في حملة انتخابية مبكرة.. ترامب يعيد صياغة الحرب بلغة المال

في تصريحات جديدة أثارت جدلاً واسعًا، أعرب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن تفاؤله بقرب التوصل إلى اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، مرجّحًا أن يتم ذلك خلال الأسبوع الجاري، معربًا عن استعداد الولايات المتحدة للعب دور اقتصادي محوري عقب توقف القتال.
جاءت تصريحات ترامب خلال لقاء جماهيري عقده في ولاية أوهايو، مساء السبت، حيث وجّه رسائل مباشرة إلى كل من موسكو وكييف، مؤكدًا أن إنهاء الحرب سيؤدي إلى "تدفق هائل للثروات" من خلال صفقات اقتصادية مع الولايات المتحدة.
وعود بالثروات بعد الحرب
وقال ترامب:«آمل أن تصل روسيا وأوكرانيا إلى اتفاق هذا الأسبوع بمجرد أن يتحقق السلام، ستنهال عليهم الصفقات التجارية، وستكون الثروات التي سيحققونها هائلة»، مضيفًا أن «الولايات المتحدة ستكون الشريك الأكثر فائدة لكلا البلدين إذا ما اختارت لعب دور الوسيط الحقيقي».
وأوضح الرئيس الأمريكي السابق أن الأسواق الأمريكية مستعدة لفتح أبوابها أمام استثمارات واسعة مع روسيا وأوكرانيا على حد سواء، معتبرًا أن السلام في شرق أوروبا سيخلق فرصًا تاريخية للتعاون الاقتصادي الدولي، إذا تم استغلال اللحظة بشكل صحيح.
انتقادات لرجال الأعمال الأمريكيين
وخلال اللقاء ذاته، لم يفوّت ترامب الفرصة للهجوم على بعض رجال الأعمال والمستثمرين الذين انتقدوا سياساته الاقتصادية، وخاصة تلك المتعلقة بالرسوم الجمركية على الواردات الأجنبية، قائلاً: «أولئك الذين ينتقدونني لا يفهمون التجارة، إنهم سيئون في إدارة الأعمال، وأسوأ في السياسة».
وأضاف أن فرضه للرسوم الجمركية ساهم في حماية الصناعة الوطنية الأميركية من الممارسات غير العادلة، مشددًا على أن نهجه أثبت نجاحه في فرض معادلات متوازنة في العلاقات التجارية العالمية، رغم المعارضة الداخلية الواسعة.
الحرب تدخل مرحلة الجمود الحذر
تأتي تصريحات ترامب في وقت تشهد فيه الحرب الروسية الأوكرانية ما يُوصف بـ«الجمود الحذر»، مع تباطؤ العمليات العسكرية على الأرض وتزايد التحركات الدبلوماسية خلف الكواليس.
فمنذ أشهر، تسعى أطراف إقليمية ودولية عدة، من بينها الصين وتركيا، إلى تقريب وجهات النظر بين موسكو وكييف، إلا أن معظم هذه المساعي لم تفضِ حتى الآن إلى نتائج ملموسة.
ويرى محللون أن تأكيد ترامب على قرب التوصل إلى اتفاق، يعكس رغبته في استثمار الملف الأوكراني ضمن حملته الانتخابية المرتقبة لانتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2024، خاصة أن النزاع بات يشكّل محورًا أساسيًا في السياسات الخارجية للإدارة الأميركية.
لغة الصفقات.. سلاح ترامب في السياسة
لطالما استخدم دونالد ترامب ما يُعرف بـ"لغة الصفقات" في تعامله مع الملفات السياسية والدولية، وهي مقاربة يرى فيها كثيرون نوعًا من البراغماتية المباشرة التي قد تكون فعّالة في بعض الأزمات، بينما ينتقدها آخرون باعتبارها اختزالية ومبالغة في تبسيط تعقيدات العلاقات الجيوسياسية.
وفي هذا السياق، قال أحد المحللين الأميركيين لقناة «إن بي سي»: ترامب يرى أن كل شيء يمكن حله بصفقة، لكن في الحروب هناك حسابات تتجاوز الاقتصاد، مثل الأمن القومي والكرامة الوطنية والشرعية الدولية.
مع ذلك، لا يُخفي بعض السياسيين الغربيين أن وجود شخصية مثل ترامب في أي مفاوضات محتملة، قد يُحدث تغييرًا في مسار التسوية، نظرًا لما يتمتع به من قدرة على الضغط المباشر واتخاذ قرارات جريئة بعيدًا عن التعقيدات البيروقراطية.
تساؤلات حول الدور الأمريكي
تصريحات ترامب فتحت الباب أمام تساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن مستعدة بالفعل للعب دور الوسيط بين موسكو وكييف، خاصة أن الإدارة الحالية للرئيس جو بايدن تنتهج نهجًا مختلفًا تمامًا، قائمًا على دعم أوكرانيا ميدانيًا وعسكريًا دون طرح وساطة مباشرة.
ويشير مراقبون إلى أن إعادة انتخاب ترامب، في حال حدوثها، قد تقلب الطاولة على النهج الأميركي الحالي، وتدفع باتجاه تبني مقاربة قائمة على الضغط لعقد "صفقة كبرى" تنهي الحرب وتعيد تشكيل التحالفات الإقليمية.