«أطياف الحرب».. مشروع تخرج يكشف مآسي حرب اليمن ويعيد سرد تاريخ مهمل

في إطار مشروعات التخرج السنوية لمعهد الإسكندرية العالي للإعلام، يبرز فيلم «أطياف الحرب» كمحطة فنية هامة تسلط الضوء على إحدى الحروب التي طُمس ذكرها، وهي حرب اليمن التي شارك فيها الجنود المصريون قبل عقود.
ويعد فيلم «أطياف الحرب» من إخراج نرمين سامح، ويُعد شهادة مؤثرة على معاناة الشباب المصري الذين خاضوا هذه الحرب، مع إبراز آثارها النفسية والجسدية التي لازمت الناجين حتى اليوم.
سرد مأساوي لحرب اليمن
تدور أحداث فيلم «أطياف الحرب» في قلب الصحراء اليمنية القاسية، حيث يجد القائد وثلاثة من جنوده أنفسهم تائهين وسط أجواء من الغموض والتوتر.
تبدأ القصة بإشارة إلى انسحاب القوات المصرية من الحرب، قبل أن تتوالى الأحداث بتصادم عنيف مجهول المصدر يجعل الجنود يهربون في اتجاهات مختلفة، بينما يتصارعون مع جحيم الصحراء بلا خريطة ولا بوصلة، في ظل تعطل جهاز اللاسلكي.
ويركز الفيلم على الجوانب الإنسانية والمعاناة النفسية التي مر بها الجنود، الذين لم يعرفوا أبدًا لماذا قاتلوا، وحملوا معهم ذكريات مؤلمة لا تُنسى، عادت بهم بعد انتهاء الحرب إلى واقع مليء بالألم والاضطرابات النفسية، ويصورالمعاناة الحقيقية التي خلفتها هذه الحرب، بعيدًا عن الملاحم العسكرية التقليدية، ليقدم صورة أكثر صدقًا وإنسانية.
فريق عمل شاب يعكس طموح الجيل الجديد
أشرفت على الفيلم أ.د غادة اليماني، عميدة معهد الإسكندرية العالي للإعلام، تحت إشراف د/ شيرين جمال، في إطار الدعم الأكاديمي للفريق، وقادت نرمين سامح فريق الإخراج بمساعدة أميرة منصور كمخرجة مساعدة، ونورين أشرف كمخرجة منفذة، قام على كتابة السيناريو منه الله جمعة، بمساعدة حبيبة هاشم وروان أحمد رجب، لتقديم نص متماسك وشيق.
ساهمت فرق الإنتاج، المونتاج، والصوت بشكل كبير في إخراج العمل بأعلى جودة ممكنة، حيث تولت شهد إبراهيم إدارة الإنتاج، ونادية أحمد مسؤولية مساعد الإنتاج والديكور، وقامت ميرنا محمد سعد بمونتاج الفيلم، بينما تولت ريناد أحمد مهندس الصوت، ونورهان نبيل مديرة الإضاءة، وراكور ملابس شروق اسامة، وتصوير وجرافيك شريف فؤاد.
هذه التجربة التي جمعت بين المواهب الشابة في مجالات متعددة تؤكد قدراتهم على إنتاج أعمال ذات قيمة فنية وتاريخية.

تسليط الضوء على نسيان التاريخ وآثاره النفسية
ويهدف فيلم «أطياف الحرب» إلى إعادة سرد فصل مهمل من تاريخ مصر الحديث، وهو حرب اليمن، التي لم تحظَ بالكثير من التغطية أو التوثيق الفني مقارنة بحروب أخرى.
«أطياف الحرب» لا يروي فقط وقائع معركة، بل يسلط الضوء على الآثار النفسية العميقة التي تركتها الحرب على الجنود، الذين يعانون حتى اليوم من اضطرابات ما بعد الصدمة، وتلازمهم ذكريات الرعب التي رافقتهم خلال القتال.
يشير الفيلم إلى أهمية تذكر هذه الحروب وتوثيقها، ليس فقط لأجل التاريخ، بل لدعم الناجين والجنود الحاليين والمستقبليين نفسيًا واجتماعيًا، وضمان عدم تكرار مثل هذه المعاناة دون فهم كامل لأبعادها الإنسانية.
مشروع تخرج بمثابة شهادة وطنية
يأتي هذا العمل ضمن مشروعات تخرج طلاب معهد الإسكندرية العالي للإعلام، ليُظهر أن الشباب قادرون على حمل هموم الوطن من خلال الفن والإعلام، ويقدمون قصصًا وطنية بحس إنساني عميق.
يعكس الفيلم التفاني والاهتمام بتقديم محتوى يتجاوز مجرد الترفيه، ليكون وسيلة توعية وثقافة تاريخية.
يؤكد فريق العمل أن «أطياف الحرب» ليس مجرد فيلم درامي، بل شهادة على حقبة مهمة من تاريخ مصر، وجسرًا بين الماضي والحاضر، يفتح الحوار حول قصص لم تُروَ من قبل، ويعطي صوتًا لمن لا صوت لهم من أبطال هذه الحروب المنسية.
بعدًا جديدًا للأفلام الوثائقية والدرامية
في النهاية، يضيف فيلم «أطياف الحرب» بعدًا جديدًا للأفلام الوثائقية والدرامية التي تتناول تاريخ الحروب المصرية، مع تقديم سرد إنساني عميق يمس القلوب ويشد الانتباه إلى أهمية تذكر الماضي لمعالجة آثاره في الحاضر.
هذا العمل يعكس نضجًا فنيًا وإعلاميًا واضحًا من قبل جيل جديد يسعى لتوثيق تاريخ وطنه بعيون مختلفة، تروي الحكايات التي لم تُحكى من قبل.