هل يصح الصيام دون الشعور بلذة العبادة؟.. الإفتاء توضح

أكدت دار الإفتاء المصرية أن صحة الصيام لا تتوقف على الشعور بلذة العبادة أو استحضار معانيها الروحية، بل يكفي أن يستوفي الصائم أركان الصيام وشروطه الأساسية، موضحة أن الصيام الصحيح يعتمد على وجود النية الصادقة والالتزام بالامتناع عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وفقًا للأحكام الشرعية.

وأوضحت دار الإفتاء أن بعض الناس قد لا يشعرون بلذة الصيام أو روحانياته لأسباب مختلفة، مثل الانشغال بالحياة اليومية أو عدم التفرغ الكافي للعبادة، لكن ذلك لا يعني أن صيامهم غير مقبول، فعدم الإحساس بالروحانيات لا يؤثر على صحة الصيام من الناحية الشرعية.

كيف يمكن تحقيق لذة العبادة في الصيام؟

على الرغم من أن الصيام صحيح حتى لو لم يشعر الصائم بلذته، إلا أن دار الإفتاء دعت المسلمين إلى تهيئة أنفسهم للاستمتاع بروحانيات الشهر الكريم، مؤكدة أن ذلك يتحقق بالإخلاص في العبادة، والحرص على استثمار شهر رمضان في التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة مثل الصلاة، وقراءة القرآن، والذكر، والصدقة.

كما شددت الفتوى على أهمية استشعار معاني الصيام الحقيقية، والتي لا تقتصر فقط على الامتناع عن الطعام والشراب، بل تشمل تهذيب النفس، والتحلي بالأخلاق الحسنة، والابتعاد عن المعاصي، مما يساعد الصائم على الوصول إلى حالة من السكينة والطمأنينة الروحية التي تزيد من إحساسه بلذة العبادة.

هل يقبل صيام المرأة غير المحجبة؟

في سياق متصل، أجابت مروة سعد الدين، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، عن سؤال يتعلق بحكم صيام المرأة غير المحجبة، حيث أكدت أن الحجاب والصيام فريضتان مستقلتان عن بعضهما، وبالتالي فإن عدم ارتداء الحجاب لا يؤثر على صحة الصيام أو قبوله.

وأوضحت أن الله تعالى يحاسب الإنسان على كل فريضة بشكل منفصل، فمن تلتزم بالصيام دون ارتداء الحجاب تكون قد أدت فريضة الصيام كاملة، لكنها في الوقت ذاته تكون آثمة بسبب تقصيرها في فرض الحجاب، مما يعني أنها ستحصل على أجر الصيام لكنها ستتحمل وزر عدم الالتزام بالحجاب.

كما دعت الفتيات اللاتي يرتدين الحجاب خلال شهر رمضان إلى الاستمرار عليه بعد انتهاء الشهر الكريم، مؤكدة أن الثبات على الطاعة نعمة من الله يجب المحافظة عليها، وأن الالتزام بالحجاب جزء من طاعة الله التي ينبغي أن تستمر طوال العام وليس فقط في رمضان.

ما حكم الصيام دون أداء الصلاة؟

أما عن حكم صيام من لا يصلي، فقد أكدت أمينة الفتوى أن الصلاة ركن أساسي في الدين الإسلامي ولا يجوز التهاون فيها بأي حال من الأحوال، لكنها أوضحت أن عدم أداء الصلاة لا يبطل الصيام، حيث إن الصيام فريضة مستقلة عن الصلاة، ومن يصوم دون أن يصلي يكون قد أدى ركن الصيام لكنه ارتكب إثمًا عظيمًا بتركه الصلاة.

وأضافت أن شهر رمضان فرصة عظيمة للالتزام بالصلاة والمحافظة عليها حتى بعد انتهائه، مشيرة إلى أن من يبدأ في أداء الصلاة خلال رمضان عليه أن يستمر في ذلك بعد الشهر الكريم، فالثبات على الطاعة هو التحدي الحقيقي الذي ينبغي على كل مسلم السعي إليه.

