا بارتفاع احتمالات الإصابة باضطرابات في نمو الدماغ والجهاز العصبي، وفي بعض الحالات قد يكون هناك علاقة بين التعرض لهذه السموم والإصابة بمتلازمة موت الرضع المفاجئ، وهو ما يجعل الحديث عن «التدخين» لا يقتصر فقط على مكان أو زمان معين، بل يتعدى ذلك ليكون سلوكًا يؤثر على كل تفاصيل الحياة الأسرية.

لماذا لا يمكن التخلص من آثار «التدخين» بسهولة؟

من أبرز الإشكاليات المرتبطة بـ«الدخان العالق» أنه لا يُرى بالعين المجردة، كما أنه لا يُزال بسهولة عن طريق التنظيف السطحي، فملابس المدخن التي احتكت بالدخان تحتاج إلى غسيل عميق، والأسطح التي تعرضت للدخان تحتاج إلى تعقيم شامل، والأسوأ من ذلك أن بعض الجزيئات تستقر داخل الأنسجة والأثاث لفترات طويلة، ما يجعل أثر «التدخين» مستمرًا حتى في غياب السيجارة ذاتها.

حلول عملية لتقليل ضرر «الدخان العالق» على الأطفال

إذا كان التوقف عن التدخين ليس خيارًا فوريًا للبعض، فإن الحد الأدنى من المسؤولية يتطلب اتخاذ إجراءات وقائية لتقليل ضرر التدخين على الأطفال، ومن بين هذه الإجراءات:

تغيير الملابس فور العودة من جلسة تدخين خارج المنزل

غسل اليدين والوجه جيدًا قبل ملامسة الطفل

تجنب التدخين في السيارة أو بالقرب من الأدوات التي يستخدمها الأطفال

تخصيص ملابس معينة للتدخين لا تُلبس داخل المنزل

تنظيف الأسطح والمفروشات بانتظام وتعقيمها

هذه الخطوات لا تغني عن الإقلاع عن التدخين ولكنها على الأقل تقلل من الأثر السلبي المباشر على الأطفال

«التدخين» مسؤولية تتجاوز الشخص

«التدخين» ليس قرارًا شخصيًا فحسب، بل هو سلوك يحمل عواقب جماعية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال، فالرغبة في التدخين يجب ألا تتغلب على رغبة الحفاظ على صحة من نحب، والتوعية بهذا النوع من المخاطر يجب أن تكون جزءًا من الحملات الصحية الوطنية التي تسعى لحماية الأجيال القادمة من أخطار تبدأ من سيجارة وتنتهي بإعاقات وأمراض مزمنة.

التدخين و«البيئة المنزلية».. رابط لا يُستهان به

البيوت التي يوجد فيها مدخنون غالبًا ما تحتوي على نسبة تلوث داخلي أعلى، ليس فقط بسبب «التدخين» المباشر ولكن بسبب تراكم الدخان في الستائر والأثاث والملابس، وهو ما يجعل البيئة المنزلية أقل أمانًا للأطفال الذين يحتاجون إلى مكان نظيف ونقي للنمو والتطور.

نحو بيئة خالية من آثار التدخين

يبقى الحل الجذري لحماية الأطفال من هذا الخطر هو الإقلاع التام عن التدخين، ولكن حتى ذلك الحين، لا بد من التعامل مع هذه العادة بوعي ومسؤولية، فالأطفال لا يستطيعون حماية أنفسهم من آثار «التدخين»، لذا تقع المسؤولية كاملة على عاتق الوالدين ومن يعيش معهم.

تم نسخ الرابط