نسيان «تسبيح الركوع» أثناء الصلاة.. هل يتطلب سجود السهو؟ الإفتاء توضح الحكم

الصلاة عماد الدين من أداؤها يتأكد ارتباط العبد بربه وتتحقّق الخشوع والتسليم التام، ومن ضمن الأمور التي تستدعي التساؤل على امتداد السنين هل نسيان التسبيح في الركوع أو السجود يتطلب سجود السهو أم لا خاصة بين من يحرصون على كل ركن وسنّة في الصلاة ويتساءل الكثيرون عن أعذار السهو أو الخطأ أثناء أداء الفرائض.
تعريف سجود السهو ومتى يُقام في الصلاة
في البداية يجب أن نعرف أن سجود السهو هو سجودان يؤديهما المصلي بعد انتهاء الصلاة مباشرة قبل التسليم إن كان يوجد نقص أو زيادة أو شك في الصلاة، وهو أحد الأمور التي تبين مدى احترام المصلي للسنة النبوية وتعظيمه للعبادة والتحقيق في كيفية أدائها«سجود السهو» يمثل تعويضًا لسهو قد يحدث دون انقطاع الصلاة.
هل تؤثر «نسيان تسبيح الركوع» على صحة الصلاة؟
أوضح الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن الصلاة التي تُؤدى بدون التسبيحات الهامّة في الركوع والسجود تبقى صحيحة، فلم يُحدِّث ترك هذه التسبيحات أثرًا في صحة الصلاة، وتُعيَّن حالة سجود السهو فقط كتعويض عن السهو ولكنها لا تفسد الصلاة إذا تمّ حفظ الركائز الأساسية المعتبرة ضمن أركان الصلاة مثل القيام والركوع والسجود وتكبيرة الإحرام.
كما أوضح الشيخ أن نسيان التسبيح في سجود «سبحان ربي الأعلى» أو الركوع لا يبطِل الصلاة وإنما يمكن تداركها بسجود السهو، وهو ما يؤكده أن الركوع والسجود ركائز مهمة ولكن التسبيح لا يصنّف من الأركان التي يُبطل بها الصلاة إذا نُسيت.
أركان التسبيح ومكانتها في الصلاة
الصلاة تتكون من أركان وسنن، وأركان الصلاة تشمل القيام والتكبير والقراءة والركوع والسجود والتسليم، أما التسبيحات مثل «سبحان ربي العظيم» في الركوع أو «سبحان ربي الأعلى» في السجود فهي من السنن المؤكدة، وتركها لا يفيد بالبطلان وإنما يُعتبر السهو الذي يستدعي سجود السهو في بعض الحالات.
وركز الشيخ عويضة على التأكيد أن «تكبيرة الإحرام» ركن أساسي في الصلاة، فإذا نُسيت تبطل الصلاة، في حين أن تكبيرات الانتقال بين الأركان تُعد سننًا وليست أركانًا، فإذا نُسيت فلا يُستلزم سجود السهو.
طريقة أداء سجود السهو في الصلاة
كشف الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن كيفية أداء سجود السهو في الصلاة مبينًا أن المصلي بعد الانتهاء من التشهد الأخير قبل التسليم يرفع يديه ويقول «الله أكبر» ثم يسجد أولًا ثم يقول «الله أكبر» ويجلس قليلاً ثم يقول «الله أكبر» ويسجد مرة ثانية ثم يعتدل ويُسلّم، ويُعد ذلك من السنن المستحبة لتعويض السهو أو الشك أثناء الصلاة.
وأكد الشيخ أنه يجوز لأداء سجود السهو سواء في صلاة السنة أو صلاة الفرض، باستثناء صلاة الجنازة، إذ لا تُنَوَّل بحالة سهو أثناء الصلاة المفروضة والخاصة بالجنازة، لكن غيرها للمصلّي أن يعوضها بسجود السهو عند الحاجة.
أبرز الحالات التي تستوجب سجود السهو في الصلاة
1- الشك في عدد الركعات
عند الشك في عدد ركعات الصلاة، يجب أن يرجع المصلي إلى اليقين، فإذا شك كيف أتمَّ صلاته عليه أن يستند لليقين، وفي هذه الحالة يُضيف سجود السهو بعد الاختتام، وهو مستند إلى حديث عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه أن من شك في صلاته فلْيتحرى الصواب ويبني على اليقين ثم يسجد سجود السهو.
2- الزيادة في الصلاة
إذا أتى المصلي بركن أو حكم إضافي لم أمر به في الصلاة بشكل صائب أو مخطئ فمن السنّة أن يقوم بسجود السهو، مثل زيادة ركعة أو سجدة أخرى قبل الأوان، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حين حدث زيادة أو نقص في الصلاة سجد للسهو.
3- الزيادة في الأقوال داخل الصلاة
إذا قال المصلي شيئًا من غير جنس الصلاة مثل التسبيح في غير وقت الركوع أو السجود دون قصد، تسن له سجود السهو، لأن التسبيح في غير موضعه يُعدُّ تجاوزًا في الصلاة.
4- النقص في الصلاة
إذا نسي ركنًا من أركان الصلاة مثل السجود أو الركوع، فالصلاة تبطل إذا كان النسيان عمدًا، أما إذا كان سهوًا وكانت بقية الأركان محفوظة، فإن التدارك بطريقة مناسبة قبل التسليم يؤدي إلى صحة الصلاة مع سجود السهو عند الحاجة.
الحكمة من سجود السهو في الصلاة
سجود السهو يُظهِر حرص المصلي على أداء الصلاة كاملة ولا يتهاون في أي جزء منها، وهو تضامن مع السنة في تشكيل العلاقة بين العبد وربه، ويُبيّن أن الإنسان بطبيعته سهوان ولكنه يحرص على احترام العبادة والعودة إلى صيغتها الصحيحة، فـ«سجود السهو» يعني تعظيم الصلاة واستذكار حقوقها.
خطوات عملية عند نسيان أي جزء من الصلاة
أولًا يجب أن يتمسك المصلي بأركان الصلاة الأساسية ولا يتخلى عنها عند السهو، ثانيًا إذا تذكر السهو أثناء الصلاة قبل موضع السهو عليه أن يعود ويصلِّي الركن الناقص، أما إذا تحول الشك أو السهو بعد التسليم فإنه يكمل ما نقصه ثم يُسجّد للسهو قبل التسليم.
ثم ينهي سجوده بالتسليم ويُتابع بذكر الله وفي ذلك تحقيق تأدية الصلاة على الوجه الشرعي كاملًا.
الصلاة لا تبطل بسهو التسبيح
فإن «النسيان» في التسبيح الخاص بالركوع أو السجود لا يبطل الصلاة لكنه يستدعي سجود السهو فقط كتعويض، ولا يدخل ضمن الأركان المسقطة، ويجدر بالمصلي أن يحرص على حفظ السنن والسنن المؤكدة لتعزيز خشوعه واتصاله بخالقه، ويظل «سجود السهو» تذكيرًا بأن الحياة تشمل النقص والنسيان لكن الله يغفر وييسر لكل من يحاول أن يصوب عبادته.