شددت دار الإفتاء على أن شهر رمضان ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو فرصة حقيقية لمراجعة النفس، وتقوية الصلة بالله، والتدريب على الطاعات التي ينبغي أن تستمر بعد رمضان، سواء كانت الصلاة أو الحجاب أو غيرهما من العبادات، مؤكدة أن الله ينظر إلى القلوب قبل الأفعال، وأن الإخلاص في العبادة هو ما يجعلها مقبولة ومثمرة في حياة الإنسان.

“ما حكم من نوى الصيام، وبعد السحور وجد بقايا طعام قليلة بين أسنانه، فقام بغسل فمه وتنظيف أسنانه قدر المستطاع، لكن بقيت بعض البقايا العالقة، وأثناء النهار تحللت وجرت مع الريق دون قصد، فهل يبطل صيامه في هذه الحالة؟”.

التيسير ورفع الحرج في الصيام

في ردها على هذا السؤال، أوضحت دار الإفتاء المصرية أن الشريعة الإسلامية قائمة على مبدأ التيسير ورفع الحرج عن المكلفين، مراعاةً لظروفهم وتحقيقًا لمصلحتهم، وهو ما يتجلى بوضوح في قوله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وكذلك في قوله سبحانه: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء: 28].

وأكدت دار الإفتاء أن الشريعة الغراء تعتمد مبدأ العفو عن الأمور التي يصعب على الصائم الاحتراز منها، كما ذكر الإمام الشاطبي في كتابه الموافقات، حيث أوضح أن الصيام ليس مبنيًّا على المشقة الشديدة، بل هو عبادة فيها رحمة وتيسير، مما يجعل من العفو عن بعض الأمور أمرًا ضروريًا للحفاظ على روح العبادة.

حكم ابتلاع بقايا الطعام أثناء الصيام

أوضحت دار الإفتاء أن مسألة ابتلاع بقايا الطعام العالقة بين الأسنان أثناء الصيام لها حالتان:

1."إذا كانت بقايا الطعام قليلة للغاية بحيث لا يستطيع الصائم الاحتراز منها أو إخراجها، وسبقت إلى جوفه مع الريق دون قصد، فلا يفطر باتفاق الفقهاء، نظرًا لصعوبة تجنبها. وهذا يتماشى مع القاعدة الفقهية المستندة إلى قول الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» [متفق عليه].

2.أما إذا كانت بقايا الطعام كبيرة بحيث يمكن تمييزها وإخراجها لكن تعمد الصائم ابتلاعها، ففي هذه الحالة يفطر، لأن الصيام يقوم على الامتناع عن دخول أي طعام أو شراب إلى الجوف عمدًا، وبالتالي فإن من يبتلع الطعام بإرادته يكون قد أفسد صيامه.

حكم من جرت بقايا الطعام في حلقه دون قصد

بناءً على ما سبق، أكدت دار الإفتاء أن الرجل الذي ورد في السؤال، والذي جرت في حلقه بقايا طعام يسيرة دون قصد منه لابتلاعها، لا يفسد صومه، لأن ذلك خارج عن إرادته، وهذا يدخل ضمن الأمور التي عفا عنها الشرع، حيث لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.

حكم تنظيف الأسنان أثناء الصيام

أشارت دار الإفتاء إلى أن تنظيف الأسنان أثناء الصيام باستخدام السواك أو فرشاة الأسنان لا يفسد الصيام، لكن يجب الحذر من دخول أي أثر للمعجون أو الماء إلى الجوف، فإن حصل ذلك عن غير قصد فلا يفطر، أما إذا تم إدخال الماء أو المعجون عمدًا إلى الحلق، فإنه يبطل الصيام.

وأوضحت أن استعمال السواك مستحب أثناء الصيام، حيث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يستخدمه في نهار رمضان، وقال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» [متفق عليه].