كل أسرار Copilot من مايكروسوفت.. هل هو الذكاء الاصطناعي الذي سيغير العالم؟

الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد مفهوم تقني نظري، بل أصبح ركيزة أساسية في استراتيجية شركة مايكروسوفت التي تحتفل بمرور خمسين عامًا على انطلاقتها في عالم الابتكار الرقمي، حيث تكشف النقاب عن أداة Copilot كمساعد ذكي متكامل يعيد تعريف تجربة المستخدم داخل تطبيقاتها المختلفة، وذلك ضمن سباق عالمي محتدم نحو تسخير قدرات الذكاء الاصطناعي في تحسين الإنتاجية اليومية وسهولة الوصول إلى البيانات وتنظيم العمل.

ما هو Copilot وكيف يُعيد تعريف أدوات الذكاء الاصطناعي؟

لا تُعد أداة Copilot مجرد مساعد ذكي، بل هي حزمة متكاملة من أدوات الذكاء الاصطناعي المصممة لتتكامل بعمق مع نظام مايكروسوفت بالكامل، حيث يمتد عملها من نظام التشغيل Windows 11 ومتصفح Edge ومحرك البحث Bing، إلى حزمة Microsoft 365 التي تشمل Word وExcel وPowerPoint وOutlook، مرورًا بمنصة GitHub للمطورين، وصولًا إلى تطبيقات الأمان وهواتف الأندرويد والآيفون.

وتستند هذه الأداة إلى شراكة استراتيجية قوية بين مايكروسوفت وOpenAI، ما أتاح تزويد Copilot بنماذج لغوية متقدمة مثل GPT-4o إلى جانب DALL·E 3 المتخصص في إنشاء الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي، وكذلك نموذج Prometheus الذي قامت مايكروسوفت بتطويره داخليًا لتعزيز أداء Copilot وتوجيهه بشكل أكثر كفاءة.

كيف يعمل Copilot داخل بيئة مايكروسوفت؟

من أبرز ما يميز Copilot هو قدرته على التواجد كعنصر مدمج داخل التطبيقات اليومية، ففي نظام Windows 11 يظهر كمساعد جانبي يمكنه تنفيذ الأوامر كتشغيل الإعدادات وتفريغ سلة المهملات والبحث السريع عن الملفات، بينما يبرز دوره في متصفح Edge في قدرته على تلخيص المقالات الطويلة ومقارنة المنتجات أثناء تصفح الإنترنت.

أما داخل تطبيقات Microsoft 365 فيتجلى الذكاء الاصطناعي في أقصى إمكاناته، حيث يقوم Copilot في برنامج Word بتحرير النصوص وتلخيصها وإنشاء محتوى جديد انطلاقًا من أفكار بسيطة، ويقوم في Excel بإنشاء صيغ تحليلية تلقائية، وتمثيل البيانات على هيئة مخططات، بينما ينشئ عروضًا تقديمية احترافية في PowerPoint انطلاقًا من ملفات أو حتى أوامر صوتية.

كما يمتد عمله إلى Outlook حيث يساعد في كتابة رسائل البريد الإلكتروني واختصار المحادثات الطويلة، أما في Microsoft Teams فيقوم Copilot بتلخيص الاجتماعات وتوفير ملخصات دقيقة للمحادثات، مما يساهم في تسريع اتخاذ القرار وتوفير وقت المستخدم.

ما الذي يميز Copilot عن روبوتات الذكاء الاصطناعي الأخرى؟

بالرغم من أن أدوات مثل ChatGPT وGemini وClaude تقدم خدمات متميزة في الذكاء الاصطناعي، إلا أن Copilot يتفوق عليها في نقطة محورية وهي التكامل العميق مع التطبيقات التي يستخدمها الملايين يوميًا، فعلى عكس تلك الأدوات التي تعمل بشكل مستقل أو تتطلب إعدادات خارجية، فإن Copilot يتعامل مباشرة مع المحتوى والبيانات الخاصة بالمستخدم داخل بيئة مايكروسوفت، مما يقلل الخطوات ويزيد من الإنتاجية والفاعلية.

