السيسى من قمة بغداد.. نطالب ترامب بالتدخل لوقف إطلاق النار في غزة

وجه الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس جمهورية مصر العربية، نداءً مباشرًا إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يحثه فيه على ممارسة ضغوط حاسمة على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار فورًا في قطاع غزة، وتهيئة الأجواء لإطلاق عملية سياسية جادة تفضي إلى تسوية شاملة ونهائية، تحقق السلام العادل والدائم في المنطقة.

وجاءت تصريحات الرئيس السيسى خلال كلمته أمام القادة والزعماء المشاركين في أعمال القمة العربية الرابعة والثلاثين التي انطلقت صباح اليوم السبت، في العاصمة العراقية بغداد، وسط حضور لافت من قادة الدول العربية وممثلي المنظمات الإقليمية والدولية، لمناقشة أبرز التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. 

دعوة للسعي من أجل سلام حقيقي

وقال السيسى في كلمته إن مصر تدعو الولايات المتحدة، بصفتها القوة الدولية المؤثرة وذات الدور التاريخي في المنطقة، إلى استعادة دورها كوسيط نزيه وفاعل من أجل السلام، مشيرًا إلى أن الرئيس ترامب يتمتع بقدرة خاصة على التأثير والضغط، وقد أظهر ذلك سابقًا حين نجح في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة خلال شهر يناير الماضي.

وأضاف: «لقد تمكن الرئيس دونالد ترامب من تحقيق إنجاز مهم حين تم الإعلان عن وقف لإطلاق النار مطلع عام 2025، لكن هذا الاتفاق لم يصمد طويلًا أمام الغطرسة الإسرائيلية، التي تعمدت إفشاله بمواصلة عدوانها على الشعب الفلسطيني في القطاع».

وأكد الرئيس أن هناك فرصة حقيقية لتكرار الدور الذي اضطلعت به الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الماضي، حين لعبت دور الوسيط في التوصل إلى اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، مطالبًا واشنطن بأن تضطلع بدور مماثل اليوم، من أجل إنهاء مأساة غزة.

جهود مصرية متواصلة في الوساطة

وخلال كلمته، استعرض الرئيس عبد الفتاح السيسى الجهود المصرية المتواصلة لإنهاء الحرب في غزة، مشيرًا إلى التنسيق الوثيق الذي تقوده القاهرة مع كل من دولة قطر والولايات المتحدة، في إطار وساطة ثلاثية تسعى بكل قوة لوقف نزيف الدم الفلسطيني.

وقال السيسي إن مصر لم تدخر جهدًا في سبيل تحقيق انفراجة على المسار الإنساني والسياسي، وقد نجحت مؤخرًا، بالتعاون مع الشركاء، في تأمين إطلاق سراح الرهينة الأمريكي/الإسرائيلي "عيدان ألكسندر"، في إطار الجهود الرامية إلى تهدئة الأوضاع وخلق أجواء مناسبة لاستئناف المفاوضات.

وأكد أن الوساطة المصرية لا تهدف فقط إلى وقف إطلاق النار، بل إلى إعادة إطلاق عملية سياسية حقيقية تؤدي إلى إنهاء الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

لا لتهجير الفلسطينيين.. ولا سلام دون إعمار غزة

وفي فقرة شديدة الأهمية من كلمته، شدد الرئيس السيسي على الموقف المصري والعربي الثابت، الرافض لأي محاولات إسرائيلية لتغيير الواقع الديمغرافي في قطاع غزة، أو لتهجير سكانه إلى خارج الأراضي الفلسطينية، مؤكدًا أن هذا الموقف تم التعبير عنه بوضوح خلال قمة القاهرة العربية غير العادية، التي دعت مصر لعقدها في 4 مارس الماضي.

وأوضح الرئيس أن تلك القمة شكّلت محطة محورية في توحيد الموقف العربي بشأن الأزمة، حيث أجمعت الدول المشاركة على رفض التهجير، والتأكيد على ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل، كما تبنت القمة خطة مصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، تقوم على أساس بقاء الفلسطينيين في أرضهم، ودعم قدرتهم على الصمود.

وأشار إلى أن هذه الخطة لاقت ترحيبًا واسعًا في الأوساط العربية والإسلامية والدولية، وأكدت على مكانة مصر كركيزة للاستقرار في المنطقة، وحامل للقضية الفلسطينية في جميع المحافل.

من بغداد.. صوت عربي موحد

وتأتي كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى في وقت تتزايد فيه الأصوات العربية المطالبة بتدخل دولي فوري لوقف المذبحة التي يتعرض لها الفلسطينيون في غزة، والتي أسفرت حتى الآن عن استشهاد أكثر من 50 ألف شخص، وإصابة أكثر من 100 ألف، وتشريد ما يزيد عن مليوني فلسطيني، وسط دمار هائل في البنية التحتية والمرافق الحيوية.

وتسعى القمة العربية المنعقدة في بغداد إلى توحيد الصف العربي في مواجهة التحديات الكبرى، وعلى رأسها العدوان الإسرائيلي، وتزايد التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية، إلى جانب بحث ملفات اقتصادية وتنموية تشمل الأمن الغذائي والتكامل التجاري ومواجهة التغيرات المناخية.

رسالة مصر للعالم.. السلام لا يُصنع بالقوة

وفي ختام كلمته، بعث الرئيس عبد الفتاح السيسى برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يُفرض بالقوة، بل يُبنى على العدالة، وحق الشعوب في تقرير مصيرها.

وقال إن مصر ستظل في مقدمة المدافعين عن الحقوق الفلسطينية، وستواصل العمل مع كل الشركاء لوقف العدوان وإعادة إعمار غزة، وإطلاق عملية سلام جادة وشاملة.