هل يؤثر «فينير الأسنان» على صحة الوضوء والغُسل؟.. الإفتاء توضح الحكم

الوضوء من العبادات الأساسية التي لا يُقبل أي صلاة دون إتمامها بشكل صحيح وسليم وهو من شروط الطهارة التي لا خلاف عليها بين العلماء ولكن مع التقدم الطبي وانتشار بعض الإجراءات التجميلية مثل تركيب «فينير الأسنان» بدأ عدد من المسلمين يتساءلون عن مدى تأثير هذه التركيبات على صحة الطهارة خصوصًا ما يتعلق بـ «الوضوء» والغُسل وهل تعيق هذه الإجراءات وصول الماء إلى مواضع الفرض في الوجه أم لا ومن هنا جاء رد دار الإفتاء المصرية ليحسم هذا الجدل ويوضح الحكم الشرعي بدقة لكل من يحرص على أداء فرائضه الدينية دون شك أو حرج.
فتوى شرعية من دار الإفتاء حول فينير الأسنان والوضوء
أصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا رسميًا يجيب عن هذا السؤال المتداول بشأن تركيب «فينير الأسنان» وما إذا كان يمنع صحة «الوضوء» والغُسل وأوضحت الدار أن تركيب الفينير الذي يُقصد به وضع قشور خزفية أو طبقات دقيقة من مواد معينة على سطح الأسنان الأمامية لأغراض تجميلية أو طبية لا يؤثر على صحة «الوضوء» طالما أنه لا يُشكل حاجزًا يمنع وصول الماء إلى الجلد أو العضو الواجب غسله.
وأكدت الدار أن الأصل في الطهارة هو وصول الماء إلى الأعضاء التي أمر الله بغسلها عند «الوضوء» مثل الوجه واليدين وأن الفينير إذا كان يغطي فقط الأسنان ولا يمنع الماء من الوصول إلى ظاهر الفم فلا حرج في استخدامه ولا يؤثر على صحة الطهارة سواء كان الغرض منه علاجيًا أو تجميليًا.
شروط صحة الوضوء مع وجود الفينير
أوضحت دار الإفتاء أن صحة «الوضوء» ترتبط بشرط أساسي وهو إزالة أي حاجز يمنع الماء من الوصول إلى البشرة أو الأعضاء المغسولة ولكن إذا كان «الفينير» مثبتًا بشكل دائم ولا يمكن نزعه عند كل وضوء وكان جزءًا من علاج الأسنان فلا يعد عائقًا شرعيًا وبالتالي فإن «الوضوء» في هذه الحالة يكون صحيحًا ولا حاجة لإعادة تركيب الفينير كل مرة.
وأضافت الدار أن هذا الحكم يندرج تحت قاعدة «المشقة تجلب التيسير» وهي من القواعد الكبرى في الفقه الإسلامي التي تعتمد عليها كثير من الفتاوى في أمور الحياة اليومية مشيرة إلى أن الإسلام دين يُسر وليس دين عُسر وأنه لا يُكلف الله نفسًا إلا وسعها ولهذا فإن تركيب «فينير» الأسنان لا يُبطِل «الوضوء» في حال ثبوته وثبات حاجته.
حكم الغُسل في حالة وجود الفينير
وفيما يخص الغُسل وهو أيضًا من أركان الطهارة التي تشمل تعميم الجسد بالماء في حالات مخصوصة كغُسل الجنابة أو غُسل الجمعة أو غُسل الحيض عند النساء فقد بينت دار الإفتاء أن الحكم لا يختلف كثيرًا عن حكم «الوضوء» حيث إن وجود الفينير على الأسنان لا يُغير من صحة الغُسل طالما أنه لا يمنع وصول الماء إلى مواضع الفرض التي أمر بها الشرع.
وأوضحت الدار أن ما يُطلب في الغُسل من الفم والأنف هو المضمضة والاستنشاق وهما من سنن الغُسل عند جمهور العلماء ويجوز تركهما عند الضرورة أو وجود حائل يصعب إزالته كما هو الحال مع تركيب «فينير» الأسنان إذا كان ثابتًا بشكل طبي ولا يمكن خلعه بسهولة.
التجميل المشروع والوضوء في الإسلام
أكدت دار الإفتاء أن الإسلام لا يمنع التجميل ما دام في إطار «الشرع» ولا يتضمن تغييرًا لخلق الله أو خداعًا للناس أو تقليدًا لأهل الفسق والفجور وأن تركيب الفينير لأغراض جمالية أو علاجية يدخل في باب المباحات طالما لم يترتب عليه ضرر أو مخالفة شرعية أو إهدار للمال.
كما شددت الدار على أن «الوضوء» شرط لصحة الصلاة ولا يجوز التهاون فيه ولكن في الوقت ذاته لا ينبغي على المسلم أن يدخل في وساوس أو شكوك غير مبررة عند وجود إجراءات طبية كالفينير طالما أنها لا تمنع وصول الماء بشكل مؤكد حيث إن الشريعة الإسلامية قائمة على «اليقين» وليس الظن.
نصيحة دار الإفتاء للمسلمين بشأن الوضوء والفينير
في ختام البيان دعت دار الإفتاء جميع المسلمين إلى تحري الدقة في أمور دينهم واستقاء المعلومات من مصادر موثوقة وعدم الانسياق وراء الفتاوى المغلوطة أو الآراء غير المعتمدة التي تنتشر على وسائل التواصل كما أوصت من يُعاني من مشكلات في الأسنان ويحتاج إلى تركيب فينير أن يستشير طبيبًا مختصًا ويفضل أن يكون لديه خلفية شرعية أو يستفتي أهل العلم حتى يطمئن قلبه ويُؤدي عبادته دون تردد أو ريبة.
وشددت دار الإفتاء على أن «الوضوء» عبادة قلبية وجسدية وأن النية فيها لا تقل أهمية عن الفعل نفسه وأن الطهارة في الإسلام تتجاوز المفهوم الحسي لتشمل المعنى الروحي والنقاء الداخلي.