الفيتامينات للأطفال.. فوائد حقيقية أم مجرد موضة عابرة

الفيتامينات أصبحت من أكثر المواضيع التي تشغل الأمهات في السنوات الأخيرة، إذ يتساءلن باستمرار عن مدى «أهمية الفيتامينات للأطفال» وهل هي ضرورية فعلًا لنموهم وصحتهم أم أنها مجرد موضة تروجها الإعلانات والشركات، فمع تزايد انتشار المكملات الغذائية في الأسواق وظهور أنواع متعددة من الفيتامينات المخصصة للأطفال، أصبح من الصعب التمييز بين الحاجة الفعلية لها والاستخدام المبالغ فيه، لذلك فإن فهم طبيعة الفيتامينات ودورها في جسم الطفل هو السبيل لاتخاذ القرار الصحيح بشأن تناولها.
ما هي الفيتامينات ولماذا يحتاجها الجسم
الفيتامينات هي مركبات عضوية ضرورية للحفاظ على «وظائف الجسم الحيوية»، ولا يستطيع الجسم إنتاج معظمها بنفسه، لذا يتم الحصول عليها من خلال الغذاء، ويحتاج الأطفال إلى الفيتامينات بكميات دقيقة لدعم النمو وتكوين العظام والعضلات وتعزيز المناعة، ومن أهم أنواع الفيتامينات للأطفال فيتامين «أ» الذي يساهم في تحسين النظر وصحة الجلد، وفيتامين «د» الذي يعزز امتصاص الكالسيوم ويساعد في بناء العظام، بالإضافة إلى فيتامين «ج» المقوي لجهاز المناعة، وفيتامينات «ب» التي تدعم نشاط الدماغ والطاقة اليومية.
الغذاء أولًا قبل المكملات
من المهم التأكيد على أن المصدر الأساسي للحصول على الفيتامينات يجب أن يكون «الطعام المتوازن»، وليس الأقراص أو الشراب المصنع، فالغذاء الطبيعي الغني بالخضروات والفواكه والحبوب الكاملة ومنتجات الألبان يمد الجسم بكل ما يحتاجه من فيتامينات دون الحاجة إلى مكملات إضافية، حيث تحتوي هذه الأطعمة على عناصر أخرى مكملة مثل المعادن والألياف التي تساعد في امتصاص الفيتامينات واستفادتها بشكل طبيعي، لذلك فإن التركيز على النظام الغذائي الصحي هو الأساس في بناء جسم الطفل.
متى يحتاج الطفل إلى مكملات الفيتامينات
رغم أن الغذاء هو المصدر الأفضل للفيتامينات، إلا أن هناك حالات تستدعي استخدام المكملات بإشراف الطبيب، مثل الأطفال الذين يعانون من فقدان الشهية أو ضعف النمو أو أمراض الجهاز الهضمي التي تقلل امتصاص العناصر الغذائية، كما أن الأطفال الذين لا يتعرضون لأشعة الشمس الكافية قد يحتاجون إلى «فيتامين د» لتعويض النقص، وكذلك النباتيون الذين لا يتناولون منتجات حيوانية قد يحتاجون إلى «فيتامين ب12»، وفي هذه الحالات فقط تكون المكملات وسيلة علاجية وليست ترفًا.
الفيتامينات بين الضرورة والمبالغة
أصبحت الفيتامينات في نظر بعض الأمهات وسيلة لضمان صحة أبنائهن، حتى وإن لم تظهر عليهم أي أعراض نقص، وهذا ما يحولها إلى «موضة غذائية» أكثر من كونها حاجة طبية، فالإفراط في تناول الفيتامينات يمكن أن يسبب نتائج عكسية، إذ إن بعض الفيتامينات مثل «أ» و«د» و«هـ» تذوب في الدهون وتتراكم في الجسم، مما قد يؤدي إلى أعراض تسمم خطيرة، لذلك يجب التعامل مع الفيتامينات بحذر وتحت إشراف طبي دائم.
الفيتامينات والمناعة
لا شك أن الفيتامينات تلعب دورًا محوريًا في تقوية جهاز المناعة لدى الأطفال، فمثلاً فيتامين «ج» يعزز إنتاج خلايا الدم البيضاء ويساعد على مقاومة الالتهابات، بينما يعمل فيتامين «د» على تقليل فرص الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، ولكن الإفراط في تناول هذه الفيتامينات لا يعني بالضرورة تعزيز المناعة أكثر، فالجسم يحتاج إلى توازن دقيق بين العناصر الغذائية، لذا فإن «الاعتدال هو السر» في الاستفادة من الفيتامينات بشكل صحي وآمن.
تأثير الإعلانات على سلوك الأمهات
تلعب الإعلانات التجارية دورًا كبيرًا في زيادة الإقبال على شراء الفيتامينات، إذ تُظهر صور الأطفال الأصحاء النشيطين وتربط ذلك مباشرة بتناول المكملات، مما يخلق لدى الأمهات شعورًا بالذنب إن لم يقدمن تلك الفيتامينات لأطفالهن، ومع الوقت تتحول هذه الفكرة إلى قناعة بأن كل طفل يحتاج إلى فيتامينات يومية، بينما الحقيقة أن أغلب الأطفال الأصحاء الذين يتبعون نظامًا غذائيًا متنوعًا لا يحتاجون إلى مكملات إضافية، لذلك فإن «الوعي الصحي» ومراجعة الطبيب هما الأساس لتحديد الحاجة الفعلية.
أضرار الإفراط في تناول الفيتامينات
كما أن نقص الفيتامينات مضر، فإن زيادتها أيضًا قد تؤدي إلى نتائج غير مرغوبة، فزيادة فيتامين «أ» تسبب الصداع واضطراب الرؤية وجفاف الجلد، بينما يؤدي الإفراط في «فيتامين د» إلى ارتفاع الكالسيوم في الدم وتكوين الحصى بالكلى، كما أن تناول مكملات الحديد دون حاجة طبية قد يسبب الإمساك والغثيان، لذلك يجب أن تكون جرعات الفيتامينات محسوبة بدقة وتحت إشراف متخصص لتجنب المضاعفات.
نصائح لاختيار الفيتامينات الآمنة للأطفال
قبل شراء أي منتج من الفيتامينات يجب التأكد من مصدره، ويفضل اختيار الأنواع المعتمدة من الجهات الصحية المعروفة، كما يجب قراءة النشرة الداخلية لمعرفة المكونات والجرعات المناسبة حسب عمر الطفل، وينصح بعدم إعطاء الطفل أكثر من نوع فيتامين في الوقت نفسه لتجنب التداخل بين العناصر، بالإضافة إلى حفظ الفيتامينات بعيدًا عن متناول الأطفال لأنها قد تبدو كالحلوى مما يزيد خطر تناول جرعات زائدة.
الفيتامينات جزء أساسي من صحة الأطفال لكنها ليست علاجًا سحريًا أو بديلًا عن الغذاء، فالمفتاح الحقيقي لصحة الطفل يكمن في «النظام الغذائي المتوازن»، والنوم الكافي، والنشاط البدني، والمتابعة الدورية للطبيب، وإذا وُجد نقص حقيقي في الفيتامينات يمكن حينها اللجوء إلى المكملات بجرعات محددة، أما تناولها بشكل عشوائي فهو خطر حقيقي على الصحة، لذلك يجب أن تدرك كل أم أن «الوقاية تبدأ من المعلومة الصحيحة» وأن الفيتامينات وسيلة مساعدة وليست غاية بحد ذاتها.