دار الإفتاء توضح حكم قول «خد الشر وراح»
أكدت دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الرسمي أن مقولة «خد الشر وراح» لا حرج في قولها شرعًا، حيث ورد إلى «الإفتاء» سؤال من أحد المواطنين يقول فيه إن الناس في بلدتنا إذا كُسِر إناء أو غيره يقولون «خد الشر وراح»، وقد اعترض البعض على هذه العبارة باعتبارها تتنافى مع الإيمان لأن دفع الشر وجلب الخير بيد الله وحده، وتساءل السائل عن حكمها الشرعي وهل هي من الأقوال المخالفة للعقيدة، فجاء رد «الإفتاء» واضحًا بأنها لا تنافي الإيمان ولا تخالف عقيدة المسلم، لأن المقصود منها مجازي وليس حقيقي، وهي من العبارات الدارجة التي تُستخدم للتخفيف عن النفس وللتفاؤل بالخير.
الإفتاء تؤكد أن المقولة لا تتعارض مع الإيمان
أوضحت «الإفتاء» أن قول «خد الشر وراح» من العبارات التي لم تخرج عن نطاق المشروعية، فهي لا تعارض يقين المؤمنين بأن الشر والخير بيد الله سبحانه وتعالى، لأن هذا القول من «إضافة الفعل إلى سببه» وهو من «المجازات اللغوية الصحيحة» التي أجازها الشرع واللغة، وأضافت «الإفتاء» أن الأصل في المسلم أن «يحسن الظن» بغيره، ولا يُسارع إلى الإنكار على الناس في عاداتهم وألفاظهم التي لا تخالف جوهر العقيدة، بل يحملها على أفضل المعاني وأصحها.
الإفتاء توضح أهمية مراعاة العرف في الفتوى
بيّنت «الإفتاء» أن الشريعة الإسلامية اعتنت بعادات الناس وأعرافهم، وأقرت ما لا يتعارض منها مع النصوص الشرعية، فالله تعالى أمر بالأخذ بالعرف فقال في كتابه الكريم: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾، ولذلك أكدت «الإفتاء» أن النظر إلى العرف من أسس إصدار الفتوى، وأن العلماء والفقهاء وضعوا قاعدة فقهية عظيمة نصها «العادة محكمة»، أي أن العرف إذا لم يخالف الشريعة يُعمل به، وهو ما طبّقته دار «الإفتاء» في هذه المسألة، حيث اعتبرت المقولة من العبارات الشعبية التي تحمل معاني المواساة والتفاؤل وليس من الأقوال التي تمس العقيدة.
الإفتاء تشرح المعنى الشعبي للمقولة
قالت «الإفتاء» إن مقولة «خد الشر وراح» تُقال عند وقوع أمر غير مرغوب فيه مثل كسر إناء أو سقوط شيء، ويُقصد بها أن الضرر البسيط قد حمل معه الشر وذهب بعيدًا، وهو نوع من «التفاؤل» بأن الله صرف الشر واكتفى الإنسان بضرر يسير، وأوضحت أن هذا الأسلوب من الكلام مألوف عند المصريين وغيرهم، وهو تعبير عن «الرضا بالقضاء» و«حسن الظن بالله»، وأشارت «الإفتاء» إلى أن الإسلام يحب التفاؤل ويحث عليه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «يعجبني الفأل»، وهو الكلمة الطيبة التي تبعث الأمل والسكينة في النفوس.
الإفتاء تربط بين المقولة والفأل الحسن
أضافت دار «الإفتاء» أن التفاؤل من السنن النبوية الجميلة التي تبعث الطمأنينة في قلب المؤمن، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل الحسن ويكره التشاؤم، والمقولة الشعبية «خد الشر وراح» تأتي في هذا السياق الإيجابي، لأنها تُعبّر عن رجاء الخير والابتعاد عن السخط والغضب عند وقوع ضرر بسيط، وهذا هو السلوك الذي يحبه الإسلام، إذ يدعو إلى «الصبر عند البلاء» و«الشكر عند النعمة»، وهو ما أوضحته «الإفتاء» استنادًا إلى أحاديث النبي التي تبشر بأن أمر المؤمن كله خير، إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر.
الإفتاء تشير إلى البعد الإيماني في المقولة
ذكرت «الإفتاء» أن هذه العبارة تحمل أيضًا معنى التسليم لقضاء الله، واليقين بأن كل ما يقدره الله هو خير للإنسان، حتى إن بدا فيه شر ظاهر، وقد نقلت «الإفتاء» عن العلماء أن المؤمن مأمور بحسن الظن بالله دائمًا، لأن الله يقول في الحديث القدسي «أنا عند ظن عبدي بي»، وهذا المعنى هو ما ترسخه المقولة الشعبية حين يقول الإنسان «خد الشر وراح»، إذ يُظهر بذلك ثقته في رحمة الله ولطفه، وإيمانه بأن البلاء قد ذهب عنه ولعل فيه خيرًا لا يعلمه.
الإفتاء توضح أن الغرض من القول التخفيف والمواساة
بيّنت دار «الإفتاء» أن الهدف من هذه العبارة هو مواساة المتضرر وتهدئته حتى لا يغضب أو يسخط، فهي تُقال لتخفيف وقع الحادث عليه، مثلما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول للمريض «لا بأس طهور إن شاء الله» وهي عبارة تحمل الدعاء والبشارة في آن واحد، كما أن الشريعة تحث على تهدئة النفوس والتبشير بالخير في المواقف الصعبة، ولذلك اعتبرت «الإفتاء» أن قول «خد الشر وراح» داخل في هذا الباب من الكلام الذي يُقصد به الإصلاح والمواساة وليس الطعن في الإيمان.
الإفتاء ترد على من يظن أن القول ينسب الفعل لغير الله
أكدت «الإفتاء» أنه لا يصح القول بأن المقولة تُنسب الفعل لغير الله، لأن المسلمين يؤمنون بأن الله هو الفاعل الحقيقي في كل شيء، وأن الأسباب لا تعمل بذاتها، وإنما بإرادة الله تعالى، وأوضحت أن إضافة الفعل إلى سببه في اللغة جائزة شرعًا، كقول الله تعالى عن عيسى عليه السلام: ﴿وأحيي الموتى بإذن الله﴾، حيث أضاف الفعل إليه مجازًا لأن الله هو الفاعل الحقيقي، وهكذا في المقولة يُقال «خد الشر وراح» على سبيل المجاز لا الحقيقة، فهي من باب الكلام المجازي المباح الذي لا يحمل أي معنى شركي أو اعتقادي باطل.
الإفتاء تدعو إلى حسن الظن بالناس وعدم التسرع في الإنكار
ختمت دار «الإفتاء» ردها بالتأكيد على ضرورة أن «يحمل المسلم كلام غيره على أحسن المعاني»، وألا يُسارع في اتهام الناس أو إنكار عباراتهم دون فهم، لأن الإسلام دعا إلى «الرفق واللين» و«إحسان الظن»، كما قالت «الإفتاء» إن مقولة «خد الشر وراح» من الأقوال التي انتشرت في المجتمع المصري بنية طيبة ومقصد حسن، وأنها لا تنافي التوحيد ولا الإيمان، بل هي تعبير بسيط عن الرضا والتفاؤل.



