احترقت روما.. القصة الكاملة لحريق 18 يوليو والمتهم الأشهر نيرون

في مثل هذا اليوم، الثامن عشر من يوليو، وقبل ما يزيد عن ألفي عام، اندلع الحريق الأكبر في تاريخ روما، ووقف نيرون، الإمبراطور الروماني المثير للجدل، في قلب الاتهام.. بين الرواية التاريخية والأسطورة، تبقى الحقيقة محل جدل.
بداية الكارثة.. السيرك الكبير يشتعل
نشب الحريق الضخم فى عام 64 ميلاديًا، تحديدًا فى قاعدة السيرك الكبير، تلك الساحة الخشبية المخصصة للعروض العامة، حيث اندلع لهيب النيران بشكل مفاجئ وقوي، ثم سرعان ما امتد ليبتلع شوارع وأحياء المدينة الرومانية القديمة.
استمر الحريق لأكثر من أسبوع، فى واحدة من أبشع الكوارث التي عرفتها الإمبراطورية الرومانية.
10 أحياء التهمتها النيران.. والمشهد مأساوي
وفقًا للمصادر التاريخية، وخاصة روايات المؤرخ تاسيتس، فإن الحريق التهم عشرة أحياء كاملة من إجمالي 14 حياً كانت تتكون منها روما آنذاك، بينما نجا أربعة أحياء فقط من النيران.
وسادت الفوضى، وامتلأت السماء بالدخان الكثيف، وتعالت صرخات الضحايا الذين لم يسعفهم الوقت للفرار، وسط عجز السلطات عن السيطرة على الكارثة.
نيرون.. الاتهام الأبدي
تقول الروايات الشعبية إن نيرون هو من أشعل النيران بنفسه، أو أمر بإشعالها، مدفوعًا بخيال جامح بأن يعيد بناء المدينة بأسلوب جديد أكثر فخامة.
وتستند هذه الاتهامات إلى أن نيرون وقف في برج مرتفع يتابع النيران، بينما كان يعزف على آلته الموسيقية ويغني أبياتًا من ملحمة هوميروس عن سقوط طروادة، وكأنه يستمتع بالمشهد.
هذه الصورة، وإن كانت روائية فى بعض جوانبها، ظلت راسخة في الوجدان الأوروبي، وجعلت من نيرون رمزًا للاستبداد والجنون والدموية.
إصلاحات أم تمويه؟
لكن تاسيتس، أحد أشهر مؤرخي روما، يروي جانبًا مختلفًا. فقد أشار إلى أن نيرون، بعد الحريق، بادر بمساعدة المنكوبين، ففتح قصوره للناجين، وأمر بتوزيع الطعام، بل أنفق من ماله الخاص لدعم المتضررين، وسارع بإعادة تخطيط المدينة.
وشهدت العاصمة تغييرًا جذريًا بعد الكارثة، حيث مُنعت الأبنية الخشبية، وفرضت قواعد صارمة للبناء، وجُعلت الطرق أوسع، والمنازل أكثر تباعدًا لتقليل مخاطر انتقال الحريق مستقبلاً.
القصر الذهبي.. نيرون يحلم بمدينة خيالية
أكثر ما أثار الجدل بعد الكارثة كان بناء نيرون لما سُمّي لاحقًا بـ«البيت الذهبي» أو دوموس أوريا، وهو قصر فخم شُيّد على مساحة تفوق 1.2 كم مربع، في واحدة من المناطق التي دمرها الحريق. وقد رأى كثيرون أن هذا البناء الفاخر كان الدافع الحقيقي لإشعال نيرون النار في المدينة، ليُفسح المجال لأحلامه الإمبراطورية.
أنيس منصور.. نيرون ورث الدموية من أمه
الكاتب الكبير أنيس منصور، في كتابه الشهير «على رقاب العباد»، قدم رؤية فلسفية ونفسية لشخصية نيرون، قائلًا إن الإمبراطور الشاب ورث «النزعة الدموية» عن والدته «أجربينا»، التي قتلت زوجها الإمبراطور كلوديوس لتصعد نيرون إلى العرش.
ووصف منصور نيرون بأنه شخص مشوه جسديًا ونفسيًا، يحمل في طياته عقدًا دفينة، جعلته يسعى لتدمير كل من يعارضه، حتى المقربين منه.
بين الطغيان والفن.. ازدواجية نيرون
المفارقة التي تبرز دومًا في سيرة نيرون، هي شغفه الشديد بالفنون والموسيقى، فقد كان يرى نفسه فنانًا قبل أن يكون حاكمًا، وأصر في أحد الأعوام (65 ميلادية) على تقديم عرض موسيقي كبير في روما، شارك فيه شخصيًا.
وكان نيرون كثيرًا ما ينظم مسابقات للشعر والغناء، ويُقال إنه لم يكن يتردد في "فرض التصفيق" على الجمهور بالقوة العسكرية إن لم يُبدِ إعجابه بأدائه.
التاريخ لا ينسى.. نيرون في الذاكرة الجماعية
رغم كل ما قيل عن نيرون، يظل اسمه مرادفًا للطغيان والحرق والدمار في الذاكرة التاريخية العالمية. وبغض النظر عن دقة الاتهامات، فإن صورة الإمبراطور الذي أشعل النيران في مدينته ليست إلا انعكاسًا لرؤية شعبية تكره الاستبداد، وتُدين القادة الذين يقدمون مصالحهم الشخصية على حساب شعوبهم.
ويبقى يوم 18 يوليو محفورًا في الذاكرة بوصفه اليوم الذي «احترقت فيه روما عن بكرة أبيها»، وتحوّلت إلى رماد.. سواء بفعل مؤامرة أو صدفة، فالنتيجة كانت مأساة أليمة غيّرت وجه المدينة وأثارت الجدل لقرون.
- روما
- طره
- النظر
- المتهم
- شعر
- قلب
- آلام
- تمر
- الدخان
- أرق
- العالم
- القوة
- الذاكرة
- الدم
- وقت
- روايات
- الدمار
- المناطق
- متهم
- أمن
- صلاح
- المنازل
- الوقت
- الطعام
- كتاب
- مخاطر
- شاب
- صورة
- الاتهامات
- البناء
- ضحايا
- الكوارث
- الموسيقى
- ملح
- التاريخ
- الغناء
- البن
- الفن
- الفنون
- أرض
- الروايات
- الفوضى
- حريق
- الضحايا
- بداية
- النيران
- 8 يوليو
- الذهب
- حرق
- الحرق
- حلم
- الرواية
- رواية
- الصور
- مال
- الطرق
- القارئ نيوز