الخميس 24 يوليو 2025 الموافق 29 محرم 1447
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة
القارئ نيوز القارئ نيوز
رئيس مجلس الإدارة
محمد جودة الشاعر
رئيس التحرير
د.محمد طعيمة

رحيل المايسترو سامي نصير.. وداعا لقائد فرقة أم كلثوم وصاحب البصمة الذهبية

القارئ نيوز

ودعت الساحة الموسيقية المصرية والعربية، أمس، قامة فنية كبيرة بوفاة المايسترو الدكتور سامي نصير، الأستاذ بالمعهد العالي للموسيقى العربية، ومايسترو فرقة أم كلثوم للموسيقى العربية، ووكيل أول نقابة المهن الموسيقية الأسبق خلال فترة الموسيقار حلمي أمين.

شيعت جنازة المايسترو الكبير، وسط حالة من الحزن الشديد بين تلاميذه ومحبيه وأبناء الوسط الفني والموسيقي، الذين فقدوا واحدًا من أبرز قادة الفرق الموسيقية، وأكثرهم عطاءً وتواضعًا وتأثيرًا في جيل كامل من العازفين والمايستروهات.

نعي رسمي من نقابة الموسيقيين

وقد نعى الدكتور عاطف إمام، عضو مجلس إدارة نقابة المهن الموسيقية وعميد المعهد العالي للموسيقى العربية السابق، الراحل الكبير بكلمات مؤثرة، قال فيها:
«رحل عن دنيانا اليوم المايسترو سامي نصير، الأستاذ الجليل والفنان الإنسان، الذي طالما أثرى الموسيقى العربية بعلمه وموهبته وأخلاقه، نتقدم بخالص التعازي لأسرة الفقيد، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون».

وكان نصير واحدًا من الرموز البارزة داخل النقابة، حيث شغل سابقًا منصب وكيل أول نقابة المهن الموسيقية، وكان له دور بارز في دعم شباب الموسيقيين والوقوف إلى جوارهم، فضلاً عن جهوده التنظيمية والإدارية داخل النقابة التي ساهمت في تطوير العمل الفني والمؤسسي.

البداية من آلة القانون

بدأ سامي نصير رحلته الفنية كعازف مميز على آلة القانون، وأثبت كفاءة عالية جعلته محل تقدير كبار الموسيقيين، حتى أصبح من المقربين للمايسترو الكبير عبد الحليم نويرة، مؤسس فرقة الموسيقى العربية.

ولم يكن نصير مجرد تلميذ لنويرة، بل كان امتدادًا له على المسرح، حيث قال عنه نويرة في أحد لقاءاته: «سامي نصير هو تلميذي الذي أفخر به، وقد رشحته بنفسي ليكون قائدًا مساعدًا لأوركسترا المسرح الغنائي».

مايسترو فرقة أم كلثوم.. وعاشق الطرب الأصيل

ومن أبرز محطات الراحل الفنية، قيادته لـفرقة أم كلثوم للموسيقى العربية، تلك الفرقة التي تعد من أعرق فرق الموسيقى في مصر، والتي قدمت حفلات كبرى داخل مصر وخارجها، واستعادت التراث الأصيل لكوكب الشرق، بروح جديدة وقيادة فنية واثقة.

تحت قيادة نصير، استطاعت الفرقة أن تحافظ على الخط الكلاسيكي الذي عُرفت به، مع تقديم تجديدات مدروسة على صعيد التوزيع الموسيقي وتكوين التخت، وكان دائمًا ما يحرص على اختيار العازفين بدقة، ويعطي لكل آلة دورها التعبيري والبصري على المسرح.

كما شارك في إعداد وتدريب فرق غنائية وموسيقية تابعة لدار الأوبرا المصرية، وساهم في تأسيس وتطوير عدة أوركسترات شبابية، إيمانًا منه بأن نهضة الموسيقى لا تكتمل إلا برعاية الأجيال الجديدة.

أستاذ الأجيال وصاحب البصمة الأكاديمية

لم يكن نصير فنانًا فقط، بل كان أستاذًا أكاديميًا مرموقًا، حيث ناقش عددًا كبيرًا من رسائل الدكتوراه والماجستير في المعهد العالي للموسيقى العربية، وكان يحرص على تشجيع البحث العلمي في مجال الأداء والعزف والتوزيع الموسيقي.

تخرج على يديه مئات الطلاب في تخصصات مختلفة، منهم من أصبحوا عازفين كبار، ومنهم من تولى مناصب أكاديمية وفنية مرموقة داخل مصر وخارجها. 

وكان دائمًا ما يُشيد بأهمية التأسيس العلمي في الأداء الفني، ويرفض منهج الحفظ الأعمى، مؤمنًا بأن الموسيقى لغة عقل وقلب معًا.

وداع بصمت ودموع الرفاق

ورغم ما قدمه المايسترو الكبير من خدمات جليلة للموسيقى العربية، فإن رحيله جاء هادئًا، دون ضجيج، كما كان دائمًا في حياته؛ فنان لا يطلب الضوء، بل يترك بصمته في الظل. 

وقد امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي أمس بكلمات الرثاء من محبيه وتلاميذه، الذين استعادوا ذكرياتهم معه في قاعات المعهد وعلى خشبات المسارح.

قال أحد طلابه: «كان أستاذًا حقيقيًا، لا يكتفي بتعليم النوتة، بل يُعلمنا كيف نحترم الموسيقى، وكيف نحبها، وكيف نصبر على طريق الفن الطويل».

رحل المايسترو سامي نصير، جسدًا، وبقي أثره حيًا في القلوب، في النوتات التي علّمها، وفي الفرق التي قادها، وفي الطلبة الذين أفاض عليهم من علمه وتجربته.

 إنه نموذج للفنان المعلم، الذي جمع بين الموهبة والإدارة، بين الحس المرهف والانضباط الأكاديمي.

وداعًا مايسترو سامي نصير.. ستبقى موسيقاك تتردد في القلوب، كما تردد القانون تحت أصابعك يومًا.

تم نسخ الرابط