هل تمويل شراء شقة عن طريق البنك بالفوائد يُعتبر من الربا؟

يتساءل الكثير من الناس عن حكم شراء شقة عن طريق البنك مع دفع الفوائد، وهل يعد ذلك من الربا أم لا، وقد أجابت دار الإفتاء المصرية على هذا التساؤل موضحة أن شراء الشقة من البنك ودفع الفوائد لا يعد ربا، وذلك لأن الشقة نفسها تدخل في التعامل باعتبارها سلعة، وإذا توسطت السلعة في البيع فلا يكون هناك ربا، بل يكون ذلك نوعًا من التمويل المباح شرعًا للشقة.
وقد أوضح الدكتور أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن هناك شرطين أساسيين يتحققان في البيع بالتقسيط للشقة وهما أن يكون إجمالي الثمن معلومًا بشكل واضح، بالإضافة إلى أن يكون أجل السداد محددًا ومعروفًا، وبالتالي فإن هذه المعاملة تعتبر تمويلًا وليست من الربا المحرم.
حكم شراء السيارات بالتقسيط من البنوك
ورد إلى دار الإفتاء المصرية سؤال حول حكم شراء السيارات بالتقسيط من البنوك، وهل تعتبر هذه المعاملة حلالًا أم حرامًا، وقد أجابت دار الإفتاء بأن شراء السيارات بهذه الطريقة جائز شرعًا، ولا يوجد أي حرج أو حرمة في ذلك، وذلك لأن السيارة تُعتبر سلعة تدخل في البيع، وإذا توسطت السلعة فلا يكون هناك ربا.
وفي نفس السياق، أكد الشيخ خالد عمران، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حواره في برنامج “في حب الرسول” المذاع على قناة صدى البلد، أن شراء السيارات من البنوك بنظام التقسيط والفائدة هو أمر جائز شرعًا، ولا يعد من باب القروض الربوية، وإنما هو تمويل يهدف إلى تسهيل امتلاك السيارة لمن لا يستطيع دفع ثمنها كاملًا مرة واحدة.
وأشار الشيخ خالد عمران إلى أن هذه المعاملة تعتمد على وجود السلعة كوسيط في البيع، مما يميزها عن القروض التي تهدف إلى تحقيق ربح مالي دون وجود سلعة، وهو ما يجعلها بعيدة عن الربا المحرم.
حكم شراء السلع وبيعها بالتقسيط
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا حول حكم شراء السلع وبيعها بالتقسيط، وقد أجابت بأن الله سبحانه وتعالى أحلَّ البيع وحرم الربا، حيث قال في كتابه الكريم: ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، ومن القواعد الشرعية المعروفة أن “إذا توسطت السلعة فلا ربا”.
وأوضحت دار الإفتاء أن شراء سلعة لشخص ثم بيعها له بالتقسيط هو أمر جائز شرعًا، ولا يؤثر في ذلك كون المشتري غير مالك للسلعة وقت طلبها، حيث إنه يقوم بشرائها أولًا لنفسه ثم يبيعها بالتقسيط لمن يرغب، وهذا لا يُعد من قبيل الربا.
واستشهدت دار الإفتاء بقول الإمام الشافعي الذي أوضح أن الأصل في المعاملات التجارية هو الإباحة، ما لم يكن هناك نص شرعي يدل على التحريم، وأكدت أن البيع بالتقسيط يندرج تحت هذه المعاملات المباحة.
وأضافت الدار أن الشخص الذي يشتري السلع بأمواله لطالبها ثم يبيعها له بالتقسيط، يكون قد أجرى معاملة مركبة من عمليتين، الأولى هي شراء المنتج نقدًا بسعر حالّ، والثانية هي بيعه بالتقسيط بسعر مؤجل، وهذا البيع صحيح شرعًا لأن البائع أصبح مالكًا للسلعة قبل بيعها للمشتري.
كما أشارت دار الإفتاء إلى أن العبرة في العقود تكون بمقاصدها ومعانيها، وليس فقط بألفاظها ومبانيها، ولذلك فإن هذا النوع من البيع يعد جائزًا، حيث إن البائع يتحمل أي عيب في السلعة حتى تصل إلى المشتري، ويكون له الخيار في قبولها أو رفضها، وهو ما يؤكد أن العملية تتم وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية.
مشروعية البيع بالتقسيط وزيادة الثمن مقابل الأجل
أكدت دار الإفتاء المصرية أن البيع بالتقسيط يجوز شرعًا سواء كان الثمن حالًّا أو مؤجلًا إلى وقت معلوم، كما أن الزيادة في الثمن مقابل الأجل المعلوم تعد جائزة شرعًا وفقًا لرأي جمهور الفقهاء، لأن هذه الزيادة تعتبر من قبيل المرابحة، وهي نوع من أنواع البيوع المشروعة.
وأوضحت أن الأجل في البيع وإن لم يكن مالًا في حد ذاته، إلا أنه في باب المرابحة يمكن أن يُزاد في الثمن لأجله، بشرط أن يكون الأجل محددًا ومعروفًا للطرفين، وذلك من أجل تحقيق التراضي بين البائع والمشتري، كما أن حاجة الناس الماسّة لهذا النوع من المعاملات تبرر مشروعيته.
وبذلك يتضح أن شراء الشقق والسيارات والسلع من البنوك بنظام التقسيط الذي يتضمن فائدة لا يدخل في باب الربا، وإنما هو تمويل مشروع طالما أن السلعة هي الوسيط في المعاملة، ويُراعى فيه تحديد الثمن الإجمالي وأجل السداد بشكل واضح.