هذا النوع من التكامل يخلق تجربة استخدام ذكية وسلسة لا تضاهيها الأدوات الأخرى، مما يجعل Copilot الخيار الأمثل لمن يعتمد على منظومة مايكروسوفت في عمله أو دراسته.

ماذا عن الخصوصية والمخاوف المرتبطة بأدوات الذكاء الاصطناعي؟

رغم كل ما تحققه أدوات الذكاء الاصطناعي من فوائد، إلا أن بعض المستخدمين ما زالوا يشعرون بالقلق حيال قضايا الخصوصية، وفي هذا السياق يؤكد الدكتور أشيك خضابخش، أستاذ هندسة البرمجيات في معهد روتشستر للتكنولوجيا، أن أدوات الذكاء الاصطناعي ليست مصممة بالضرورة لانتهاك الخصوصية، بل إن العديد منها يلتزم بمبدأ “الخصوصية حسب التصميم”.

لكن في الوقت نفسه يشدد على ضرورة أن يكون المستخدم على دراية كاملة بما يوافق عليه من إعدادات عند تشغيل المزايا الجديدة، إذ أن بعض أدوات الذكاء الاصطناعي قد تعتمد على بيانات المستخدم في تحسين نتائجها، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالات تسرب البيانات في حال عدم وجود ضوابط صارمة.

ميزة Recall المثيرة للجدل ودوافع سحبها مؤقتًا

من بين المزايا التي أثارت نقاشًا واسعًا في أداة Copilot هي ميزة Recall، التي تقوم بالتقاط صور دورية لما يظهر على شاشة المستخدم بهدف مساعدته لاحقًا في تذكر ما تم الاطلاع عليه، ورغم أن هذه الخاصية تعمل محليًا على الجهاز ولا ترسل أي معلومات إلى خوادم مايكروسوفت، إلا أن الجدل حول الرقابة الرقمية والخصوصية دفع الشركة إلى سحب الميزة مؤقتًا من أجل إعادة تقييمها قبل إعادة إطلاقها في نسخة المعاينة المستقبلية.

تحديثات Copilot في 2024 ومزايا جديدة في الأفق

في إطار مواكبتها السريعة للتطورات، كشفت مايكروسوفت عن مجموعة من التحديثات المرتقبة لأداة Copilot في عام 2024، من بينها ميزة تتبع أسعار المنتجات بشكل لحظي للمستخدمين في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى دعم التكامل مع تطبيقات المراسلة الشهيرة مثل WhatsApp وTelegram وViber.

كما تشمل التحديثات القادمة نسخة مصغرة جديدة من نموذج الذكاء الاصطناعي GPT تُدعى o3-mini، إلى جانب ميزة Copilot Vision التي تتيح للمستخدم تحليل الصور مباشرة من الهاتف الذكي دون الحاجة إلى برامج خارجية.

هل تستحق أداة Copilot التجربة؟

تمثل Copilot نموذجًا متكاملًا لتطبيق الذكاء الاصطناعي داخل الحياة الرقمية اليومية، فهي لا تكتفي بتحسين الإنتاجية، بل تعيد تعريف طريقة استخدام التطبيقات التي اعتاد عليها الملايين، ومع أنها لا تخلو من بعض العيوب المحتملة مثل “الهلوسة الرقمية” أو محدودية الفهم في بعض الحالات، إلا أن أداءها العام يجعلها واحدة من أقوى أدوات الذكاء الاصطناعي في السوق حاليًا.

لذلك إذا كنت تعمل داخل منظومة مايكروسوفت وتبحث عن وسيلة ذكية تسهّل عملك اليومي وتوفر وقتك وجهدك، فإن تجربة Copilot ستكون خطوة ذكية وفعالة، خاصة في ظل تطور الذكاء الاصطناعي بوتيرة متسارعة تجعله جزءًا لا يتجزأ من حياتنا المهنية والتعليمية في السنوات القادمة.