الخميس 20 نوفمبر 2025 الموافق 29 جمادى الأولى 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
عاجل

لوحة جوستاف كليمت تعود للأضواء بعد صفقة فنية قياسية

لوحة بورتريه إليزابيث
لوحة بورتريه إليزابيث ليدرز

سجلت لوحة «بورتريه إليزابيث ليدرز» رقماً قياسياً جديداً في مزادات الفن الحديث العالمية، مؤكدة المكانة الاستثنائية للرسام النمساوي جوستاف كليمت في تاريخ الفن

تم بيع اللوحة بمبلغ ضخم بلغ «236.4 مليون دولار» في مزاد أقامته دار سوثبي في نيويورك خلال الأيام الماضية.

يعكس هذا السعر الفلكي التقدير الهائل الذي يحظى به كليمت وأعماله الفريدة، التي تمزج بين الرمزية، التعبيرية، والتفاصيل الزخرفية الدقيقة، مما يجعله أحد أكثر الفنانين قيمة في السوق الفنية العالمية.

جوستاف كليمت: رائد «الانفصال الفني» في فيينا

يُعد الفنان النمساوي جوستاف كليمت (1862–1918) واحداً من أبرز رموز «حركة الانفصال الفني في فيينا»، بل ومن أهم الفنانين في تاريخ الفن النمساوي الحديث.

الانتماء الفني: قاد كليمت حركة «الانفصال»، وهي حركة فنية انشقت عن الأكاديمية التقليدية في فيينا، ودعت إلى تجديد الفن وكسر القيود المفروضة على التعبير الفني والجمالي.

الإنتاج الفني: اشتهر كليمت بلوحاته ورسوماته الجدارية وغيرها من التحف الفنية التي تعرض اليوم في عدد من المتاحف العالمية، ولا سيما في قاعة الانفصال الفني في فيينا.

فلسفة كليمت: التعبير الجريء عن «جسد الأنثى»

تركزت اهتمامات كليمت الفنية بشكل خاص ومكثف على «جسد الأنثى». وتميزت أعماله بجرأة واضحة في التعبير عن الإثارة الجنسية والجمال الأنثوي دون قيود اجتماعية.

الجرأة التعبيرية: تظهر هذه الجرأة جلياً في العديد من الاسكتشات التي رسمها بالقلم فقط، والتي تجسد رؤيته غير التقليدية للأنوثة.

الوعي الفني العميق: امتلأت موضوعاته الأنثوية، سواء كانت واضحة أو ذات طابع رمزي، بصور العري التي تجسد وعياً فنياً عميقاً يعود إلى نهاية القرن التاسع عشر. 

كانت هذه النظرة منسجمة تماماً مع مبادئ حركة الانفصال التي دعت إلى «كشف الحقيقة» وكسر قيود الخجل الاجتماعي المبالغ فيه.

لوحة «الحقيقة العارية»: دعوة للتغيير الشامل

تعد لوحة «الحقيقة العارية» (Nuda Veritas) واحدة من أشهر وأهم لوحات كليمت، والتي لم تكن مجرد عملاً فنياً بل كانت بياناً فلسفياً:

الرسالة: تجسد اللوحة دعوة كليمت إلى «تغيير شامل» في نظرته للطبقات الحاكمة والمجتمع المحافظ آنذاك.

الرمزية: تظهر اللوحة امرأة شقراء عارية تحمل مرآة الحقيقة، في رمزية واضحة لضرورة مواجهة الواقع دون تجميل أو خجل.

الاقتباس الشهير: تعلو اللوحة مقولة شهيرة للشاعر والفيلسوف فريدريش شيلر مكتوبة بخط منمنم: «إذا لم تستطع إرضاء الجميع بفنك وأفعالك، فارضِ القليلين فقط، فإرضاء الكثرة أمر سيئ»، هذه المقولة تلخص جوهر فلسفة الانفصاليين الرافضة للذوق الجماهيري السائد.

إتقان لوحات «الآتريسى» والمناظر الطبيعية

لم يقتصر إبداع كليمت على البورتريهات النسائية فقط، بل امتد إلى لوحات المناظر الطبيعية المعروفة بـ«لوحات أتريسى» (نسبة إلى المنطقة التي كان يقضي فيها إجازاته).

الجمال والتنوع: تمتاز هذه المناظر بقدر كبير من الجمال والتنوع الذي يجعلها جديرة بتقدير مستقل.

الزخرفة والتصميم: تتسم مناظره الطبيعية بذات «الدقة في التصميم والزخرفة» التي تظهر في أعماله التصويرية الأخرى.

تقنية التسطيح: عمل كليمت على تسطيح العمق في هذه المناظر بمهارة ملحوظة، حتى ظن البعض أنه استخدم تلسكوباً لرسمها، مما يعكس تقنيته الفريدة في تحويل الطبيعة إلى أنماط زخرفية آسرة.

العصر الذهبي والزخرفة البارعة

تنتمي لوحة «بورتريه إليزابيث ليدرز»، التي حطمت الرقم القياسي، إلى الفترة الذهبية لكليمت، حيث كان يستخدم أوراق الذهب والفضة في أعماله، مما يمنحها إحساساً فاخراً ومغايراً. 

هذه الزخرفة البارعة ليست مجرد تجميل، بل هي جزء من «الرمزية الفنية» التي يدمجها كليمت في نسيج اللوحة، لتضيف طبقة من الثراء على موضوعاته العميقة.

ويؤكد الرقم القياسي المسجل في مزادات دار سوثبي على أن أعمال كليمت تُعتبر الآن من «الأصول الآمنة» وذات القيمة التاريخية التي تتجاوز التقلبات الاقتصادية. 

إن هذه اللوحات تمثل شاهداً فنياً على تحولات أوروبا الثقافية في مطلع القرن العشرين، حيث كانت فيينا مركزاً للابتكار الفكري والجنسي، وكليمت كان بلا شك ملك هذا العصر.

تم نسخ الرابط