الوساطة في اختبار صعب.. حماس متمسكة بالمطالب ونتنياهو يرفض الانسحاب

تواصل حركة المقاومة الإسلامية «حماس» مشاوراتها الداخلية بشأن المقترحات التي تقدم بها الوسطاء المصريون والقطريون، للتوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في قطاع غزة. والحركة لا تزال تدرس كافة البنود المقدمة، وسط مساعٍ حثيثة من القاهرة والدوحة لإنهاء النزاع ووقف نزيف الدم الفلسطيني المستمر منذ أشهر.
وأكدت المصادر ذاتها أن الاتصالات لم تنقطع بين الأطراف المعنية، وسط أجواء حذرة تسود مسار التفاوض، لا سيما بعد رد الحكومة الإسرائيلية الأخير، الذي وصفته «حماس» بأنه يحمل شروطًا تعجيزية، ولا يرقى إلى الحد الأدنى من متطلبات التهدئة أو إنهاء الحرب المستمرة على قطاع غزة.
الحية.. مقترح نتنياهو لا يؤدي لوقف الحرب
وفي هذا السياق، صرح خليل الحية، رئيس وفد حماس المفاوض وعضو المكتب السياسي للحركة، أن الرد الذي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مقترح الوسطاء يتضمن "شروطًا تعجيزية"، لا تتضمن وقفًا للحرب، ولا انسحابًا من قطاع غزة.
وأضاف الحية في تصريحات إعلامية أن «حماس» أبدت استعدادها الكامل للتفاوض الفوري على صفقة تبادل شاملة للرهائن، مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، موضحًا أن الحركة وافقت في نهاية شهر رمضان الماضي على المقترح الذي تقدم به الوسطاء، رغم إدراكها أن القيادة الإسرائيلية تسعى لإطالة أمد الحرب لخدمة أجندتها السياسية الداخلية.
اتهامات إسرائيلية بعرقلة جهود السلام
واتهم الحية حكومة نتنياهو بمحاولة إفشال مساعي التهدئة، عبر فرض شروط تُصعّب الوصول إلى اتفاق، مؤكدًا أن حماس منفتحة على أي مبادرة جدية توقف العدوان وتعيد إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، لا سيما في ظل الكارثة الإنسانية التي تعصف بالقطاع المحاصر منذ أشهر.
وأوضح الحية أن الوسطاء عادوا مجددًا للتواصل مع الحركة بغية البحث عن مخرج للأزمة الراهنة، مشيرًا إلى أن الكرة الآن في ملعب الاحتلال الإسرائيلي، وأن مواصلة فرض شروط قاسية لن تقود إلا إلى مزيد من التصعيد والتعقيد في المشهد.
الموقف المصري والقطري.. وساطة متواصلة لإنهاء التصعيد
من جانبها، تواصل مصر وقطر جهودهما الدبلوماسية من أجل دفع الأطراف نحو اتفاق يوقف إطلاق النار ويمهّد الطريق أمام تهدئة طويلة الأمد، تضمن إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة وإعادة إعمار ما دمرته الحرب. وتؤكد الدولتان أن تحقيق التهدئة المستدامة يتطلب التزامًا سياسيًا حقيقيًا من جميع الأطراف، وعلى رأسها إسرائيل.
وتحظى الوساطة المصرية-القطرية بدعم إقليمي ودولي، لا سيما من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، اللتين دعتا في أكثر من مناسبة إلى ضرورة وقف العمليات العسكرية وتجنب كارثة إنسانية جديدة.
ترقب حذر للموقف الإسرائيلي ومصير المفاوضات
ومع استمرار الجهود الدبلوماسية، يبقى موقف الحكومة الإسرائيلية حجر عثرة أمام أي تقدم ملموس في المفاوضات، خاصة في ظل التصريحات المتكررة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن مواصلة الحرب حتى تحقيق أهدافها، ما يزيد من حالة الغموض حول مستقبل التهدئة.
ويرى مراقبون أن حماس تسعى جديًا إلى إنهاء الحرب ضمن شروط تحفظ كرامة الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، بينما تمضي إسرائيل في وضع عراقيل تجعل من فرص الاتفاق في المدى القريب ضعيفة، ما يطرح تساؤلات كبرى حول مصير المبادرات الدولية، ومآلات الأوضاع الميدانية في قطاع غزة.
الوضع الإنساني يضغط على طاولة المفاوضات
وسط تعثر الجهود السياسية، تواصل الأزمة الإنسانية في قطاع غزة تصاعدها بشكل ينذر بكارثة وشيكة، وهو ما يضيف ضغوطًا إضافية على طاولة المفاوضات.
إذ تعاني مستشفيات القطاع من نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، في وقت يستمر فيه انقطاع الكهرباء والمياه، وتفاقم أوضاع النازحين في المدارس والملاجئ المؤقتة.
وتؤكد منظمات الإغاثة أن الوضع بات لا يُحتمل، حيث يعيش أكثر من مليون شخص في ظروف صعبة دون مأوى آمن، فيما تسجل المنظمات الحقوقية ارتفاعًا في عدد الضحايا المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال.
ويحذر محللون من أن تجاهل البُعد الإنساني في أي اتفاق محتمل سيؤدي إلى تكرار دوامة العنف في المستقبل، ما لم يكن هناك التزام حقيقي بفتح المعابر وتوفير ممرات آمنة للمساعدات، إضافة إلى الشروع الفوري في عمليات إعادة الإعمار.
وبينما تسعى الوساطات الإقليمية لتقريب وجهات النظر، تبقى الأزمة مرهونة بمدى تجاوب إسرائيل مع المطالب الإنسانية والسياسية، واحترامها للقانون الدولي في تعاملها مع سكان القطاع المحاصر.