الأمم المتحدة: آثار النزاع الحالي في لبنان تفوق تداعيات حرب 2006
في ظل تصعيد الغارات الإسرائيلية على لبنان، أشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن تصاعد الأعمال العدائية في البلاد ألحق خسائر فادحة بحياة الناس وسبل عيشهم.
وأضاف البرنامج أن الوضع الاقتصادي اللبناني يواجه خطرًا كبيرًا، حيث من المتوقع أن ينكمش الاقتصاد بنسبة تصل إلى 9.2% إذا استمر التصعيد الحالي حتى نهاية العام.
تدهور الناتج المحلي الإجمالي
في تقييم سريع أصدره البرنامج، أوضح أن خطر التراجع الحاد في الناتج المحلي الإجمالي يضاف إلى الانكماش الكبير الذي تم تسجيله بين عامي 2018 و2022، والذي بلغ 28%.
ومن المحتمل ان يمحو الانكماش المكاسب التي تحققت في الاستقرار الاقتصادي النسبي في عام 2023، حتى في حال توقفت الأعمال العدائية بحلول نهاية عام 2024، يُتوقع أن يستمر الاقتصاد في الانكماش، مع تراجع إضافي بنسبة 2.3% في عام 2025 و2.4% في عام 2026.
ويعود ذلك إلى عدة عوامل، بما في ذلك تباطؤ النشاط الاقتصادي وتراجع جهود التعافي وإعادة الإعمار، فضلاً عن الخسائر الكبيرة في رأس المال في جميع القطاعات، بما في ذلك البنية التحتية والمباني والمصانع والمعدات.
علاوة على ذلك، من المتوقع أن يؤدي تباطؤ الاقتصاد إلى انخفاض في الإيرادات العامة بنسبة 3.2% في عام 2025 و3.1% في عام 2026.
وهذا من شأنه أن يزيد من التحديات المالية التي تواجه الحكومة ويقلل من قدرتها على توفير الخدمات العامة الأساسية التي يحتاجها المواطنون، مما يضع عبئًا إضافيًا على كاهل الشعب اللبناني.
معاناة الشعب اللبناني
وبحسب مدير البرنامج أخيم شتاينر، فإن الشعب اللبناني يواجه تهديدًا مباشرًا لحياته، ويعاني أيضًا من ارتفاع معدلات الفقر، وعدم الاستقرار الاجتماعي، والاضطرابات المدنية.
وأكد شتاينر على أن استمرار الصراع سيكون له آثار خطيرة للغاية على الاقتصاد والتنمية في لبنان على المدى الطويل.
لذلك، فإن الحاجة ملحة إلى وقف فوري لإطلاق النار، إلى جانب دعم ثابت من المجتمع الدولي، بما في ذلك الإغاثة الإنسانية العاجلة والدعم الشامل لاستقرار الاقتصاد والمؤسسات.
كما أشار التقرير إلى أن خطر توسع دائرة الحرب إقليميًا، بالإضافة إلى استخدام تقنيات عسكرية متقدمة في عام 2024، يميز الصراع الحالي عن الصراعات السابقة، مما يُلحق تأثيرًا شديدًا وبعيد المدى على الناتج المحلي الإجمالي وفرص العمل والنسيج الاجتماعي في لبنان.
وقد حذر البرنامج من أن حجم الأعمال العدائية الحالية والسياق الجيوسياسي المحيط بالأزمة، والأثر الإنساني والتداعيات الاقتصادية لعام 2024 يفوق بكثير ما نتج عن حرب عام 2006، والتي أدت إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 8 و10%.
تراجع في مؤشر التنمية البشرية
تأثر مؤشر التنمية البشرية في لبنان بشدة نتيجة الأزمة الاقتصادية المستمرة منذ عام 2019، بينما تستغرق آثار الأزمات عادةً سنوات لتنعكس في المؤشر، فإن عواقب الأعمال العدائية الحالية ستؤثر بشكل كبير على الأجيال الحالية والمقبلة، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً للحيلولة دون تفاقم الوضع.
وفي هذا السياق، قالت الممثلة المقيمة للبرنامج بليرتا أليكو إنهم يعملون على دعم الشعب اللبناني من خلال جهود الاستجابة التي تقودها الحكومة لضمان استمرار الخدمات الأساسية الضرورية.
وقد شهدت البلاد تزايدًا مضطردًا في حاجات المتضررين من الصراع المتصاعد، حيث يركز برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على دعم النازحين والمجتمعات المحلية التي تستضيفهم.
الآثار الاقتصادية على القطاعات الحيوية
وفي النهاية، ترتب الأعمال العدائية آثارًا اقتصادية عميقة على المدى القصير، حيث يشهد لبنان انكماشًا شديدًا في قطاعات رئيسية مثل السياحة والزراعة والصناعة والتجارة.
نتيجة لتعطيل المعابر التجارية وسلاسل التوريد، بالإضافة إلى الأضرار المباشرة الناتجة عن الاعتداءات، اضطرت العديد من المؤسسات التجارية، خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة، إلى إغلاق أبوابها أو تعليق نشاطاتها.
تشير تقديرات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن ارتفاع معدلات البطالة سيؤثر على حوالي 1.2 مليون عامل في جميع أنحاء البلاد، مع توقع أن يرتفع معدل البطالة إلى مستوى قياسي قدره 32.6% بحلول نهاية العام.