الجمعة 24 أكتوبر 2025 الموافق 02 جمادى الأولى 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

هل يجوز الاقتراض بفائدة؟ الإفتاء توضح الحكم الشرعي

حكم القرض
حكم القرض

الإفتاء تؤكد أن إقراض المحتاج عمل محمود مندوب إليه شرعًا، وأنه من «أبواب الإحسان» التي تُقرب العبد من ربه وتفتح له أبواب الأجر والثواب، إلا أن الإفتاء شددت في الوقت نفسه على أن اشتراط الزيادة على أصل القرض يُعد من «الربا المحرم» شرعًا، إذ لا يجوز لأي شخص أن يُقرض غيره مالًا على أن يرده بزيادة محددة أو بنسبة معينة، لأن هذا النوع من المعاملة يخرج عن دائرة التعاون والإحسان إلى دائرة الاستغلال والربح المحرم.

القرض في الإسلام عبادة لا تجارة

أوضحت الإفتاء من خلال أمين الفتوى الشيخ محمد كمال أن القرض في الإسلام عبادة ومعاملة تقوم على الإرفاق وليس على الاسترباح، وأن المسلم عندما يقرض أخاه المحتاج إنما يفعل ذلك طلبًا لرضا الله تعالى لا لجني الأرباح، ولهذا فإن أي اشتراط لزيادة في مبلغ القرض هو من «الربا الصريح» الذي نهى الله عنه في قوله تعالى: «وأحلّ الله البيع وحرّم الربا»، كما بيّن الشيخ أن القرض المشروع هو ما يُرد فيه نفس المبلغ المقترض دون زيادة أو اشتراط، أما إن اشترط المقرض فائدة محددة كأن يطلب 40% زيادة، فذلك يُعد محرمًا باتفاق العلماء لأنه يتعارض مع مقاصد الشريعة.

وأكد الشيخ في فتواه التي نقلتها الإفتاء أن التعامل بين الأصدقاء يجب أن يقوم على الثقة والمودة، لا على تحقيق المنفعة المادية، موضحًا أنه إذا أراد المقترض بعد سداد الدين أن يُهدي صاحبه شيئًا من باب الشكر لا من باب الالتزام، فلا حرج في ذلك ما لم يكن هناك اتفاق مسبق أو وعد ضمني بهذه الهدية، فالأصل في القرض الحسن أنه يُقصد به وجه الله لا المكسب.

فضل مساعدة المحتاجين

تُشدد الإفتاء على أن السعي في قضاء حوائج الناس من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة»، وهذه الأحاديث تبين أن من يُقرض أخاه المحتاج دون فائدة أو شرط فإن له أجرًا عظيمًا عند الله، بل إن الله سبحانه وتعالى وصف القرض الحسن بأنه «قرض لله»، فقال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً﴾، أي أن الله يضاعف أجر من يُقرض الناس ابتغاء وجهه.

معنى القرض الحسن

بيّنت الإفتاء أن القرض الحسن هو المال الذي يُعطيه الإنسان لغيره دون اشتراط زيادة، بنية المساعدة والإرفاق، لا بنية الاستثمار، موضحة أن الله سماه «قرضًا حسنًا» لأن صاحبه يُعطيه ابتغاء مرضاة الله، وقد نقلت الإفتاء عن الإمام الطبري قوله إن القرض سُمي بهذا الاسم لأن المُقرض يملك المقترض المال على أن يرده مثله، وجُعل حسنًا لأن صاحبه يُقدمه عن طيب نفس واحتساب للأجر.

تحذير من اشتراط الزيادة

ونبّهت الإفتاء إلى أن اشتراط الزيادة في القرض يُبطل المقصود الشرعي من الإقراض، إذ يتحول من عقد تبرع إلى عقد ربا، وهذا ما أكده كبار العلماء من مختلف المذاهب، فقد نقلت الإفتاء عن الإمام الكاساني قوله إن أي قرض يجر منفعة للمُقرض لا يجوز، لأن الزيادة المشروطة تُشبه الربا، كما أوردت عن الإمام القرافي المالكي أنه إذا اشترط المقرض زيادة في القدر أو الصفة فسد القرض ووجب رد الزائد، وبيّن الإمام النووي أن كل قرض جر نفعًا مشروطًا للمقرض فهو حرام، لأنه عقد إرفاق لا يجوز أن يتحول إلى معاملة ربحية.

حكم الهدايا بعد السداد

وتوضّح الإفتاء أن الزيادة أو الهدية بعد سداد القرض لا تُعد محرمة إذا لم تكن مشروطة ولا معتادة، فإن قدّم المقترض لصاحبه هدية من باب المودة بعد انتهاء القرض فذلك جائز لأنه من قبيل الإكرام وليس من باب الربا، أما إذا كانت الهدية متعارفًا عليها بين الطرفين بعد كل قرض، أو كانت ضمنيًا متوقعة، فإنها تُعد منافع مشروطة فتدخل في باب الربا المحرم.

الفرق بين القرض الشخصي ومعاملات البنوك

أكدت الإفتاء أن المساواة بين القرض الذي يتم بين الأفراد وبين تعاملات البنوك أمر غير صحيح، لأن البنوك تُعد مؤسسات استثمارية لها طبيعة قانونية مختلفة عن الأفراد، فهي تتعامل وفق قوانين التمويل المعتمدة، وليس من باب الإقراض الشخصي الذي يكون أساسه التعاون والإرفاق، كما أوضحت أن القوانين المصرية نظمت عمل البنوك باعتبارها جهات تمويل، وحكم الحاكم يرفع الخلاف في مثل هذه المسائل، لذلك فإن معاملة البنوك لا تُقاس على القرض الربوي بين الأشخاص.

الخلاصة والحكم الشرعي

خلصت الإفتاء إلى أن تسليف المحتاج عمل مندوب إليه شرعًا، وهو من القربات التي يُؤجر عليها المسلم، ولكن بشرط ألا يُشترط فيه زيادة على أصل المال، لأن اشتراط الزيادة يُخرجه من باب التعاون إلى باب الربا المحرم، كما أكدت أن القرض بين الأصدقاء يجب أن يكون قائمًا على الثقة والتيسير لا على الاستغلال، وأن المسلم مأمور بأن يُعين أخاه لا أن يُرهقه بالديون أو الفوائد.

وأعادت الإفتاء التأكيد على أن كل قرض جر نفعًا مشروطًا للمقرض حرام شرعًا، وأن الواجب على المسلمين تحري الحلال في معاملاتهم المالية والابتعاد عن كل ما فيه شبهة ربا، فالإقراض عبادة تُقرّب العبد إلى الله متى ما خلصت النية وابتعدت عن المصلحة الشخصية، وبذلك يتحقق المقصد الأسمى من «القرض الحسن» وهو نشر روح التعاون والتكافل بين الناس.

تم نسخ الرابط