ثلاثة شهداء بـ الجيش اللبناني في انفجار ذخائر بالنبطية.. والقيادة تنعى بحزن

في مأساة جديدة تشهدها الساحة اللبنانية، أعلن الجيش اللبناني، اليوم الأحد، عن استشهاد ضابط وعسكريين اثنين، إضافة إلى إصابة عدد من المدنيين، وذلك إثر انفجار ذخائر غير منفجرة أثناء نقلها داخل آلية عسكرية، في منطقة بريقع التابعة لقضاء النبطية، جنوب البلاد.
وأوضحت قيادة الجيش في بيان رسمي، أن الانفجار وقع خلال تنفيذ وحدة عسكرية مهمة تفجير ذخائر من مخلفات العدوان الإسرائيلي، حيث كانت تقوم بنقل هذه الذخائر إلى مكان آمن للتعامل معها وفق الإجراءات الفنية والعسكرية المتبعة.
الجيش ينعى الشهداء الثلاثة
وفي بيان النعي الرسمي، أعلنت قيادة الجيش عن أسماء الشهداء الثلاثة الذين قضوا أثناء تأدية واجبهم الوطني، مؤكدةً أن "دماءهم الطاهرة لن تذهب سدى، وأن المؤسسة العسكرية مستمرة في أداء دورها في تأمين المناطق وحماية المواطنين رغم المخاطر والتحديات".
وجاءت أسماء الشهداء كما يلي:
الملازم محمود أحمد زيتون: من مواليد 22 فبراير 1992، في بلدة عكار العتيقة – عكار، التحق بصفوف الجيش اللبناني عام 2013، وتدرج في الرتب حتى نال رتبة ملازم في نوفمبر 2024.
المعاون الأول علي إبراهيم أحمد: من مواليد 19 أبريل 1987، في حزرتا – زحلة، انضم إلى الجيش اللبناني عام 2008، وكان متأهلًا وله ثلاثة أولاد.
الرقيب الأول جودات سليم نورا: من مواليد 8 أكتوبر 1991، في بلاط – مرجعيون، تطوع في الجيش عام 2014، وكان عازبًا.
وأكدت القيادة العسكرية أن وحداتها المختصة باشرت التحقيقات اللازمة لتحديد ظروف الحادث وملابساته، متعهدة بإطلاع الرأي العام على النتائج حال توفرها، وبتأمين حقوق الشهداء وعائلاتهم.
الجنوب اللبناني ما زال يعاني من قنابل موقوتة
الحادث أعاد إلى الواجهة مجددًا قضية مخلفات الحروب الإسرائيلية المتكررة على لبنان، وخاصة في الجنوب، حيث لا تزال آلاف الذخائر والقنابل العنقودية مطمورة أو متناثرة في الأراضي الزراعية والسكنية، وتشكل تهديدًا دائمًا لحياة المدنيين والعسكريين على حد سواء.
وتشير تقديرات منظمات دولية ومحلية، منها منظمة "ماغ" البريطانية المختصة بإزالة الألغام، إلى أن مئات آلاف الألغام والذخائر غير المنفجرة ما زالت منتشرة في مناطق الجنوب اللبناني، منذ عدوان تموز عام 2006، فضلاً عن بقايا ذخائر أحدث، جراء الاعتداءات المتكررة خلال السنوات الأخيرة.
مواطنون بين المصابين.. والقلق يتجدد
وأكدت مصادر محلية في بلدة بريقع أن الانفجار دوى بقوة صباح الأحد، ما أدى إلى حالة من الهلع بين السكان، حيث تضررت بعض المنازل المجاورة لمكان الانفجار، فيما سُجل سقوط عدد من الجرحى المدنيين، جرى نقلهم إلى مستشفى النبطية الحكومي لتلقي العلاج.
وقال أحد شهود العيان «كنا نظن أن الانفجار ناتج عن غارة إسرائيلية، لكنه تبين لاحقًا أنه ناجم عن تفجير عرضي خلال مهمة للجيش.. الله يرحم الشهداء».
نداءات لتعزيز جهود إزالة الذخائر
وعقب الحادث، تصاعدت الأصوات من قبل فعاليات مدنية وإنسانية تطالب بتكثيف جهود إزالة الألغام والذخائر غير المنفجرة في المناطق الجنوبية، داعين إلى تخصيص دعم إضافي للجيش اللبناني والهيئات الشريكة في هذا المجال.
وأشارت جهات حقوقية إلى أن الانفجار يعكس هشاشة الواقع الأمني في بعض المناطق التي لم تُنظف بعد من مخلفات الحروب، مشددة على أن كل تأخير في إزالة هذه المواد يعني مزيدًا من الأرواح التي قد تُفقد بلا ذنب.
مسؤولية الاحتلال لا تسقط بالتقادم
ورغم مرور سنوات على العدوان الإسرائيلي على لبنان، لا تزال إسرائيل ترفض التعاون الكامل أو تقديم خرائط دقيقة لمواقع القنابل العنقودية والألغام التي خلفتها، ما يُعدّ انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية، وعرقلة لجهود الحماية الإنسانية.
وأكدت مصادر حقوقية لبنانية أن الاحتلال الإسرائيلي "يواصل تعمد زرع الذخائر في أماكن سكنية وزراعية، ما يحرم السكان من العودة إلى أراضيهم بأمان، ويعرّض حياتهم لخطر دائم".
تحية لجنود الواجب
وفي ختام اليوم، شيّعت عدة مناطق لبنانية شهداء الجيش الثلاثة في مواكب حزينة ومهيبة، وسط حضور شعبي ورسمي كبير، رُفعت فيه الأعلام اللبنانية ورددت شعارات الوفاء لدماء الشهداء.
ويستمر الجيش اللبناني، رغم كل المعوقات الاقتصادية والأمنية، في أداء واجبه الوطني على أكثر من جبهة، مؤكدًا التزامه بحماية لبنان وأهله من كل الأخطار، بما فيها تلك التي زرعها الاحتلال في باطن الأرض.