الثلاثاء 22 أبريل 2025 الموافق 24 شوال 1446
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

من حورس الطفل لإله الصمت.. حكاية «حربوقراط» عند المصريون القدماء

حربوقراط
حربوقراط

تجسد الآلهة المصرية القديمة العديد من الظواهر الطبيعية والاجتماعية، ومن أهم تلك الرموز «حربوقراط » المعروف في الحضارة المصرية بأنه حورس الطفل، وانتقل إلى الثقافة اليونانية وعرف بأنه إله الصمت.

ما هو شكل الإله حربوقراط ؟

في البداية عرف الإله حربوقراط على انه حورس الطفل، وذلك إشارة إلى حورس الصغير، رمز الشمس الوليدة التي تشرق كل يوم من جديد في الفن المصري القديم، ونجد أن شكل الإله عبارة عن صبي يضع إصبعه على فمه، في تجسيد للعلامة الهيروغليفية التي ترمز ببساطة إلى "الطفل".

حربوقراط يجسد على شكل طفل آخر

وبعد ذلك تم تجسيد الإله حربوقراط في الحضارة المصرية كطفل في حضن والدته، وهى الإلهة إيزيس وهى ترضعه، ما خدم في تصويره في الفن اليوناني كطفل يرضع إبهامه، وله خصلة جانبية من الشعر، للتأكيد على البراءة والطفولة، أو ربما  لغلق الفم لكتم الأسرار المقدسة التي ألقتها عليه والدته.

الهدف من عبادة الإله حربوقراط عند المصريون القدماء ؟

وكان يلجئون المصريون إلى الآلة حربوقراط للتصدي  لهجمات الحيوانات المفترسة مثل التماسيح والثعابين والعقارب وصوروه على ألواح اتخذت طابعا سحريا عرفت باللوحات السحرية لـ "حربوقراط".


الصراع بين الإله حورس والإله ست

وعلى مدار الزمن كان هناك صراع بين حورس وعمه ست، حيث أقدم حورس على الانتقام من عمه الإله "ست"، وذلك لأخذ ثأر والده أوزوريس، لذا ظهر في شكل آخر في الفن المصري آنذاك على شكل الصقر حورس، والذى كان الأكثر شيوعا بالنسبة للمصريين.

الإله حربوقراط على شكل صقر

ويعد انتصار حورس على عمه الآلة ست، ميلاد جديد، وحياة جديدة، واعتبر أنه إله الشمس المنتصر، الذي يتغلب على الظلام في دورة أبدية من الصراع والنصر، ولذلك صُوِّر برأس صقر، طائر الباز الذي يحلّق عاليًا في السماء، في تجسيد للقوة والحكمة.

متى أصبح حربوقراط إله رسمي للطفولة ؟

وأثبتت الدراسات أن بدءا من العصر اليوناني الروماني في مصر، تم اعتبار حربوقراط إله رسمي للطفولة، وتم تجسيد تمثال آخر له يظهر فيه : زوج إلهى "سيرابيس"، زوجة إلهية "إيزيس"، ابن إلهى "حربوقراط"، وقد شكل هذا الثالوث الديانة الرسمية للدولة المصرية آنذاك لتوحيد ودمج الديانة المصرية مع اليونانية.

الآلة حربوقراط أصبح إله الصمت في الحضارة اليونانية

وبعد انتقال بعض التماثيل إلى العالم اليوناني والروماني، وقع سوء فهم بسيط لكنه شديد التأثير حيث فسّر الشعراء والفلاسفة هذا الإيماء كرمز للصمت، لا الطفولة. ومن هنا، أصبح "حربوقراط" عند الإغريق والرومان إلهًا للصمت والأسرار، وتم دمجه لاحقًا في العديد من الطقوس الغامضة التي انتشرت في العالم الهلنستي والروماني.

حربوقراط أصبح إله الشفاء والحماية


ويذكر أيضا أن حربوقراط أطلق عليه العديد من الأسماء مثل آلة الحماية والشفاء، حيث اكتشفت نقوش وتماثيل له في ساحات المعابد وهو يقف فوق تمساح ممسكًا بثعابين، كناية عن قدرته على ترويض قوى الشر والسيطرة عليها، وكانت هذه اللوحات تُطهر بالماء، ثم يُستخدم الماء نفسه كأداة للبركة والشفاء، نظرًا لقدسية هذا الإله في حماية الناس من الأذى والمرض.

وجديرا بالذكر أن حربوقراط ظهر في الأدب والشعر اللاتيني، حيث أشار إليه الكاتب ماركوس تيرينتيوس فارو في مؤلفه "De lingua Latina"، باعتباره رمزًا للصمت الذي يفرضه على البشر بإصبعه الموضوع على شفتيه، كما وصفه الكاتب أوفيد في أعماله، ضمن مشهد غني يضم آلهة مصرية، حيث قال عن إيزيس: "على جبينها قرون الهلال، مكللة برؤوس القمح الذهبية، وإلى جانبها الإله الذي يضع إصبعه على فمه من أجل الصمت".

ونتيجة لكثرة اسماء الإله حربوقراط أصبح اسمه من أكثر الروايات الغريبة والمثيرة للدهشة في التاريخ الديني القديم، لأنها تعد دليل على كيف يمكن لرمز بسيط أن يعاد تفسيره في ضوء ثقافات أخرى، ليحمل معانٍ جديدة تظل حيّة حتى الآن.

تم نسخ الرابط