الكونجرس في دمشق.. جولة بين الدمار ورسائل سياسية
«الكونجرس الأمريكيي».. تحرك نادر من نوعه منذ اندلاع الأزمة السورية، زار وفد من الكونجرس الأمريكي العاصمة دمشق، أمس الجمعة، للاطلاع على الواقع الميداني والإنساني، في خطوة وصفها مراقبون بأنها قد تمهّد لتغير نسبي في لهجة الخطاب الأمريكي تجاه سوريا.
وفد جمهوري يطرق أبواب دمشق
«الكونجرس الأمريكيي».. ويضم الوفد الأمريكي اثنين من أعضاء الكونجرس عن الحزب الجمهوري، هما «مارلين ستاتسمان» و«كوري ميلز»، واللذان أكدا أن زيارتهما تهدف إلى تقييم الأوضاع على الأرض، ومعاينة تأثير العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، في ظل معاناة الشعب السوري الممتدة منذ أكثر من عقد.
وتعد الزيارة الأولى من نوعها التي يجريها أعضاء كونغرس أمريكيون إلى سوريا منذ سنوات، ما يعكس تحولًا ولو جزئيًا - في الاهتمام الأمريكي بالشأن السوري بعد فترات طويلة من العزلة السياسية.
لقاء رسمي مع الرئيس السوري المؤقت
«الكونجرس الأمريكيي».. في خطوة تعكس انفتاحًا حذرًا على المستوى الرسمي، استقبل الرئيس السوري المؤقت "أحمد الشرع" الوفد الأمريكي بقصر الشعب في دمشق، بحضور وزير الخارجية «أسعد الشيباني»، حيث جرى نقاش حول تطورات الأوضاع الإنسانية والاقتصادية، وآليات دعم جهود إعادة الإعمار.
وأشارت رئاسة الجمهورية السورية إلى أن اللقاء تطرّق إلى أهمية رفع العقوبات الأمريكية، وتأثيرها المباشر على حياة المواطنين، في ظل استمرار الحصار الاقتصادي وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.
زيارة سجن صيدنايا.. والاطلاع على معالم مؤلمة
وأفادت مصادر إعلامية من بينها قناة العربية - بأن الوفد الأمريكي قام بزيارة سجن صيدنايا الشهير، والذي لطالما ارتبط اسمه بتقارير حقوقية دولية وثقت فيه انتهاكات واسعة النطاق خلال سنوات الحرب.
الزيارة جاءت بهدف الاطلاع المباشر على الوضع داخل السجن، الذي شهد خلال سنوات النزاع احتجاز آلاف المعارضين، وسط انتقادات دولية مستمرة حول ظروف الاحتجاز.
جولة ميدانية في حي جوبر المدمر
وشملت الزيارة أيضًا جولة في حي جوبر الواقع شرق العاصمة دمشق، وهو أحد أكثر الأحياء تضررًا خلال سنوات النزاع المسلح. ووقفت مارلين ستاتسمان على حجم الدمار، معبّرة عن صدمتها من المشاهد التي رآها الوفد.
وقالت ستاتسمان في تصريحات صحفية: «كان علينا أن نرى بأعيننا هذا الدمار الهائل.. مليارات الدولارات تحولت إلى ركام. تأثرت كثيرًا عندما رأيت رسمة لميكي ماوس على جدار منزل مدمر.. فكرت في الطفل الذي كان يعيش هنا وخسر بيته وحياته».
وأضافت: «رغم كل ما شاهدناه، إلا أنني أشعر بالتفاؤل تجاه مستقبل سوريا، فهناك من يعمل، وهناك من يحلم بإعادة البناء».
رسائل سياسية بين السطور
من جانبه، قال مجد عبار، عضو التحالف الأمريكي لأجل السلام والازدهار، إن التحالف يسعى لتخفيف العقوبات على سوريا، مشيرًا إلى أن الشعب السوري لا يجب أن يدفع ثمن خلافات سياسية دولية"، مضيفًا أن هذه الزيارة تأتي ضمن تحركات إنسانية وسياسية لإعادة تسليط الضوء على معاناة المدنيين.
كما أشار إلى أن استمرار العقوبات الحالية يعمّق الأزمات المعيشية والاقتصادية في البلاد، ويعيق جهود التعافي، خاصة في ما يتعلق بالخدمات الأساسية مثل الكهرباء والتعليم والصحة.
آفاق الزيارة.. اختبار جديد للموقف الأمريكي
ورغم أن الزيارة لا تعني تحولًا رسميًا في الموقف الأمريكي من النظام السوري، إلا أنها تشكّل سابقة سياسية وإنسانية قد تفتح الباب أمام مزيد من الزيارات الميدانية، وإعادة النظر في العقوبات التي تطال القطاعات الحيوية في سوريا.
وفي ظل استمرار الأوضاع الإنسانية المتدهورة في الداخل السوري، تُطرح تساؤلات حول ما إذا كانت مثل هذه الزيارات ستُترجم إلى خطوات عملية على الأرض، أم ستبقى مجرد جولات رمزية لا تغيّر شيئًا من الواقع المعقد.
