ظواهر غير مألوفة.. هل مصر تقترب من زلزال عنيف؟

في أعقاب الهزات الأرضية والزلزال المتكررة التي شعر بها المواطنون في مصر مؤخرًا، تسارعت وتيرة التساؤلات والقلق الشعبي بشأن أسباب هذه الظاهرة، ومدى خطورتها على البلاد خلال الفترة المقبلة.
فقد شهد شهر واحد وقوع أربعة زلازل، بعضها تم الشعور به بوضوح في عدد من المحافظات، ما دفع الكثيرين إلى البحث عن تفسير علمي لما يجري، ومدى احتمالية وقوع زلزال قوي في المستقبل القريب.
آخر الزلازل.. هزة أرضية شعر بها سكان مصر فجر الثلاثاء
صباح اليوم الثلاثاء، سجلت أجهزة الرصد الزلزالي زلزالًا جديدًا شعر به عدد من سكان القاهرة وبعض المحافظات الساحلية.
ووفقًا لبيانات المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل، فإن الهزة وقعت في منطقة الحدود بين جزر «دوديكانيز» وتركيا، بقوة متوسطة، وامتد أثرها ليشعر بها سكان مصر بشكل واضح.
ورغم أن مركز الزلزال كان بعيدًا عن الأراضي المصرية، إلا أن الشعور به دفع المواطنين للتساؤل من جديد حول مدى أمان البلاد زلزاليًا، وإمكانية تكرار هذه الهزات بوتيرة أكبر أو بحدة أشد.
تصريحات مطمئنة من البحوث الفلكية.. لا داعي للقلق
من جانبه، حرص الدكتور شريف الهادي، رئيس قسم الزلازل بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، على طمأنة المواطنين، مؤكدًا في تصريحات أن الوضع الزلزالي في مصر مستقر ولا يدعو للقلق.
وقال الهادي إن المعهد يتابع جميع المؤشرات الزلزالية على مدار الساعة، مشددًا على أن «جميع محطات الرصد في مصر لم تسجل أي نشاط غير معتاد، والوضع حتى الآن ينبئ بالاستقرار».
زلازل خارجية يشعر بها المصريون.. والأرض "تتنفس" يوميًا
وأوضح الهادي أن الزلازل التي شعر بها المواطنون مؤخرًا ليست من داخل الأراضي المصرية، بل تأتي من مناطق نشطة زلزاليًا في الجوار، خاصة شرق البحر الأبيض المتوسط، والتي تعتبر من أكثر المناطق عرضة للهزات الأرضية في الإقليم.
وأضاف: «نسجل يوميًا زلازل ضعيفة من جميع أنحاء العالم، لكنها لا تكون محسوسة، كما أن بعض الزلازل الخفيفة تحدث داخل مصر ولا يشعر بها أحد، بسبب ضعف شدتها».
وتابع: «الشعور بالزلزال لا يعني وجود خطر حتمي، بل هو أمر طبيعي ناتج عن حركة الطبقات الأرضية، والكرة الأرضية تسجل آلاف الزلازل يوميًا على مستوى العالم بدرجات متفاوتة».
مصر تقع خارج الأحزمة الزلزالية الكبرى
وذكر رئيس قسم الزلازل أن مصر تُعد من الدول الآمنة نسبيًا زلزاليًا، حيث تقع خارج نطاق الأحزمة الزلزالية النشطة مثل «حزام المحيط الهادئ» أو «الحزام الألبي الهندي»، وهو ما يفسر ندرة الزلازل القوية في البلاد.
وأشار إلى أن "أكثر الزلازل التي شهدتها مصر تأثيرًا على السكان، كانت نتيجة زلازل خارجية قادمة من الجوار، وهي عادة لا تمثل تهديدًا كبيرًا، بل تندرج في إطار الهزات المتوسطة أو الخفيفة".
هل هناك احتمال لزلزال عنيف؟.. رد علمي قاطع
وردا على التساؤلات المتكررة حول احتمال وقوع زلزال مدمر، أكد الهادي أن «المعطيات العلمية الحالية لا تشير إلى وجود نشاط زلزالي خطير أو مؤشرات على زلزال عنيف خلال الفترة المقبلة»، داعيًا المواطنين إلى الاعتماد على المصادر الرسمية وعدم الانسياق وراء الشائعات أو المعلومات غير الموثوقة المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف أن «المعهد القومي للبحوث الفلكية يملك شبكة رصد متطورة تعمل على مدار الساعة، ويتم إخطار الجهات المعنية فور تسجيل أي نشاط غير طبيعي، كما نعمل على نشر التوعية المجتمعية بكيفية التعامل مع الزلازل حال حدوثها، ضمن إطار السلامة العامة».
دعوات لتحديث البنية التحتية وتعزيز ثقافة الطوارئ
وفي ظل تصاعد القلق الشعبي، طالب عدد من الخبراء بضرورة تطوير البنية التحتية في مصر لمراعاة معايير الأمان الزلزالي، خاصة في المدن الجديدة والمباني المرتفعة، إلى جانب نشر ثقافة الاستعداد للطوارئ بين المواطنين، تحسبًا لأي سيناريو مستقبلي.
كما شددوا على أهمية دمج مناهج التوعية الزلزالية في التعليم، وتكثيف التدريبات الخاصة بعمليات الإخلاء والسلامة في المدارس والمصانع والمستشفيات، لتقليل الخسائر حال وقوع أي طارئ.
الوعي أهم من القلق
وفي الختام، تبقى الحقيقة العلمية أن الزلازل ظواهر طبيعية لا يمكن منعها، ولكن يمكن التعايش معها وتقليل آثارها عبر الوعي والاحتياطات اللازمة.
وبينما تواصل أجهزة الدولة رصد النشاط الزلزالي ومراقبته عن كثب، يبقى دور المواطن هو التزود بالمعلومات الصحيحة، وتجنب الهلع أو تناقل الأخبار غير الدقيقة، والاعتماد على المصادر العلمية والرسمية فقط.