الإفتاء توضح.. هل يؤثر عدم إخراج الزكاة على صحة الصيام؟

أوضحت دار الإفتاء المصرية الحكم الشرعي فيما يتعلق بصحة صيام الشخص الذي لا يخرج الزكاة دون عذر، مؤكدة أن الصيام والزكاة ركنان أساسيان من أركان الإسلام، وبينت أن كلا العبادتين مستقلتان عن بعضهما البعض، وأن تقصير المسلم في أداء أحدهما لا يبطل صحة الأخرى، حيث يظل الصيام صحيحًا شرعًا حتى إذا تأخر المسلم في إخراج الزكاة أو لم يخرجها دون عذر.

الصيام والزكاة عبادتان مستقلتان

أكدت دار الإفتاء أن صيام من يؤخر إخراج الزكاة عن وقتها بلا عذر أو من لا يخرجها أصلًا يعد صحيحًا شرعًا، لأن الصيام عبادة مستقلة عن الزكاة، وبالتالي فإن عدم الوفاء بإحداهما لا يؤثر على صحة الأخرى، وأوضحت أن المسلم الذي يصوم رمضان ولكنه لا يؤدي الزكاة يكون طائعًا بأدائه لفريضة الصيام، لكنه في الوقت ذاته مقصر وغير طائع بتخلفه عن أداء الزكاة، وأشارت إلى أن هذه العبادات فرضها الله على عباده وفقًا لأوامره، وأن المسلم مطالب بالاجتهاد في أداء جميع الفروض على قدر استطاعته.

وأوضحت دار الإفتاء أن المسلم الذي يلتزم بأداء جميع الفرائض التي فرضها الله تعالى ينال أجرًا أعظم وثوابًا أكبر، بينما من يلتزم ببعض العبادات ويترك بعضها الآخر يفوّت على نفسه فضل الجمع بين العبادات، وشددت على أن المسلم مطالب بالالتزام بجميع الأحكام الشرعية وأداء ما افترضه الله عليه دون تفريط أو تهاون.

أهمية الالتزام بجميع شرائع الإسلام

أكدت دار الإفتاء المصرية أن التكاليف الشرعية التي جاء بها الإسلام تمثل منظومة متكاملة تهدف إلى تنظيم حياة المسلم وضبط علاقاته في مختلف جوانب الحياة، وأوضحت أن هذه المنظومة تشمل علاقة المسلم بربه وبنفسه وبالناس وبالكون من حوله، وأشارت إلى أن الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام تمثل أساس هذه المنظومة، مستشهدة بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، حيث قال: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان” متفق عليه.

وشددت دار الإفتاء على أن المسلم الذي يؤدي جميع هذه الفرائض يكون على طريق الاستقامة والنجاة، وأوضحت أن ترك أي ركن من أركان الإسلام دون عذر مشروع يمثل تقصيرًا يستوجب التوبة والرجوع إلى الله تعالى، كما أكدت أن المسلم الذي يؤدي الزكاة والصيام وسائر الفروض يكون أعظم أجرًا وأكمل إيمانًا وأفضل حالًا عند الله تعالى ممن يلتزم ببعض الفرائض ويترك بعضها.

الاستقامة في أداء العبادات شرط لنيل رضا الله

أشارت دار الإفتاء إلى أن الاستقامة على أوامر الله واجتناب نواهيه تمثل جوهر الإسلام وروحه، واستدلت بحديث سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه، حيث قال: “قلت: يا رسول الله، حدثني بأمر أعتصم به، قال: قل ربي الله ثم استقم”، وعندما سأله عن أكثر ما يخافه عليه، أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى لسانه، مؤكدًا أهمية ضبط القول والعمل، وهذا الحديث رواه الترمذي، وقال عنه: حديث حسن صحيح.

وأكدت أن هذا الحديث يبرز أهمية الثبات على الإيمان والالتزام بجميع شرائع الإسلام دون انتقاء أو تفريط، لأن الإسلام نظام متكامل لا يكتمل إلا بأداء جميع ما فرضه الله على عباده، كما نبهت إلى أن المسلم الذي يسعى للاستقامة في القول والعمل ويجتهد في أداء العبادات هو الأقرب إلى مرضاة الله والأوفر حظًا من رحمته.

ضرورة أداء الزكاة في وقتها

أكدت دار الإفتاء أن الزكاة فريضة عظيمة وحق مالي واجب في أموال المسلمين الذين بلغوا النصاب وحال عليها الحول، وأوضحت أن تأخير إخراج الزكاة دون عذر شرعي يعد تفريطًا في أداء هذا الركن العظيم، ويجب على المسلم الذي لم يخرج الزكاة في وقتها أن يبادر إلى أدائها فورًا، لأنها ليست تطوعًا، بل هي حق لله تعالى ووسيلة لتطهير المال ونشر التكافل الاجتماعي.

وشددت على أن الامتناع عن إخراج الزكاة أو تأخيرها بغير عذر يُعَدُّ معصية وذنبًا يستوجب التوبة، ولكن رغم ذلك فإن هذا التقصير لا يبطل صحة الصيام، لأن كل عبادة مستقلة بذاتها، غير أن المسلم الذي يجمع بين الصيام وأداء الزكاة يكون أكثر امتثالًا لأوامر الله تعالى وأعظم أجرًا عنده.

دعوة للالتزام بجميع الفرائض

اختتمت دار الإفتاء فتواها بالتأكيد على أن المسلم مطالب بالحرص على أداء جميع الفرائض دون تهاون، وأوضحت أن الصيام وإن كان صحيحًا في حالة عدم إخراج الزكاة إلا أن الكمال في الإسلام يتحقق بأداء جميع الواجبات التي أمر الله بها، كما دعت المسلمين إلى الالتزام بمنهج الاستقامة والحرص على الجمع بين العبادات لتحقيق رضا الله تعالى والفوز بثوابه في الدنيا والآخرة.