هل يجوز توزيع شنط رمضان من أموال الزكاة بدلًا من المال؟

أكد الشيخ محمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن الأصل في إخراج الزكاة برمضان هو أن تكون مالًا، فالزكاة تُخرج من جنسها، أي من الأموال، وهذا هو الأساس الذي يُبنى عليه حكم إخراجها، وقد أوضح ذلك عند إجابته على سؤال ورد إليه حول إمكانية منح الفقراء احتياجاتهم العينية بدلًا من المال، مثل توزيع شنط رمضان من أموال الزكاة، وأوضح أن الفقير قد يكون في حاجة إلى المال لقضاء دينه أو شراء الدواء، لذا فإن الأصل أن تُخرج زكاة المال نقدًا ليتمكن المستفيد من التصرف بها حسب احتياجاته الفعلية.
جواز إخراج القيمة في الزكاة
وأشار الشيخ وسام إلى أن الإمام أبو حنيفة أجاز إخراج القيمة بدلًا من المال في الزكوات، وهو ما تأخذ به دار الإفتاء المصرية في فتواها، حيث يمكن للمزكي إخراج زكاته في صورة أموال أو ما يحتاجه الفقراء من أشياء ضرورية، مثل تجهيز عروس فقيرة أو مساعدة شخص في شراء ما يحتاجه، شريطة أن ينوي المزكي احتساب ذلك من زكاة المال.
وأوضح أن هذا الأمر يكون استثناءً عند الحاجة، وحينما يكون الفقير بحاجة ماسة إلى هذا النوع من الدعم، أما في الحالات العادية، فمن الأفضل إعطاؤه المال ليتمكن من تدبير أموره بنفسه وفق احتياجاته.
حكم إخراج شنط رمضان من الزكاة
أجازت دار الإفتاء المصرية إخراج شنط رمضان من أموال الزكاة خلال شهر رمضان، حيث يتم توزيعها على المحتاجين بشكل مباشر، مما يحقق شرط التمليك الذي نص عليه الفقهاء، وذلك بخلاف موائد الإفطار، التي لا تقتصر على الفقراء فقط، بل تشمل الأغنياء كذلك، ولذلك لا يجوز تمويلها من أموال الزكاة، وإنما تكون من الصدقات والتبرعات وسائر وجوه الإنفاق الأخرى.
وأوضحت دار الإفتاء أن موائد الإفطار التي تُقام في رمضان لا تعد وسيلة صحيحة لإخراج الزكاة إلا إذا كان صاحب المائدة يشترط ألا يأكل منها إلا الفقراء والمحتاجون وأبناء السبيل، ففي هذه الحالة فقط يجوز اعتبارها من أموال الزكاة، لأن تقديم الطعام لهم في هذه الحالة يكون في حكم التمليك، أما شنط رمضان التي يتم توزيعها على الفقراء مباشرة ويتم التأكد من وصولها للمحتاجين، فهي تجوز من أموال الزكاة لأنها تحقق التمليك بشكل واضح.
موائد الإفطار والزكاة
أشارت دار الإفتاء إلى أن موائد الرحمن المنتشرة في شهر رمضان تعد مظهرًا مشرقًا من مظاهر الخير والتكافل بين المسلمين، لكنها لا تصح أن تكون من أموال الزكاة، وذلك لأنها مفتوحة لكل من يريد تناول الطعام، سواء كان فقيرًا أو غنيًا، بينما حدد الله تعالى مصارف الزكاة في قوله: “إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم” (التوبة: 60)، وبناءً على ذلك، فقد اشترط جمهور الفقهاء أن يتم تمليك الزكاة للفقير أو المسكين مباشرة ليتمكن من التصرف بها حسب حاجته.
رأي مجمع البحوث الإسلامية
من جانبها، أكدت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية أن الأصل في زكاة المال هو أن تُخرج نقدًا، لأن الفقير أدرى باحتياجاته، ولا ينبغي إجباره على أخذ شيء محدد قد لا يكون في حاجة إليه، وأوضحت اللجنة في إجابتها عن سؤال حول جواز إخراج جزء من زكاة المال في صورة شنط رمضان أو لحوم في عيد الأضحى، أن الأصل هو إخراج الزكاة مالًا، لأن الفقير قد يكون بحاجة إلى الدواء أو سداد دينه، ولذلك ينبغي إعطاؤه المال مباشرة ليقرر كيف ينفقه وفق أولوياته.
من خلال ما سبق، يتضح أن الأصل في الزكاة هو إخراجها مالًا ليتمكن الفقير من تلبية احتياجاته الضرورية، ومع ذلك، أجاز بعض الفقهاء، ومن بينهم الإمام أبو حنيفة، إخراج الزكاة في صورة أشياء عينية إذا كان ذلك أكثر نفعًا للفقير، وهو ما تأخذ به دار الإفتاء المصرية، حيث تجيز إخراج شنط رمضان من أموال الزكاة إذا تحققت فيها شروط التمليك، أما موائد الإفطار، فلا يجوز تمويلها من أموال الزكاة إلا إذا كانت مخصصة للفقراء والمحتاجين فقط، ومن الأفضل لمن يريد إخراج الزكاة أن يراعي حاجة الفقير، فإن كان يحتاج المال أكثر، فالأولى إعطاؤه المال، وإن كان في حاجة إلى طعام أو غيره من الضروريات، فيجوز إخراجها في صورة عينية وفقًا لما يحقق المصلحة.