فاينانشال تايمز.. روسيا تعرض إنهاء الحرب في أوكرانيا بشرط واحد
كشفت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، الثلاثاء، عن تفاصيل مبادرة روسية جديدة تهدف لوقف الحرب في أوكرانيا، حيث نقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد عرض التوصل إلى اتفاق سلام مع الولايات المتحدة، يكون محوره وقف القتال على امتداد خطوط التماس الحالية في أوكرانيا، وذلك في حال فوز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بولاية جديدة.
ويأتي هذا التطور في وقت يزداد فيه الزخم الدبلوماسي على خلفية الانتخابات الأميركية المقبلة، إذ تشير المعطيات إلى أن موسكو تراقب عن كثب تحركات ترامب السياسية، وتُبدي استعداداً للتفاوض معه بصورة تختلف عن موقفها تجاه الإدارة الحالية بقيادة جو بايدن.
اجتماع سري في سان بطرسبرغ
«تايمز».. وأوضحت فاينانشال تايمز، نقلاً عن مصادرها، أن العرض الروسي تم نقله خلال اجتماع جرى هذا الشهر في مدينة سان بطرسبرغ بين بوتين وستيف ويتكوف، مبعوث ترامب الخاص غير الرسمي، حيث أعرب الرئيس الروسي عن استعداده لتجميد الحرب على الخطوط الأمامية الحالية دون الإصرار على استعادة السيطرة الكاملة على المناطق الأوكرانية الأربع المحتلة جزئيًا: زابوريجيا، خيرسون، دونيتسك ولوغانسك.
وبحسب المصدر«تايمز»، فإن بوتين أبلغ ويتكوف أن موسكو "لا تمانع التفاوض" حول تسوية تتضمن تنازلات جزئية، بشرط الحفاظ على المكاسب الاستراتيجية التي حصلت عليها روسيا منذ بداية الحرب.
روسيا تعرض التنازل عن مطالب السيادة الكاملة
فيما تُعد هذه المبادرة تحولاً لافتًا في موقف موسكو، أفادت الصحيفة بأن روسيا ربما مستعدة، ولو ضمنيًا، للتخلي عن مطلب السيادة الكاملة على أجزاء من المناطق الأربع، التي ما زالت كييف تسيطر على أجزاء واسعة منها، رغم إعلان الكرملين ضمها رسميًا في وقت سابق.
وذكرت المصادر أن هذه الخطوة تبدو كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى استمالة ترامب وإقناعه بأن بوسعه إنهاء الحرب إذا عاد إلى البيت الأبيض، وذلك في محاولة لاستباق أية مواقف أميركية متشددة في حال فوز بايدن بفترة رئاسية ثانية.
واشنطن طرحت مقترحات تشمل الاعتراف بالقرم والمناطق الأربع
وأكدت فاينانشال تايمز، أن مسؤولين أميركيين طرحوا خلال المحادثات أفكارًا لتسوية محتملة، تتضمن في بعض صيغها اعتراف واشنطن بسيادة موسكو على شبه جزيرة القرم، بالإضافة إلى الاعتراف - على الأقل بشكل جزئي بسيطرة روسيا على المناطق الأربع، وهو ما يمثل تحوُّلًا جذريًا في سياسة الولايات المتحدة المعروفة بدعمها الكامل لوحدة الأراضي الأوكرانية.
وفي الوقت ذاته، لم تُشر المصادر إلى وجود قبول رسمي أميركي بهذه الأفكار حتى الآن، لكنها أكدت أن المحادثات تأخذ طابعًا جديًا وأن هناك تنسيقًا غير رسمي على مستوى عالٍ بين حملة ترامب وبعض الجهات الروسية.
كييف منفتحة على مقترحات ترامب
من جهتها، أكدت مصادر أوكرانية للصحيفة أن بعض المسؤولين في كييف أعربوا عن «انفتاحهم» على مناقشة مقترحات قدمها ترامب وفريقه، من دون الإفصاح عن تفاصيل تلك المقترحات أو طبيعة الرد الأوكراني الرسمي.
ويُعد هذا التصريح مؤشرًا أوليًا على استعداد أوكراني محتمل لمناقشة تسوية ما، خاصة في ظل الإرهاق العسكري والاقتصادي الذي تعاني منه البلاد بعد أكثر من عامين على اندلاع الحرب.
طُعم سياسي أم مناورة دبلوماسية؟
ويخشى مراقبون غربيون من أن يكون العرض الروسي مجرد طُعم يُقدَّم لترامب من أجل كسب الوقت وتعزيز الانقسامات السياسية داخل الغرب، خصوصًا أن موسكو تأمل بأن تتجه الإدارة الأميركية المقبلة نحو سياسة أكثر عزلة، تبتعد عن المواجهة المباشرة في أوكرانيا وتقلل من الدعم العسكري لكييف.
وفي هذا السياق، قال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين: «بوتين يلعب ورقة ذكية.. يظهر كصانع سلام محتمل بينما يضمن الحفاظ على مكاسب ميدانية ضخمة».
الموقف الغربي.. ترقب وحذر
في المقابل، لم تُعلق إدارة بايدن رسميًا على التسريبات الواردة، كما لم يصدر رد فوري من حملة ترامب الانتخابية. ويبدو أن الغرب يتعامل بحذر مع هذه التطورات، في انتظار وضوح الصورة السياسية داخل الولايات المتحدة خلال الأشهر القليلة المقبلة.
ويبقى السؤال الأبرز في المرحلة المقبلة: هل تتحول هذه الاتصالات السرية إلى اتفاق سلام فعلي؟ أم أن ما يجري مجرد جولة جديدة من الحرب السياسية الباردة بين موسكو وواشنطن؟
